الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

المغرب.. مشاريع الشيخ زايد شاهدة على التنمية وعمق العلاقات مع الإمارات

«بتوفر كافة أنواع الأجهزة والآليات الطبية والجراحية والمعملية المتطورة والحديثة فيه، وتعدد وظائفه وتخصصاته، وتقديمه لعلاجات لكافة الأمراض، يعد هذا المستشفى الفريد، الوحيد من نوعه في المغرب وفي أفريقيا»، هكذا وصف الدكتور عبدالكريم القباج، مستشفى الشيخ زايد بالعاصمة المغربية الرباط الذي يرأسه.

ومستشفى الشيخ زايد بالرباط، صرح طبي تم بناؤه ما بين عامي 1991 و1998 بمنحة مالية من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وبلغ حجم المنحة المخصصة لمستشفى الشيخ زايد «نحو 45 مليون دولار أمريكي»، بحسب ما أعلنه المدير العام لصندوق أبوظبي للتنمية وقتها، سعيد خلفان مطر الرميثي، بمناسبة افتتاح المستشفى، في يوليو 1998.

مشاريع إنسانية وخيرية

مستشفى الشيخ زايد بالرباط، الذي يضم أكثر من 200 سرير، ويستقبل مئات المرضى يومياً، ليس إلا واحداً من عدة مشاريع إنسانية وخيرية، أهداها الشيخ زايد لأبنائه في المملكة المغربية، التي كانت تربطه بها، وبشعبها، وملكها السابق، الحسن الثاني، رحمه الله، علاقة تقارب، وحب، وأخوة، استثنائية.

وحرص الشيخ زايد على تخصيص منح مالية ضخمة، وإصدار توجيهات، لتنفيذ مجموعة من المشاريع في المغرب، كان من بينها بناء المساجد، والمساكن، والمدارس، والمستشفيات، والمراكز الطبية، ومراكز رعاية الطفولة، والمراكز الطبية المتنقلة، وزراعة المناطق الريفية بأشجار الزيتون، وإقامة السدود المائية، وحفر الآبار، التي ساهمت في توفير المياه، ما نتج عنه زيادة المساحات الخضراء المزروعة، وبالتالي استفادة المغاربة من تزايد الإنتاج.

ورغم وفاة الشيخ زايد في 2 نوفمبر 2007، إلا أن المشاريع الإنسانية والخيرية لا تزال تُنفَّذ باسمه في المغرب حتى الآن، من خلال مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية.

مواقف حية

«في عام 1978 عشت موقفاً حياً مع الشيخ زايد في صحراء أبوظبي، عرفت من خلاله كم هو كريم»، هكذا يقول الوزير السابق والسياسي المغربي البارز، مولاي امحمد الخليفة، في حديث لـ«الرؤية».

وأضاف الخليفة، الذي شغل منصب وزير في حكومتين مغربيتين متتاليتين، أنه «توجه رفقة مجموعة من أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية، وهو أحدهم، إلى الإمارات العربية المتحدة، وقابلوا الشيخ زايد، ليمنحهم بعض التمويل لفائدة صندوق تنمية المدن العربية التابع للمنظمة، والذي يمنح قروضاً بدون فوائد لفائدة المدن العربية، التي تحتاج إلى وسائل التطوير، من مكتبات، ومسارح، ومجازر، وكل ما يمكن للمدينة العربية أن تحتاج إليه».

وأردف الخليفة «أن الشيخ زايد، الذي قابلوه في خيمة في الصحراء حيث كان يقضي يوم عطلته، قرر التبرع للصندوق المذكور بمبلغ 5 ملايين دولار أمريكي، ووعدهم بمواصلة دعم الصندوق».

وكشف الخليفة أن «الشيخ زايد قال لهم بلهجته الخليجية إن المال العربي ليس أغلى من الدم العربي. وطلب منهم تخصيص جزء من تلك الأموال لدعم المدن الفلسطينية».

واعتبر المصدر نفسه أن الشيخ زايد رحمه الله، لا يحتاج إلى أي قائل، لكي يذكّر بعطاءاته الإنسانية السخية في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما في المغرب، الذي كان الشيخ زايد يعتز بحضارته، وتاريخه، وثقافته، ومعماره، موضحاً أن الشيخ زايد كان مستعداً للعطاء، ولم يكن يعتبر أن المال أهم من دماء المسلمين.

مصلحة المواطن العربي

ومن جانبه، قال رئيس المركز المغربي للتطوع والمواطنة، محمد العصفور، «إن كل ما كان لله دام واتصل، ولذلك فإن أعمال الشيخ زايد الإنسانية والخيرية ظلت متصلة خلال حياته وبعد مماته».

وأفاد العصفور، في تصريحات لـ«الرؤية»، بأن حرص الشيخ زايد على المزاوجة بين حكم الإمارات، وإطلاق المشاريع الإنسانية والخيرية المدروسة، التي تخدم مواطني الدول العربية كلها، وضمنها المغرب، في مناحي حياتهم اليومية، يفسر بتشبعه بالإنسانية، وعمل الخير، وبقوميته العربية والإسلامية.

وأوضح العصفور، الذي يحظى مركزه بعضوية الاتحاد العربي للتطوع، الذي يضم 17 دولة عربية من بينها الإمارات، أن مشاريع الشيخ زايد الإنسانية والخيرية في المغرب، صبَّت في مصلحة المواطن المغربي، فيما يخص الأمن الغذائي، والمساهمة في توفير التعليم والتطبيب الجيدين، والمساجد المشيدة وفق طريقة عصرية وجمالية إسلامية، لكي يؤدوا عباداتهم الروحية في أماكن لائقة.

وشدد العصفور، على «ضرورة الترحم على الشيخ زايد، والملك الحسن الثاني؛ نظراً لما قدماه لبلديهما، وللأمة الإسلامية جمعاء، وللعلاقة بين البلدين، التي تتقوى يوماً بعد يوم في الفترة الحالية، بين الملك المغربي، محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما جسده مؤخراً الموقف الإماراتي الداعم للموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية، وافتتاح قنصلية عامة للإمارات في المنطقة المذكورة، تجسيداً للروابط الأخوية المتينة بين العائلتين، التي شكلت على الدوام الدعامة الأساسية للعلاقات بين البلدين».

عاش بعد الثرى

ومن جهته، قال المحلل السياسي المغربي، محمد بودن، «إن شخصية الشيخ زايد كانت لها أيادٍ بيضاء في العديد من المبادرات الإنمائية، والإحسانية، والإنسانية، وتواترت له الكثير من المبادرات الخيرية على مستوى المملكة المغربية، وأن ذلك مشهود عبر الكثير من المباني والمنشآت الصحية وغيرها».

وأضاف بودن، في حديث مع «الرؤية» أن شخصية الشيخ زايد انعكست على صورة دولة الإمارات، وعلى علاقتها بالمملكة المغربية، التي يتأكد عمقها باستمرار، مبرزاً أن شخصية الشيخ زايد تنطبق عليها مقولة «ما مات من زرع الفضائل في الورى، عاش زمناً جديداً أو عمراً جديداً بعد الثرى».

وبين بودن «أن الشيخ زايد اختار هذا النهج، لأن كان يعتبر أن العمل الخيري هو أيضاً عمل مهم، في إطار ما يسمى بالقوة الناعمة. وأنه لم تكن لديه أيادٍ بيضاء فقط في العمل الخيري، وإنما أيضاً في الوساطة وحل النزاعات في العالم العربي، وكذلك في ما يتعلق بالبحث عن الحلول وعدم إهمالها»، مردفاً: «إنه كان شخصية وحدوية، تفكر في النماء الجماعي بدون فردانية، بمعنى أنه كان ينطلق من الأمن الجماعي والفكر الجماعي، بدون الانغلاق، والانعزال، والتفكير فقط في إطار قُطْرِيٍّ».

وأوضح المصدر نفسه أن نهج الشيخ زايد لا يزال مستمراً من طرف القيادة الإماراتية الحالية، التي تعتبر بدون شك خير خلف لخير سلف.