الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

لبنان.. مخاطر الانهيار تنذر بأزمة إقليمية أوسع

لبنان.. مخاطر الانهيار تنذر بأزمة إقليمية أوسع

المحتجون الغاضبون أشعلوا النيران وأغلقوا الشوارع. (إ ب أ)

ينذر الوضع المتدهور في لبنان بتوابع أكبر تتخطى حدود الدولة المنكوبة، حيث إن عدم تحرك المجتمع الدولي بشأن القضية لا يؤدي فقط إلى استمرار معاناة اللبنانيين، إلى جانب اللاجئين السوريين والفلسطينيين، بل يسمح بتطور أسوأ بكثير في المنطقة.

في خضم الاضطرابات في الشرق الأوسط مع تغاضي المجتمع الدولي عن مشكلات هذا البلد الصغير الواقع في شرق البحر الأبيض المتوسط، وإعطاء الأولوية لقضايا إقليمية أوسع، كاد لبنان يتحول إلى دولة فاشلة، لكن اعتبار حالة لبنان على أنها فكرة لاحقة، سيكون له آثار سلبية عميقة مع عوامل خارجية كبيرة، بحسب تقرير لمجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية.

واعتبر التقرير أن حالة لبنان متشابكة بشكل معقد مع الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وهو أمر يجب على قادة العالم إدراكه لمنع المأساة القادمة التي ستمتد إلى ما وراء حدود لبنان.

حجم القضايا السياسية والاقتصادية في لبنان يشير إلى المخاطر الكامنة في تجنب هذه القضية. ويرسم تقرير حديث للبنك الدولي صدر بعنوان «لبنان يغرق» صورة صارخة عن الوضع، حيث من المرجح أن تحل الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان بين العشر الأولى، وربما الثلاثة الأولى، والأكثر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

ويعرّف التقرير الأزمة على أنها «كساد متعمد»، في إشارة إلى أن الطبقة الحاكمة في لبنان لم تفعل سوى القليل لمعالجة القضايا الهيكلية التي تقوم عليها الأزمة، وأفضل تجسيد لها هو الفشل في تشكيل حكومة لأكثر من ثمانية أشهر. وبدلاً من إيجاد حلول، عمل القادة السياسيون اللبنانيون على الحفاظ على نظام المحسوبية الذي يثريهم، لأن الإصلاحات الهيكلية الجادة ستقضي على نهبهم البلاد. والنتيجة جمود سياسي مصطنع لا يضر سوى اللبنانيين.

وهنا يكمن الارتباط الإقليمي، حيث إن الوضع الاقتصادي المتدهور وفر المبرر لبعض السياسيين لإلقاء اللوم على اللاجئين السوريين في مشاكل لبنان اليوم، وهو أمر غير صحيح، حيث إن الحكومة لم تقدم إلا الحد الأدنى من الخدمات في المقام الأول.

لكن وجودهم قد وفر للنخب السياسية كبش فداء يزرع عدم الاستقرار بين الجماعات ذات الانتماءات المختلفة، ومن الممكن أن يتسبب هذا المنحى في عنف كبير. علاوة على ذلك، فإن أزمة العملة السورية مدفوعة بأزمة العملة في لبنان والعكس صحيح. التاريخ وحده، منذ اتفاق الطائف والتدخل السوري في لبنان، يصور طبيعة الترابط الحقيقي بين البلدين. في نهاية المطاف، يؤدي عدم الاستقرار داخل دولة واحدة بالتأكيد إلى نفس الشيء في جارتها.

وقال التقرير إن التنافس بين القوى المختلفة في سوريا يؤثر بالطبع على لبنان، وحالة الاستقطاب الحاد الذي تعيشه، ويمكن أن يتحول الوضع إلى عنف، نتيجة لوم أطراف عرقية مختلفة وتحميلها مسؤولية الانهيار، وقد يؤدي انهيار الدولة إلى سلسلة من ردود الفعل وأحداث قد تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، من بينها حركة نزوح جماعي لملايين الأشخاص.

هذه الموجة من النزوح سيكون لها تداعيات دولية كبيرة على عالم رفض بالفعل تدفقات هائلة من النازحين السوريين على مدى السنوات العشر الماضية.

بعبارات بسيطة، لا يمكن للمنطقة والعالم تحمل صدمة انهيار الدولة في كل من سوريا ولبنان، ولا التأثير اللاحق على الجهود المبذولة لتحقيق استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط، فقادة العالم غير مستعدين للتعامل مع مثل هذا السيناريو أيضاً.