الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

فيديو.. كيف فقد الطفل اليمني إدريس ذراعه وقدميه بلغمٍ حوثي؟

«أتمنى أن تعود بي الحياة 3 سنوات إلى الوراء وأرى نفسي بخير»، بصوت حزين قالها الطفل اليمني إدريس عُمر سالم (10 سنوات) الذي تعرض لإصابة في انفجار لغم من مخلفات الحوثيين في محافظة الحديدة غربي البلاد، أواخر عام 2018.

بعد رحلة نزوح قسريةٍ شاقة استغرقت زهاء 6 أشهر في محافظة لحج جنوبي اليمن، عادت أسرة عُمر سالم مهيم، إلى منزلها في بلدة «القطابا»، شمال مديرية الخوخة، بمحافظة الحديدة، عقب تحرير المنطقة من الحوثيين؛ لكن الميليشيات الحوثية كانت قد أغرقت المكان بالألغام التي زُرعت حتى في داخل بعض المنازل، بما فيها منزل عمر.

لغم المنزل

في اليوم التالي من العودة، كانت الأسرة تعمل على إعادة ترتيب المنزل، في حين كان إدريس يبحث عن شيء ليلعب به، وعثر وقتها على جسمٍ معدني غريبٍ، لم يكن يدرك الطفلُ أنه لغم مموه تركه الحوثيون في المنزل قبل خروجهم من البلدة، فدفعه الفضول للعبث به والطرق عليه أملاً في معرفة ماهيته، فانفجر اللغم فجأة متسبباً في بتر يده وكلتا قدميه.

يقول إدريس لـ«الرؤية»، إنه لم يكن على علم بما سيحدث له، وهو نادمٌ لأنه أمسك باللغم الغريب، مضيفاً «كنت أحاول اللعب ولم أكن أعرف أني أمسكت بلغم متفجر، سمعت الانفجار ثم أغمي علي، وأفقت في المجمع (المركز الصحي)». وأضاف: «الحوثي أخذ يدي وقدمي وقتلني وأنا على قيد الحياة».

وبحسب تقرير للمشروع الإنساني السعودي «مسام» لنزع الألغام من الأراضي اليمنية وتطهيرها، فقد قتل أكثر من 20 ألف مدني من اليمنيين، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال؛ إثر تعرضهم لانفجارات ألغام الحوثيين، الذين «حوّلوا البلد إلى أكبر منطقة ملغومة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، من خلال حقول ألغام تنتشر بواقع 2.5 مليون لغم، زرعت في نحو 15 محافظة، ولا يزال أغلبها مزروعاً حتى اللحظة». بحسب تقارير رسمية.

إمكانات شحيحة

وأضاف إدريس «نُقلت إلى محافظة عدن، وقضيت شهرين متنقلاً في أروقة مستشفياتها، وعدت بعدها إلى منزلي وأنا فاقد 3 أطراف من جسدي، هي: قدماي، ويدي اليمنى».

وأبدى والد إدريس في حديثه لـ«الرؤية» الكثير من الحسرة على ابنه «لا أستطيع أن أفعل شيئاً لمساعدته، أشعر بالحزن والألم عندما أشاهده بهذا الحال، لا يستطيع العيش مثل باقي الأطفال».

وأشار الأب، الذي دأب على العمل صياداً للأسماك، إلى أنه لا يمتلك الإمكانات المالية الكافية لتركيب أطراف صناعية لابنه، تساعده على الحركة والمشي، لافتاً إلى أن ابنه يصحو في بعض الليالي باكياً من شدة الألم «بسبب المشي المستمر من المنزل إلى المدرسة والعكس، تتأثر قدماه المبتورتان بالمشي، فيصاب بالآلام التي لا تخف إلا عبر المُسكنات».

وتفاجأ محمد عمر عندما شاهد أخاه ملقى على الأرض ساعة الحادثة «رأيته كأنه ميت، قلت: حسبي الله ونعم الوكيل».

وأكد محمد لـ«الرؤية» أنه منذ ذلك اليوم سخر كل جهوده لخدمة أخيه الذي يكبره بعام، خاصة أنه أصبح بحاجة ماسة لمن يساعده «هذا واجب عليّ أن أقف معه».

طالب مجتهد

ويضطر محمد، في بعض الأحيان، إلى حمل أخيه إدريس، على ظهره من المدرسة إلى المنزل، إذا شعر الأخير بالتعب، حيث يواظب إدريس على التعلّم بشكل مستمر، ولم يوافق على طلب من أبيه بالتوقف عن التعليم والتزام المنزل لتجنب التعب، آملاً في أن يشق مستقبله وسط كل الصعاب حتى يصبح طبيباً في المستقبل.

ويتلقى إدريس تعليمه في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة الفتح بالقطابا، التي أعاد ترميمها وتأهيلها الهلال الأحمر الإماراتي بعد دمار واسع ألحقه الحوثيون المدعومون من إيران بالمدرسة، وهو «طالب ناجح ومجتهد ومثابر، رغم الإصابة التي حلّت به بسبب الألغام والمتفجرات التابعة للحوثيين»، كما يقول معلمه في الصف، يحيى عبدالله حمود.

وأشار المعلم يحيى إلى أن إدريس يحظى بكل التقدير بين معلميه وزملائه «لأنه استطاع أن يتغلب على الإعاقة ويحقق المنافسة، وهو الآن من أنجح الطلاب في المدرسة، ويمتلك همة وعزيمة وإصراراً لا يمتلكها أحد غيره في الصف».