الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المرتزقة والمرجعية.. أشواك على طريق الانتخابات في ليبيا

«نعم لانتخابات 24 ديسمبر في موعدها و لا للتأجيل»، شعار رفعه ليبيون خلال مظاهرات مؤخراً في بنغازي، ضد دعوات لتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى ما بعد 24 ديسمبر المقبل، وهي دعوات طرحها بعض أعضاء ملتقى الحوار الوطني في اجتماع جنيف، الذي عقد مطلع يوليو الجاري.

ويعود السبب الرئيسي لدعوات تأجيل الانتخابات إلى عدم التوافق حتى الآن على الإطار والمرجعية الدستورية التي ستجرى الانتخابات على أساسها، فقد كان من المقرر أن تتسلم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية، الإطار الدستوري لانتخاب البرلمان الجديد، وانتخابات الرئاسة، بداية شهر يوليو الجاري، لكن فشل جولة محادثات ملتقى الحوار الأخيرة في جنيف، في الاتفاق على القاعدة الدستورية، وفق بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أدى إلى تأجيل تسليم المرجعية الدستورية إلى لجنة الانتخابات حتى بداية أغسطس المقبل، على أقصى تقدير؛ حتى تستطيع المفوضية التحضير للانتخابات خلال الشهور الخمسة المقبلة.

التحدي الأكبر ليس فقط في المرجعية الدستورية كما قال 13 حزباً ومكوناً سياسياً ليبياً، في بيان صادر عنهم عقب الإعلان عن فشل جولة محادثات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، لكن العرقلة تأتي من جانب تنظيم الإخوان، الذي يخشى خسارة الانتخابات لو جرت نهاية العام الجاري، بعدما خسر انتخابات 2014. ويدفع ممثلو هذا التنظيم والمحسوبون عليه، نحو تأجيل الانتخابات الليبية، وعرقلة خريطة الطريق التي بدأت بوقف إطلاق النار في 23 أكتوبر الماضي، ونجحت في تشكيل حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، في 5 فبراير الماضي، وتبقى لها فقط إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل، وذلك وفق مضمون الرسالة التي أرسلها رئيس تكتل إحياء ليبيا، عارف النايض، إلى المبعوث الدولي إلى ليبيا، يان كوبيش، فما هي الحواجز والأشواك التي تعترض طريق الليبيين للوصول إلى المحطة النهاية وإجراء الانتخابات؟ وما هي الحلول التي يمكن أن تساهم في الخروج من حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي التي يمر بها الشعب الليبي؟

30 ألف مرتزق

أكبر التحديات التي تواجه إجراء الانتخابات الليبية هو وجود القوات الأجنبية والمليشيات والمرتزقة، والتي دعا مؤتمر «برلين 2» في يونيو الماضي، إلى إخراجهم، فلا يمكن تصور إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت تأثير فوهات البنادق، حيث ينتشر 30 ألف عنصر مرتزق في ليبيا، وفق بيان لقادة مجموعة دول الساحل الأفريقية الخمس.

رغم الاقتراب من موعد الاستحقاق الانتخابي إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد استمرار وصول المرتزقة السوريين إلى مناطق الغرب الليبي، وهو ما يلقي «بقفاز التحدي» في وجه كل الداعمين لاستقرار ليبيا، فلا يمكن الحديث عن تسوية حقيقية وموثوقة في ليبيا بدون حل مشكلة المرتزقة الأجانب، وفق ما عبر عنه نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين.

تحدي خروج المرتزقة من ليبيا يرتبط بسعي تلك المليشيات إلى جر الجيش العربي الليبي نحو خرق وقف إطلاق النار، الذي وقعته الأطراف الليبية المتنازعة في أكتوبر الماضي، حيث تجنب اللواء 128 من الجيش الليبي الرد على استفزازات كثيرة من جانب مليشيات المرتزقة في سوكنه بمنطقة الجفرة، كما يواجه الجيش الليبي سلسلة من الهجمات الإرهابية على مواقعه في مناطق الجنوب والجنوب الغربي، وفق ما أفادت به القيادة العامة للجيش الليبي، و التي عبرت أكثر من مرة عن قناعتها بأنه لا توجد إرادة سياسية خالصة لسحب المرتزقة من ليبيا.

وينعكس هذا الوضع سلباً على كل المحاولات التي تسعى لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية واجتماعات لجنة 5+5، ناهيك عن نشر أخبار كاذبة حول مهاجمة داعش لمراكز الانتخابات المحتملة في مدن الزاوية وصرمان وطرابلس، وهذه كلها أحداث الهدف منها التشكيك في قدرة الليبيين على التوجه نحو الانتخابات نهاية العام الحالي.

روشتة للحل

رغم تشكيل الأمم المتحدة «لجنة توافقات» لإيجاد أرضية مشتركة، ومحاولة ردم الهوة بين هذه المقترحات التي تدفع بإجراء الانتخابات في موعدها، وتلك التي تعمل على تأجيل أو تجزئة الانتخابات «برلمانية – رئاسية»، إلا أن الفشل في التوصل إلى اتفاق حول المرجعية الدستورية قبل بداية أغسطس المقبل، يدفع إلى البحث عن أفكار خارج الصندوق. ومن بين تلك الأفكار التوصية بضرورة تفعيل صلاحيات رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في إصدار قوانين تشكل الأساس الكامل لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفي حال عدم قبول البعض بهذه القاعدة القانونية يمكن الذهاب إلى اعتمادها من مجلس الأمن، فالبرلمان يستطيع تجهيز الأرضية الدستورية لإجراء الانتخابات؛ سواء بالاعتماد على ما لديه بالفعل من قوانين وقرارات، أو من خلال سن قوانين جديدة متفق عليها. وهناك سابقة في هذا الشأن عندما فوض البرلمان نفسه لاختيار رئيسة، بطريق الاقتراع العام السري الحر المباشر، وبالأغلبية المطلقة لأصوات المقترعين، بحسب قرار المجلس رقم 5 لعام 2014.

نموذج 2014

لقطع الطريق على المليشيات والجماعات الرافضة لإجراء الانتخابات، وتحسباً لاستمرار الخلاف داخل لجنة الحوار الليبي التي تضم 75 عضواً، شرع البرلمان الليبي في تجهيز قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب، وفق ما أفاد به المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، أما من يتذرعون بالحالة الأمنية، ويزرعون الأشواك في طريق الانتخابات، فالمؤكد أن الأوضاع الحالية أفضل بكثير مما كان عليه الوضع عام 2014 عندما جرت آخر انتخابات في ليبيا. وهذا ما دعا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى التهديد بفرض عقوبات على كل من يعرقل إجراء الانتخابات في موعدها، كما دفع السفارة الأمريكية في طرابلس إلى وصف الأفكار التي تدعو لتأجيل الانتخابات «بالحبوب المسمومة». وبقدر النجاح في ايجاد الترياق لتلك السموم واجتثاث الاشواك على طريق الانتخابات سيكون النجاح في الوصول الى الهدف الذي طال انتظاره.