الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تونس.. النهضة وحلفاؤها يحولون جلسة برلمانية عن المحكمة الدستورية إلى «محاكمة» للرئيس

تونس.. النهضة وحلفاؤها يحولون جلسة برلمانية عن المحكمة الدستورية إلى «محاكمة» للرئيس
تحولت جلسة مجلس نواب الشعب التونسي، المخصصة، اليوم الثلاثاء، لمناقشة رد الرئيس، قيس سعيد، على التنقيحات التي اقترحها نواب المجلس على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، إلى «محاكمة» للرئيس نصبها له الائتلاف البرلماني الداعم للحكومة، والذي تقوده حركة النهضة الإخوانية، ويضم أيضاً ائتلاف الكرامة وقلب تونس، وذلك بعد رفض الرئيس سعيد المصادقة على التنقيحات.

واقترح نواب بالمجلس تعديلات على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، رفض الرئيس سعيد المصادقة عليها، مؤكداً على أن الدستور حدد أجل إقامة المحكمة الدستورية بعد عام فقط من المصادقة على الدستور، وهو ما تم في 2014، وبالتالي أصبحت المحكمة الدستورية الآن لاغية بعد مرور كل هذه السنوات دون تشكيلها.

وصوت المجلس في ختام جلسة اليوم بأغلبية كبيرة مرة أخرى على تعديلات القانون الأساسي للمحكمة الدستورية على أن يعيدها للرئيس للتصديق عليها.


ويمكن للمحكمة الدستورية المصادقة على عزل رئيس الجمهورية، باقتراح من البرلمان، ومعاينة شغور المنصب في حالة المرض، أو الوفاة، والمصادقة على نتائج الانتخابات، وفض الخلافات الدستورية في تنازع الصلاحيات بين الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية.


وينص القانون الأساسي للمحكمة على أن عدد أعضائها 12 عضواً؛ 4 يرشحهم مجلس نواب الشعب، و 4 يرشحهم رئيس الجمهورية، و4 يرشحهم المجلس الأعلى للقضاء، ولم يتمكن مجلس نواب الشعب في دورتيه (2014-2019) والدورة الحالية التي تنتهي 2022 إلا من انتخاب عضو واحد بسبب الخلافات السياسية.

وكانت المحكمة الدستورية قد تعطّل تشكيلها منذ 2015، رغم أن التحالف الحاكم آنذاك بين حركة النهضة الإخوانية، وحزب نداء تونس، كان يملك أغلبية مريحة، تمكنه من انتخاب 4 أعضاء للمحكمة الدستورية.

اتهامات البرلمان

وفي جلسة اليوم، أوكلت النهضة التصعيد الكلامي لنواب من كتل متحالفة معها كي لا تظهر الحركة العداء المباشر للرئيس، فيما يبدو.

وقال عبد المجيد بن عمار النائب عن حركة النهضة إن رئيس الجمهورية لا ينوي ختم القانون رغم أن الختم واجب من واجباته إذا تمت المصادقة عليه من الأغلبية.

وقالت لطيفة الحباشي، من حركة النهضة أيضاً، إن رئيس الجمهورية لم يتناول التعديلات ورسالته للبرلمان ليست فيها تعديلات بل هي رد سياسي.

وجاءت أقوى الاتهامات من جانب حلفاء النهضة.

واتهم رئيس كتلة قلب تونس، أسامة الخليفي، رئيس الجمهورية بأنه «يسعى إلى انهيار الدولة، وأنه معاد للمؤسسات».

وقال الخليفي، في كلمته بالمجلس، إن سعيد لم يناقش التعديلات المقترحة، بل رفضها بالجملة، ما يعني أنه لا يريد محكمة دستورية. وتساءل الخليفي: إلى أين يريد الرئيس أن نذهب بتونس وبالدولة؟

واتهم النائب عن كتلة الكرامة بالمجلس، محمد العفاس، الرئيس سعيد بأنه «قائد الانقلاب، بات مهووساً بالجيش والأمن، ويقود البلاد إلى حرب أهلية، ولم نجن منه إلا الوعود الزائفة».

وقال النائب المستقيل من كتلة قلب تونس، زهير مخلوف، خلال الجلسة، إن «الرئيس وضعنا أمام الإعصار، وعطّل استمرارية الدولة».

وقال النائب عن قلب تونس، فؤاد ثامر، إن «منطق الرئيس في الرد على التعديلات يمثل خطراً على استمرارية الدولة، إذ بنفس تبريره لانقضاء الآجال فإن المجلس الأعلى للقضاء لاغ أيضاً».

وفي كلمته أمام المجلس، قال رئيس كتلة الكرامة سيف الدين مخلوف، إن سعيد استخدم في رسالته إلى المجلس يوم الرابع من أبريل عبارة «السلام على من اتبع الهدى»، مشيراً إلى أن هذه التحية كان يستعملها الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مخاطبة المشركين.

وقال مخلوف إن الرئيس لا يريد محكمة دستورية، ولا يعترف بمجلس نواب الشعب، ولا بالدستور، «لو كانت هناك محكمة دستورية لطلبت عرض الرئيس على الفحص الطبي».

وكانت نتيجة تصويت من حضروا جلسة اليوم على تعديلات قانون المحكمة 141 موافقة مقابل اعتراض 15 وامتناع عشرة نواب عن التصويت.

لكن محللين استبعدوا أن يغير سعيد موقفه من التعديلات.

معركة لي الأذرع

جلسة مجلس نواب الشعب اليوم الثلاثاء،أكدت الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، بحسب الباحث في القانون الدستوري، الدكتور رابح خرايفي.

وقال الخرايفي لـ«الرؤية» إن رفض الرئيس سعيد ختم القانون لن يترتب عنه شيء، واصفاً هذه المعركة بمعركة لي الأذرع.

ويرى رئيس كتلة تحيا تونس، مصطفى بن أحمد، أن العلاقة بين الرئيس والتحالف الحكومي وصلت إلى نقطة اللاعودة.

وقال لـ«الرؤية» إنه «لا يوجد حل اليوم أمام المأزق السياسي الذي تعيشه تونس، إلا سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، والاتفاق على شخصية أخرى، وتنقيح الدستور، والذهاب إلى انتخابات مبكرة».

وفي سياق متصل قال المحلل السياسي، وعضو مجلس النواب السابق، عادل الشاوش، لـ«الرؤية» إن القطيعة بين الرئيس والتحالف الحكومي وصلت لنقطة الصدام المباشر، ولن يحل المأزق إلا بتراجع النهضة واستقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي.