السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

رمضان في الجزائر.. ليس كمثله شهر

ليس كمثله شهر عند الجزائريين، أيامه لا تضاهيها أيام السنة العادية، هذا الشهر الفضيل يحظى بأجواء مميزة جداً، لها طعم فريد من نوعه عندهم، فرمضان في الجزائر يجمع بين العبادة والتهافت على المساجد، ومتعة السمر والتواصل والتزاور بين العائلات.

الرجال.. واختيار مسجد التراويح

في كل ولايات الجزائر يبدأ الرجال خاصة بالتشاور فيما بينهم بتحديد المسجد الذي سيصلون فيه صلاة التراويح، وهنا يقع الاختيار بعد عرض مجموعة من النقاط، وأول هذه النقاط هي الصوت الحسن لإمام المسجد أثناء تلاوته القرآن الكريم، وبعدها مدى بعد موقع المسجد عن الحي، في محاولة من المصلين للخروج عن روتين أيام السنة، وتغيير الأجواء.

وفي العادة، تشهد المساجد في كل ولايات «محافظات» الجزائر إقبالاً منقطع النظير على صلاة التراويح حتى يضطر كثير من المصلين إلى الصلاة في الساحات العامة والشوارع القريبة من المساجد، وحتى الأطفال لهم نصيب من الإقبال على صلاة التراويح في محاولة من أولياء الأمور غرس القيم الإسلامية الرمضانية فيهم.

لكن الوضع تأثر للعام الثاني على التوالي بالإجراءات الاحترازية بسبب فيروس كورونا، حيث كان كل الوقت المخصص لصلاتَي العشاء والتراويح 40 دقيقة مع مراعاة التباعد الاجتماعي.

النساء.. وتجديد المطبخ

عند كل رمضان، تهم ربات الأسر الجزائرية بتجديد مستلزمات المطبخ، وتهيئة المنزل للسهرات الرمضانية بعد التراويح، حيث تشهد منازل الجزائريين برامج مكثفة طيلة أكثر من أسبوع قبل أول يوم للصوم، فتقوم النساء بقلب المنازل رأساً على عقب وتنظيفها، وتحديد مكان تناول الإفطار العائلي، ويتم تحديد هذا المكان بالترابط مع العوامل المناخية، من برد وحرارة، فإذا كان الجو بارداً، فستكون مائدة الإفطار داخل المنزل، أما إذا كان الجو معتدلاً فتكون المائدة خارج المنزل، في الشرفة أو في الحوش المنزلي.

المائدة والعائلة

من عادة الجزائريين في الشمال والجنوب، تناول الإفطار جماعياً دون غياب أي عنصر عن المائدة، فحتى الأطفال الذين لا يصومون مدعوون للالتفاف حول المائدة، لتعريفهم بمكانة الأسرة والعائلة.

ويعتبر اللبن أو الحليب، والتمر، والشوربة أو الحريرة، والبوراك، والزلابية ركائز أساسية في مائدة الجزائريين طيلة الشهر الفضيل، فلا تخلو المائدة منهم مهما كانت الحالة الاجتماعية للجزائري.

ويختلف الجنوب عن الشمال في توقيت الانتهاء من الإفطار، فبينما يفضل أهل الجنوب تناول اللبن والتمر وتأجيل باقي الإفطار إلى ما بعد صلاة التراويح، يفضل أهل الشمال الانتهاء من الإفطار في نفس الجلسة، والتفرغ للتراويح بعد ذلك.

أما في سهرات الجزائريين فالحلويات، مثل: قلب اللوز، البقلاوة، الزلابية هي مقصد المتسامرين بعد صلاة التراويح، فتجد الشباب يتناقلون أخبار أفضل محال الحلويات التقليدية، ويتوعدون بعضهم بعضاً في تحديات جميلة بأن يجلبوا لأصدقائهم بعضاً من حلوى هذا المحل أو ذاك.

التواصل الأسري

في رمضان، تشاهد وفود العائلات ليلاً تتجه نحو صلة الرحم وزيارة الأقارب وتجاذب أطراف الحديث حول صينية الشاي والقهوة والحلويات التقليدية، وهذا ما يعطي هذه الزيارات نكهة مختلفة عن سهرات الأيام العادية الأخرى، وعموماً تأتي هذه الزيارات بشكل دائري، ففي كل مرة يأتي الدور على عائلة في واجب استقبال الآخرين حتى ينتهي الشهر الفضيل.

الجائحة.. وغلاء الأسعار

شهدت الأسعار في الجزائر مؤخرا ارتفاعا محسوسا ضرب جيوب المواطنين في كل ربوع الدولة، وعليه شهدت مائدة الإفطار هذه السنة تحدياً وجودياً بفقدان بعض ركائزها الأساسية، خاصة بغلاء اللحوم الحمراء بأنواعها والخضر والفواكه والتمور التي أبى مؤشر أسعارها إلا مواصلة التحليق عالياً، ليصل إلى مستويات قياسية في الآونة الأخيرة.

وكما جاءت أزمة الزيت، والذي يعد مادة أساسية في المطبخ الجزائري اليومي، حملت هذه السنة مفاجآت جمة للحلويات التقليدية والتي شهدت تحركات تصاعدية سعرية، ما يغير من بعض العادات الرمضانية العتيقة.