الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

يعقوب محمد.. 3 عقود من العمل مع اللاجئين ودبي حققت نقلة مذهلة في خدمة الإنسانية

بعيداً عن أسرته وأبنائه وعلى مدى 3 عقود تنقل الباكستاني يعقوب محمد بين عشرات الدول التي شهدت أوضاعاً إنسانية صعبة ليقوم بمهامه ضمن فريق مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، حتى استقر به المقام في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي.

لم تثنِهِ المشاهد القاسية التي عايشها في رواندا وكوسوفو ودارفور وغيرها من البقع الساخنة التي نزل بها عن مواصلة العمل الإنساني لخدمة اللاجئين على مدى 30 عاماً، رأى فيها من المواقف ما يندى له الجبين وتقشعر من هولها الأبدان.

بدأ يعقوب، مسؤول الإمدادات بالمخزن العالمي لمفوضية اللاجئين في دبي حالياً، عمله مع المفوضية عام 1989 في مخيم للاجئين بباكستان ثم بعدها انتقل إلى أوغندا ومنها إلى العديد من الدول الأفريقية حيث تجاوزت محطات عمله 50 دولة ساهم خلالها في مهمات الطوارئ لإمداد اللاجئين بالطعام والدواء والأغطية والملابس.

يروي يعقوب في لقاء مع «الرؤية» بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الموافق 20 من يونيو، تجربته في العمل الإنساني حتى استقر به المقام في المدينة الإنسانية بدبي عام 2017، قائلاً إن فترة العمل في الإمارات هي الأفضل خلال عمله مع المفوضية لما يجده من تعاون وتسهيلات غير مسبوقة لخدمة المحتاجين في العالم.

بدأ يعقوب العمل في الإمارات عندما ساهم في افتتاح مكتب للمفوضية في دبي عام 2006، ثم انتقل للعمل في بعض الدول، ليعود مرة أخرى عام 2017، ليرى كيف تطورت خدمات العمل الإنساني واتسع حجمها بشكل مذهل بدعم من قيادات دولة الإمارات وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الّله.

وكانت أصعب لحظات مشواره الطويل، ما رآه خلال مشاركته في الإغاثة بكوسوفو 1999، من لحظات ومشاهد لا تنسى لآلاف من البشر الفارين من القتل، حيث زحفوا سيراً وهم حفاة على الجليد لآلاف الكيلومترات ليعبروا إلى دولة أخرى وكنا في انتظارهم في مقدونيا وتم استقبالهم في منتصف الليل.

ويضيف أن تجربته في رواندا التي تعرضت لحرب أدت إلى إبادة جماعية، أيضاً كانت من التجارب التي لا تنسى حيث تم مساعدة مئات الآلاف من الفارين من القتل، وتمكنت المفوضية آنذاك من بناء معسكر ضخم بين رواندا وتنزانيا بحجم مدينة ليسع 300 ألف شخص في ذلك الوقت بينهم كافة فئات المجتمع حتى إنه كان بينهم وزراء لكنهم فقدوا كل شيء.

ويشير يعقوب إلى أن العمل وسط هذا الكم من الضحايا رغم أنه محزن حيث يعاني الكبار والصغار، إلا أنه في النهاية عمل يشعر الإنسان بأن له دوراً كبيراً في خدمة إخوانه في الإنسانية، ورغم الصعوبات التي يواجهها في الابتعاد عن عائلته وأحياناً كان لا يتمكن من الاتصال بأطفاله لفترات طويلة مثلما حدث خلال عمله في أفريقيا حيث لم تكن خدمات الاتصال أو الإنترنت كما هي الآن، كما أنه اضطر في بعض المرات إلى العيش في خيمة لمدة عام في تنزانيا.

ومن أصعب اللحظات التي مر بها خلال عمله عندما سافر وأحد أبنائه في عمر عام، ولدى عودته بعد عامين فتح نجله الباب ولكنه لم يتعرف عليه، وهو ما كان صادماً له، ويشير يعقوب إلى أن تلك المواقف صعبة ولكن في النهاية عندما يكبر الأبناء يتفهمون ما يقوم به وهم فخورون بعمله.

ويقول يعقوب إن عمل المفوضية بدأ في دبي بمستودع، بالمدينة الإنسانية، مساحته نحو 3 آلاف متر مربع ليصل الآن لنحو 18 ألف متر مربع، مشيراً إلى أن القدرة على الاستجابة للأزمات والعمل الإنساني تضاعفت بأكثر من 600 مرة عما كانت عليه عند بدء العمل في دبي وازداد عدد الرحلات الإغاثية والمساعدات بشكل لا يصدق.

وبحسب يعقوب فإن مكاتب المفوضية ومستودعاتها في المدينة الإنسانية بدبي هي الأكبر من بين 7 مخازن إغاثية تابعة للمفوضية، وهي الأكثر والأسرع استجابة لعمليات المفوضية في الحالات الطارئة، حيث تمتلك بنية أساسية ممتازة وأفضل خدمات لوجستية، وواحداً من أفضل مطارات العالم، ويستغرق الأمر ساعات فقط لتنفيذ استجابة عاجلة، وهو ما حدث على سبيل المثال في بنغلاديش عام 2017، لإغاثة أقلية الروهينغا، فبدلاً من الانتظار نحو شهر لتنفيذ الاستجابة عبر البحر تم تنفيذ ذلك في غضون ساعات، ويمكنك أن ترى السعادة على وجوه من تم إغاثتهم بأغطية ومؤن في وقت سريع بدلاً من الانتظار لأيام وأسابيع.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الّله، قد أسس المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في عام 2003 من خلال دمج مدينة دبي للإغاثة ومدينة دبي الإنسانية.

وتعتبر المدينة العالمية للخدمات الإنسانية المنطقة الحرة الإنسانية الوحيدة غير الربحية والمستقلة، وتستضيف مجتمعاً متنوعاً من 87 عضواً بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية غير الحكومية، والمنظمات الحكومية الدولية، والشركات التجارية. ويتكون المجتمع الإنساني الدولي في دبي من نحو 500 شخص يمثلون أكثر من 68 جنسية.

في عام 2011، انتقلت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية إلى موقعها الاستراتيجي الحالي بالقرب من مطار آل مكتوم وعلى مقربة من ميناء جبل علي، من خلال مضاعفة حجمها 3 مرات من 30 ألف متر مربع سابقاً إلى 90 ألف متر مربع ومنح الأعضاء القدرة على نقل الشحنات من البحر في أقل من 10 دقائق.

واليوم، توسعت مكاتب ومستودعات المدينة العالمية للخدمات الإنسانية إلى 135000 متر مربع.