السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمارات في طليعة الدول إلى القمر.. سباق مختلف هذه المرة

يجري في مركز كينيدي الفضائي، التابع لوكالة ناسا الأمريكية، بناء نظام إطلاق عملاق ضمن سباق جديد إلى القمر، انضمت دولة الإمارات بالفعل إلى طليعة الدول المشاركة فيه.

ونظام الإطلاق الفضائي (إس.إل.إس) هو أقوى صاروخ تم تشييده على الإطلاق، وقد صُمم لنقل البشر إلى ما وراء مدار الأرض. لكن مهامه الأولى تتركز على هدف واحد: إعادة البشر إلى القمر بعد غياب لنحو 50 عاماً.

وعلى امتداد الكرة الأرضية، يتجدد الاهتمام بأقرب جيراننا، من خلال بعثات تستعد للانطلاق في وقت لاحق هذا العام وفي العقد المقبل.

ويقول روبرت ماسي نائب المدير التنفيذي للجمعية الفلكية الملكية البريطانية: «إنه لأمر مثير للتفكير في أننا ربما ندخل إلى حقبة استكشاف مثلما شهدنا في انتركتيكا (القطب الجنوبي للأرض).. حيث يمكنك أن ترى رواد فضاء في قاعدة دائمة على القمر في مناوبات تستمر 6 أشهر.»

وتقول صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية إن الصحوة الجديدة علمية في جانب منها، وفي جانب آخر هي نوع جديد من سباق الفضاء، يضم لاعبين مختلفين وله أهداف مختلفة عن نسخة أيام الحرب الباردة. وفي ذروة استكشاف القمر آواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، حين وضع الإنسان قدمه على القمر لأول مرة، كان القمر إلى حد كبير رمزاً للقوة الجيوسياسية. وأما الآن، فهو يمثل معسكر انطلاق لأولى خطوات البشر خارج الكوكب، ومكاناً للدراسة والتعلم والمضي قدماً.

ويقول بيل نيلسون مدير وكالة ناسا: «سنعود إلى القمر استعداداً للذهاب إلى المريخ».

ويضيف: «علينا تطوير الكثير من التقنيات الجديدة لنكمل الطريق إلى المريخ. لدينا الكثير مما يمكن أن نفعله على القمر استعداداً للحفاظ على الحياة في الطريق إلى المريخ ولإعادة روادنا الفضائيين سالمين».

وضمن المبادرات المختلفة:

  • الإطلاق الأول للصاروخ (إس.إل.إس) من المقرر أن يتم هذا العام، بينما تحدد عام 2024 للهبوط البشري على القمر. وأطلقت ناسا على هذه الموجة الجديدة لديها من استكشاف القمر «برنامج ارتميس» نسبة إلى إلهة الصيد والبرية وحامية الأطفال في الميثولوجيا الإغريقية القديمة، ويعني اسمها باليونانية (آمن وسليم).
  • أعلنت روسيا والصين حديثاً عن جهد تعاوني مشابه. ويخطط البلدان لبناء «المحطة الدولية للأبحاث القمرية» في مكانٍ ما على القمر. وينعقد الأمل على وصول أول زوار من البشر بحلول منتصف ثلاثينيات هذا القرن.
  • بدأت وكالة الفضاء الأوروبية «مشروع ضوء القمر»، وهو جهد يهدف إلى بناء مجموعة من الأقمار الصناعية حول القمر لأغراض الملاحة والاتصالات.
سباق التحالفات

ويتحدث بعض المراقبين عن «سباق فضاء ثانٍ» يضع الولايات المتحدة في مواجهة روسيا والصين.

ويقول تود هاريسون مدير مشروع الأمن الفضائي في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن: «أعتقد أن هذا كلام مثيرٌ للقلق، وبه الكثير من النظريات البالية.» وأضاف أن «السباق القديم بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كان مسابقة صريحة بشأن من يكون الأول. أما الآن، فالأمر يتعلق بمن سيكون لديه أفضل تحالف من الدول».

ويسعى برنامج أرتميس لوضع الأسس الارشادية للاستكشاف والاستخدام المدنيين للفضاء، بداية من القمر ووصولاً إلى المريخ والكويكبات والمذنبات. وحتى الآن، انضمت 12 دولة إلى اتفاقات ارتميس.

وفي نفس الوقت، تدعو روسيا والصين شركاء دوليين للانضمام لهما في مشروعهما على القمر.

وتبحث بعض الدول الانضمام الى التحالفين معاً. وقد وافق العديد من الدول الأوروبية على الانضمام إلى اتفاقات ارتميس، لكن وكالة الفضاء الأوروبية تجري محادثات للانضمام إلى الصين وروسيا. وتتفاوض دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً مع روسيا والصين بعدما انضمت بالفعل إلى اتفاقات ارتميس.

وستكون للتحالف الأكبر والأكثر تنوعاً ميزة تصدر المسيرة لوضع قواعد السلوك في الفضاء. ولا يمكن منع الدول الأخرى من التصرف بطرق مختلفة لكن يمكن للقادة أن يحددوا المعالم والمعايير.

وبالنظر إلى هدف هذه الجولة من استكشاف القمر، فالمفتاح يمكن في تعلم كيفية العمل على جرم سماوي، وكيفية إقامة موقع مكتف ذاتياً، ثم كيفية نقل تلك المعرفة والخبرة إلى المريخ وما وراءه.

الخطوة الأولى

لكن الخطوة الأولى خارج الأرض ستكون خطوة عملية، إذ سيكون على المستكشفين أن يعثروا على الماء على القمر، ليس فقط للشرب، وإنما ربما لتشغيل وتبريد المعدات وكوقود للصواريخ.

وتتناثر الحفر على سطح القمر، وعند القطبين لم تر أرضية تلك الحفر الشمس على الإطلاق، وبالتالي تكون درجات الحرارة ضمن أدنى الدرجات في النظام الشمسي ما يثير احتمال وجود مياه مجمدة.

والهدف الأول لبرنامج ارتميس من الهبوط على القمر سيكون القطب الجنوبي، وهي منطقة بعيدة عن مناطق هبوط بعثات أبولو، لكنها منطقة تم إجراء أبحاث عليها باستخدام الروبوتات بصورة أكثر شمولاً من أي منطقة أخرى. وتثير شغف العلماء فكرة الذهاب إلى مكان ما جديد.

وتقول ناتالي كوران الباحثة في مركز جودارد لرحلات الفضاء في ناسا «يرى الناس أننا كنا هناك بالفعل وفعلنا ذلك، فلماذا نحتاج إلى أن نعود ثانية؟ وتضيف:»في رحلة أبولو 11 على سبيل المثال، قضوا ساعات قليلة فقط على السطح ويمكن أن تقارن كل المنطقة التي هبطوا وساروا فيها بنصف ملعب لكرة القدم".

وتقول إن سطح القمر يمثل «مختبراً هائلاً لتاريخ النظام الشمسي».

وتوجد في قشرة الكرة الأرضية صفائح تكتونية تنزلق تدريجياً وتشوه السطح، وأيضاً رياح ومحيطات تمحو الأدلة على الأحداث الماضية. ومقارنة بذلك، فالقمر مكان بكر، ويمثل سطحه سجلاً للتأثيرات من الكويكبات والمذنبات والنيازك. ويقع أكبر حوض تأثير في القطب الجنوبي، ويسمى حوض ايتكن القطب الجنوبي، ويبلغ اتساعه 1550 ميلاً ويزيد عمقه على 5 أميال.

ويمكن لهذا التاريخ أن يعلمنا الكثير عن الأرض، مثل الحدث الكبير الذي يعتقد أنه أباد الديناصورات. لكنه يمكن أيضاً أن يساعدنا في فهم قصة نظامنا الشمسي، ويقدم رؤى حول تطور الشمس. ولقد انغرست جسيمات شمسية على سطح القمر على مدى مليارات السنوات.

ويقول الدكتور ماسي: «يمكن أن ترى جبالاً وحفراً وودياناً». وأضاف: «يبدو كمكان يمكنك استكشافه.. وبمجرد أن يكون لديك تلسكوب، ترى عالماً حقيقياً. مشهداً حقيقياً، وأنا متأكد أن هذا يثير اهتمامنا».