الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مئوية التأسيس.. الأردن واحة استقرار وسط محيط مضطرب

على مر عقود نجحت المملكة الأردنية، التي تحتفل الأحد بمئوية تأسيسها، في الحفاظ على استقرارها وسط حروب واضطراب في محيطها بالشرق الأوسط.

ففي الوقت الذي اندلعت فيه الحروب وحركات التمرد في الجارتين سوريا والعراق، كان الأردن دولة آمنة تعمل وفق مبدأ نشر السلام والاستقرار في المنطقة عبر تحالف قوي مع جيرانها وقوى دولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة لا سيما وهي التي لها أيضاً حدود مع إسرائيل وروابط وتاريخ مشترك مع الفلسطينيين.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن الموقع الفريد للأردن فرض عليها دوراً محورياً وجعل البلاد ركيزة أساسية للأمن الإقليمي، وسط أحداث مضطربة عبر الحدود مع سوريا والعراق وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة.

وبحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي نيوز» الأمريكية، يرى الخبراء أن موقع الأردن كان يُنظر إليه على أنه «أصل ضخم» باعتباره «منطقة جغرافية عازلة» بين مناطق الصراع عبر التاريخ.

وقال توبياس بورك، الزميل المشارك في معهد رويال يونايتد، وهو مركز أبحاث في لندن، للشبكة: إن الأردن نقطة ارتكاز وسط الجزء الأكثر هشاشة وغير المستقر في الشرق الأوسط.. لقد لعب الأردن دور القنطرة.

صحيفة "نيويورك تايمز" من جهتها تقول إنه باعتبار الأردن بات موطناً لملايين الفلسطينيين، والحارس الرسمي للمسجد الأقصى في القدس المحتلة، فهو دولة مهمة لأي اتفاق سلام مستقبلي بين إسرائيل والفلسطينيين، وبالتالي للعالم بأسره.

ونتيجة لهذه الأهمية الاستراتيجية الإقليمية للأردن، فإن الولايات المتحدة تحافظ على علاقات وثيقة مع الأردن، وقدمت العام الماضي أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات للحكومة الأردنية، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.

وكانت هذه الأهمية الاستراتيجية للأردن سبباً في أن سارعت العديد من دول المنطقة والعالم للتأكيد على دعمهم الكامل للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني واستقرار المملكة خلال أزمة الأمير حمزة التي شهدتها المملكة مؤخراً.

بلد على مستوى التحديات

ويقول بورك، الزميل المشارك في معهد رويال يونايتد إن «رد الفعل السريع وعلى أعلى مستوى تجاه الأحداث في الأردن يظهر دعماً لا لبس فيه على الإطلاق للملك عبدالله».

الدعم الدولي الواسع للأردن يعبر أيضاً عن إدراك العبء الذي تنهض به الآن المملكة وسط ظرف إقليمي وعالمي صعب، فهي في وسط موجة وحشية من فيروس كورونا. ويكافح اقتصاد البلاد لتحمل تداعيات الحرب السورية التي يعد الأردن من أكثر الدول تضرراً منها، وهو ما أكده موقع «ناشيونال انتريست» الأمريكي، قائلاً إن الأردن واجه سلسلة من التحديات الرهيبة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك استضافة ملايين اللاجئين والضغوط الجديدة الناجمة عن جائحة كوفيد -19.

وأشار الموقع في تقرير مطول إلى أن الأحداث الأخيرة في المملكة الأردنية كشفت إدراك العالم لأهميتها لاستقرار الشرق الأوسط بالكامل، لذلك لم تدخر دول العالم وسعاً في التعبير عن الدعم.

وأكدت دولة الإمارات، تضامنها الكامل مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، ووقوفها وتأييدها ومساندتها التامة لكل القرارات والإجراءات التي يتخذها الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني لحفظ أمن واستقرار الأردن ونزع فتيل كل محاولة للتأثير فيهما.

وقالت وزارة شؤون الرئاسة في بيان إنه انطلاقاً مما يربط البلدين الشقيقين وقيادتيهما من روابط وثيقة وعلاقات تاريخية، تؤكد دولة الإمارات أن أمن واستقرار الأردن هو جزء لا يتجزأ من أمنها، كما تؤكد دعمها ومساندتها الكاملة والمطلقة للقرارات والإجراءات كافة التي يتخذها جلالة ملك الأردن وصاحب السمو الملكي ولي عهد الأردن من أجل حماية أمن واستقرار الأردن وصون مكتسباته.

وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن بياناً قالت فيه «إننا نتابع التقارير عن كثب ونتواصل مع المسؤولين الأردنيين. الملك عبدالله شريك رئيسي للولايات المتحدة، وهو يحظى بدعمنا الكامل».

وفي نفس الوقت أصدرت مختلف الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بيانات داعمة لسيادة الأردن وأمنه واستقراره.

وبحسب تقرير «سي إن بي سي نيوز» يؤكد الباحث البريطاني بورك أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بدأت مؤخراً في التواصل بشكل أكبر مع دول الشرق الأوسط، وتبقى المملكة عاملاً حاسماً لتحقيق هدف بايدن المتمثل في استخدام الدبلوماسية أكثر من التدخل العسكري في المنطقة.

ركيزة استقرار

ورغم أن الأردن بلد صغير يبلغ عدد سكانه أكثر من 10 ملايين نسمة، فهو حالياً موطن لأكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري ويضم ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، ورغم أن ذلك الوضع تسبب في ضغط هائل على موارد الدولة، لا يستغل الأردن هذا الوضع لابتزاز العالم، ويمارس مسؤوليته كركيزة لاستقرار المنطقة بالتعاون مع الشركاء الدوليين.

وفي السياق نفسه، قالت صحيفة الجمينر الأمريكية إن الأردن ركيزة أساسية لاستقرار الأوضاع في المنطقة ومحاربة الإرهاب، وأي تقلبات في داخله يمكن أن «تهز الشرق الأوسط». وأضافت أن الاضطراب الداخلي في الأردن قد يؤدي إلى تحويل الدولة ذات الموقع الاستراتيجي من محارب للإرهاب إلى ملاذ آخر لجماعاته.

لقد لعب الأردن دوراً رئيسياً في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش في سوريا والعراق، ونفذ ضربات وأتاح قواعد عسكرية، ونتيجة لذلك عقدت الولايات المتحدة اتفاقية عسكرية معه الشهر الماضي للاستمرار في هذا الدور.

وبحسب صحيفة «إسرائيل اليوم» "تساهم اتفاقية الدفاع العسكري الأردنية- الأمريكية، في تعزيز استقرار الأردن ضد مخاطر عديدة، مثل جماعة الإخوان وداعش، والأخطار الإقليمية، ما يساهم في تعزيز استقرار الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة إن الاتفاقية تعزز استقرار الأردن، وستساهم في العمليات الأمريكية ضد الإرهابيين والمتطرفين، في سوريا أو العراق، في حين تسعى واشنطن لتخفيض تواجدها العسكري بالمنطقة.

الخبير في شؤون الشرق الأوسط، المحاضر في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، هيلال فريستش أكد أن الاتفاقية تعكس أهمية الأردن المتزايدة في المنطقة، كمركز لوجيستي وعملياتي، في ظل الحديث عن الانسحاب الأمريكي من العراق وسوريا، واستمرار الحاجة للوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة، مضيفاً أن أهمية تلك الاتفاقية تأتي في ظل استمرار خطر داعش ومحاولات دول إقليمية زعزعة استقرار المنطقة ويبدو أن ذلك الوضع لن ينتهي قريباً.