تستحق قارة أفريقيا اهتماما خاصا ضمن جهود التصدي للتغير المناخي، حيث تتزايد المراكز الحضرية، مهددة بزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، في حين أن نصف الزيادة السكانية المتوقعة في العالم خلال العقدين القادمين ستكون في القارة السمراء.
وتُظهر أحدث البيانات المتعلقة بالهدف السابع من أهداف الأمم المتحدة التنمية المستدامة، الخاص بالحصول على طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة للجميع بحلول عام 2030، أن التقدم في أفريقيا لا يزال بعيداً عن المسار الصحيح لتحقيق الأهداف العالمية، فهناك 565 مليون شخص يفتقرون إلى الكهرباء، و900 مليون آخرين يفتقرون إلى حلول الطهي النظيف، في حين يهدد الوباء بعرقلة أي تقدم.
ومن هذا المنطلق، كان اهتمام دولة الإمارات المبكر بالقارة السمراء، حيث عملت من خلال العديد من المبادرات التي ينفذها صندوق أبوظبي للتنمية وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) على تحقيق التوازن ما بين تنمية الحاجات الاقتصادية للسكان والتغير المناخي.
ويدعم صندوق أبوظبي للتنمية جهود الدولة نحو دفع عجلة التحول في مجال الطاقة حول العالم من خلال تمويل مشاريع مبتكرة للطاقة المتجددة. وكان لهذه المبادرات تأثير قوي على اقتصادات وبيئة البلدان المستفيدة وخاصة الأفريقية منها بحيث تتقدم على طريق الجمع بين ثنائية انتاج الطاقة النظيفة والحفاظ على أهداف التنمية الوطنية.
و قام الصندوق بتمويل 90 مشروعاً على مدى عقد بقيمة 4.7 مليار درهم (1.3 مليار دولار أمريكي) استفادت من هذه المشاريع 65 دولة من خلال دعم اقتصاداتها وتحسين نوعية الحياة.
استفادة لملايين الأفارقة
وفي أفريقيا على سبيل المثال، قدم الصندوق قرضاً بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي للنيجر لتمويل «مشروع كهربة 100 قرية» لتوفير الكهرباء لسكان 45 قرية عبر ألواح للطاقة الشمسية في المنازل.
كما استفادت ليبيريا من قرض قيمته 8 ملايين دولار من الصندوق لتنفيذ مشروع للطاقة الكهرومائية على نهر جي لتوفير الطاقة لنحو 30 ألف ليبيري، بالإضافة إلى المدارس والمراكز الصحية والشركات الصغيرة والمتوسطة.
في السودان، موّل الصندوق مشروعين للطاقة المتجددة، كان سد مروي ثاني أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في البلاد وواحداً من أكبر المشاريع في أفريقيا. ينتج 1250 ميغاواط من الكهرباء يستفيد منها أكثر من 30 مليون شخص. ساهم صندوق أبوظبي للتنمية بمبلغ 735 مليون درهم (200 مليون دولار أمريكي) في المشروع.
في أرض الصومال، تم افتتاح مشروع ممول من قبل الصندوق في مدينة بربرة لمساعدة الدولة الوليدة في مواجهة الطلب المتزايد على الطاقة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 50000 شخص.
وبتكلفة 29.3 مليون درهم إماراتي، يمثل مشروع الشبكة الهجين في بربرة البالغة قدرته 7 ميغاوات تحولاً حاسماً للمدينة، حيث يخفض بصورة كبيرة تعريفات الكهرباء إلى جانب دعم التنمية الاقتصادية وتقليل الانبعاث الكربوني للبلاد.
وفي توغو، تم تمويل محطة للطاقة الشمسية بقيمة 55 مليون درهم إماراتي (15 مليون دولار أمريكي) لإنتاج 30 ميغاواط من الطاقة التي تغطي احتياجات 600 ألف أسرة وتحسين نوعية الحياة.
وقام الصندوق بتمويل مشروع سد سنجلو في مالي، الذي يعتبر أحد أهم مشاريع الطاقة في الدولة، حيث يولد 12 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية. كما مول تطوير سد طاوسة شمالي شرقي البلاد، لرفع مستويات المعيشة من خلال توليد الكهرباء للسكان المحيطين به.
وكانت أفريقيا كذلك ضمن أولويات مشاريع «مصدر» التي تستثمر في مبادرات في أكثر من 30 دولة حول العالم بقيمة استثمارية بلغت 19.9 مليار دولار.
محطة شعب الإمارات
في مصر، نفذت «مصدر» عدة مشاريع، حيث طورت 3 محطات للطاقة الشمسية بمحافظة الوادي الجديد لتحسين البنية التحتية بالمحافظة، وتنشيط الزراعة.
وتقع المحطات في مدن الفرافرة وأبومنقار ودرب الأربعين، حيث توفر الطاقة الكهربائية لأكثر من 4800 منزل، وتساهم في تجنب انبعاث أكثر من 8700 طن من ثاني أكسيد الكربون.
كما كانت محطة «شعب الإمارات» للطاقة الشمسية الكهروضوئية، في سيوة بقدرة 10 ميغاواط، أكبر محطة للطاقة الشمسية في مصر عندما تم تركيبها في مارس 2015، وتزود أكثر من 6000 منزل في المدينة سيوة والمناطق المحيطة بها بالكهرباء النظيفة بشكلٍ آمن.
ويأتي هذا المشروع في إطار برنامج لتوفير الطاقة الشمسية لـ264 من المجتمعات والقرى والأحياء النائية بالكهرباء. وبالإضافة لذلك، ركبت «مصدر» 7000 نظام مستقل للطاقة الشمسية المنزلية، في المنازل والمباني العامة في مناطق نائية، لا تصلها شبكة الكهرباء الوطنية، في 6 محافظات، هي سوهاج، ومطروح، وقنا، وأسوان، والأقصر، والوادي الجديد.
بالإضافة إلى محطات طاقة شمسية صغيرة في 5 محافظات مصرية منها البحر الأحمر.
أول محطة هجينة
كما ساهمت الإمارات في مشروع محطة «نور ميدلت» للطاقة الشمسية بالمغرب ضمن ائتلاف يضم شركة «إي دي إف رينوبلز»، وشركة «جرين أوف أفريكا». وهو أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم، تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة، ويخفض الانبعاثات الكربونية بمعدل 600 ألف طن سنوياً.
كما ساهمت «مصدر» بمشروع تركيب 19 ألفاً و438 نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية، وستوفر أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية الكهرباء لـ99% من المناطق الريفية بالمغرب، ما سيحسن حياة أكثر من 95 ألف إنسان لم تصلهم الكهرباء سابقاً.
وتنفذ «مصدر» أكثر من مشروع في موريتانيا، أولها «محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية الكهروضوئية»، وهي تمثل 10% من إجمالي قدرة شبكة الكهرباء بموريتانيا، وتكفي لإمداد نحو 10 آلاف منزل في نواكشوط بالكهرباء.
أما المشروع الثاني فهو برنامج إمداد المناطق الريفية بالكهرباء في موريتانيا، بقدرة 16.6 ميغاواط في 8 مجتمعات نائية، وتم تدشين البرنامج في 2016، بتمويل من حكومتي موريتانيا وأبوظبي.
وتلبي هذه المحطات ما يصل إلى 30% من الطلب على الكهرباء بتلك المجتمعات التي كانت لا تصلها إمدادات شبكة الكهرباء الوطنية، وتلبي احتياجات نحو 39 ألف منزل.
كما نفذت "مصدر" عدة مشروعات في سيشل، منها محطة لطاقة الرياح، بتكلفة 103 ملايين درهم (28 مليون دولار أمريكي)، بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية، ما يوفر 8 ميغاواط من الطاقة تمثل 8% من قدرة الطاقة في جزيرة ماهي التي يعيش عليها 90% من سكان البلاد.