السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مصر والإمارات.. نموذج لبناء العلاقات العربية-العربية

الأرقام لا بد أن تترك لك علامة على الباب، كما يقول المثل الأمريكي الشهير، حيث التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، نحو 26 مرة منذ 7 يونيو 2014 حتى لقائهما في قاعدة «3 يوليو» أمس السبت، بحسب تصريحات إعلامية سابقة للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي. وفي آخر 6 أشهر فقط التقى الزعيمان 3 مرات، حيث سبق لقاء أمس، لقاء في 16 ديسمبر 2020، وكذلك في 24 أبريل الماضي.

ويعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، القائد العربي الوحيد الذي حضر افتتاح وتدشين كل القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته في افتتاح قاعدة «محمد نجيب العسكرية» في يوليو 2017، مروراً بمشاركته في افتتاح قاعدة «برنيس» على البحر الأحمر في يناير 2020، وحتى حضوره أمس السبت، افتتاح قاعدة «3 يوليو» العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يؤكد ويعكس قوة و خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية في جميع المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

الإمارات كانت وما زالت من أكثر دول العالم دعماً لمصر وشعبها بالفعل والقول، وهذه العلاقة بين البلدين شكلت نموذجاً للعلاقات العربية العربية، القائمة على الوقوف معاً ضد كل التحديات والمخاطر التي تواجه الأمن القومي العربي. ويمكن القول إن العلاقة المتميزة الآن بين القيادتين والشعبين المصري والإماراتي، إنما هي استمرار لمسيرة العلاقات الوثيقة والمتميزة بين البلدين، وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد. فما هي مظاهر القوة في العلاقات المصرية الإماراتية؟ وكيف شكلت العلاقات بين القاهرة وأبوظبي رافعة للعمل العربي المشترك؟

الاستثمار في الاستقرار

منذ الدقائق الأولى التي تجلت فيها إرادة الشعب المصري لاستعادة هويته الوطنية من جماعة الإخوان، في ثورة 30 يونيو 2013، وقفت الإمارات بكل ما تملك من دعم سياسي واقتصادي بجانب الإرادة المصرية، وهذا الدعم مثل امتداداً للعلاقة التاريخية الخاصة التي تجمع شعبين البلدين، والتي أرساها، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ودعمها بقوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

من يقرأ تفاصيل العلاقات المصرية الإماراتية يتأكد له التطابق شبه الكامل في وجهة نظر الدولتين تجاه القضايا الإقليمية والدولية؛ حيث تتفق القاهرة وأبوظبي على ضرورة احترام القانون الدولي، ومكافحة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، وإرساء قيم التعايش المشترك وقبول الآخر، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السياسية والسلمية وطاولة الحوار، وليس بالبندقية والرصاص، وهو ما أثمر أن تحول محور «القاهرة ـ أبوظبي» إلى رافعة سياسية لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والشرق أوسطية. والبلدان لديهما إيمان كامل بأن «الاستثمار في الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل في الإقليم العربي، ولهذا تعمل مصر والإمارات بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد الصوت العربي في مواجهة كافة التحديات والتدخلات الخارجية، وأثمر هذا التعاون المصري الإماراتي عن دعم وتقوية «الدولة الوطنية العربية» في مواجهة التنظيمات والمليشيات الإرهابية والظلامية.

الأمن القومي العربي

ساهم التوافق في الرؤى بين الإمارات ومصر تجاه مختلف القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، في تعميق وترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، التي أصبحت رصيداً لكل الأمة العربية، من أجل التصدي لكل ما يحاك ضد الأمن القومي العربي، وهو ما تعكسه تصريحات ومواقف البلدين، حيث تؤكد القيادة المصرية، والرئيس عبدالفتاح السيسي، دائماً أن أمن مصر القومي مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة، وبدولة الإمارات خاصة.

تعاون عسكري

وإدراكاً لخطورة ما يمر به الإقليم العربي من تعقيدات وتشابكات شهدت الفترة منذ عام 2014 وحتى اليوم، تعاوناً غير مسبوق في المجال العسكري بين مصر والإمارات، حيث شاركت قوات البلدين البحرية والجوية والبرية في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة كان أبرزها فعاليات التمرين العسكري المشترك «زايد 3» في مايو الماضي، ومشاركة القوات الإماراتية في فعاليات التدريب المشترك «سيف العرب» في 22 نوفمبر الماضي، كما نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك «صقور الليل» في نوفمبر 2019، وفي 25 يوليو 2018 انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك «استجابة النسر 2018»، وقبلها في أبريل من العام ذاته جرت فعاليات التدريب البحري المصري الإماراتي المشترك «خليفة 3»، وغيرها الكثير والكثير من التدريبات والمناورات المشتركة بين البلدين، حسب ما أفادت به الهيئة المصرية العامة للاستعلامات.

دعم غير مشروط

وتشكل الجوانب الاقتصادية أحد الأعمدة القوية للعلاقات المصرية الإماراتية، وقد ساهمت الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية حتى أصبحت نموذجاً في العلاقات العربية والإقليمية. وقدمت الإمارات 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري عقب ثورة 30 يونيو، كما يعد السوق الإماراتي الوجهة الأولى للصادرات المصرية ويستقبل سنوياً نحو 11% من إجمالي صادرات مصر للعالم، في حين تساهم الإمارات في السوق المصرية بمشروعات تزيد استثماراتها على 15 مليار دولار، بالإضافة إلى تأسيس منصة استثمارية بـ20 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية للحكومة المصرية.

و تعد الإمارات الشريك التجاري الثاني عربياً والتاسع عالمياً لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير البترولي بين البلدين خلال عام 2019 نحو 6 مليارات دولار، بنسبة نمو بلغت 9.6% مقارنة بعام 2018، وتعد مصر سادس أكبر شريك تجاري عربي للإمارات، وفق بيانات الحكومة المصرية، التي أكدت على أن عدد الشركات الإماراتية في مصر يزيد على 1165 شركة، تعمل في مختلف المجالات الاقتصادية.

نعم ما نراه اليوم من قوة وتلاحم بين مصر والإمارات يكشف أن الأبناء دائماً على درب الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ظل عاشقاً ومحباً لمصر وشعبها.