الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الكاظمي في واشنطن.. تحديات أمنية وآمال اقتصادية

قبل شهرين ونصف من إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، المقررة في العاشر من أكتوبر القادم، يسعى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للعودة من واشنطن التي يستقبله فيها الرئيس جو بايدن بعد غد الإثنين، بأكبر قدر من المكاسب التي تعزز رؤية الكاظمي، القائمة على وقف استخدام الأراضي العراقية ساحة لتصفية الحسابات بين أمريكا وإيران.

كما يسعى الكاظمي إلى تعزيز أجواء الاستقرار في بلاده، عن طريق تفعيل الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد، بهدف تقليل عدد القوات الأمريكية في بلاد الرافدين، والعودة بالعلاقات العراقية- الأمريكية إلى المرحلة التي كانت عليها عام 2014، قبل اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمدينة الموصل.

الانسحاب الأمريكي

لكن السؤال الأكبر الذي يبحث عن إجابة خلال لقاء الكاظمي وبايدن، يدور حول مدى استعداد بايدن لاتخاذ قرار على غرار السيناريو الأفغاني، وذلك بتحديد موعد نهائي لسحب كافة القوات والمستشارين العسكريين، سواء الأمريكيين أو من حلف شمال الأطلسي «الناتو».

وإلى حين الاتفاق على سحب أو بقاء القوات الأمريكية في العراق، يتعين على الكاظمي البحث مع البيت الأبيض في الأدوات التي تمنع عودة السيطرة الميدانية من جديد لتنظيم داعش على المدن العراقية، فالتنظيم يحاول العودة من خلال العمليات الإرهابية النوعية وفق تقدير معهد جيتستون الأمريكي.

وماذا سيكون في جعبة الكاظمي للرد على واشنطن بعد أن أدانت حكومته الهجوم الأمريكي الأخير على الفصائل العراقية، وعدم إدانة بغداد في ذات الوقت هجوم تلك الفصائل أو من يقف خلفها على قاعدة عين الأسد العسكرية، وغيرها من القواعد التي تتمركز فيها قوات أمريكية وأخرى من حلف الناتو.

تأتي زيارة الكاظمي في إطار الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد بمرحلته الجديدة، وفق ما أفاد به مستشار رئيس الوزراء حسين علاوي، وسبق أن أجرت العراق وأمريكا 3 جولات من الحوار الاستراتيجي، وكانت الجولة الأولى في يونيو 2020، وجاءت الثانية في أغسطس الماضي، والثالثة جرت قبل 3 أشهر في أبريل الماضي. وبالإضافة إلى شرح التجهيزات العراقية للانتخابات البرلمانية، وما يحيط بها من تطورات أبرزها مقاطعة التيار الصدري، يتصدر وجود القوات الأمريكية في العراق أجندة الكاظمي في واشنطن.

3 سيناريوهات

وهناك 3 سيناريوهات لبقاء أو رحيل القوات الأمريكية؛ يقوم الأول على رحيل كامل ونهائي لكل القوات الأمريكية، وقوات حلف الناتو على غرار السيناريو الأفغاني، وهذا السيناريو مستبعد في ظل اختلاف البيئة الأمنية والسياسية في العراق عن أفغانستان، حيث تشير التقديرات إلى سيطرة طالبان حالياً على 85% من الأراضي الأفغانية، بينما الفصائل العراقية هي جزء من القوات المسلحة للدولة العراقية، وفق قرار البرلمان العراقي في نوفمبر 2016، والذي كان بمثابة مكافأة لتلك الفصائل، على مشاركتها في هزيمة داعش.

كما يعزز من استبعاد هذا السيناريو أن تنظيم داعش ما زال يعمل في مناطق كثيرة في سوريا والعراق، وعدم التوصل حتى الآن لاتفاق جديد بين إيران والمجتمع الدولي، حول الملف النووي الإيراني، والذي تأجلت المفاوضات حوله لحين تعيين الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، وفق ما كشفه عباس عراقجي كبير المفاوضين الإيرانيين في مباحثات فيينا.

ويقوم السيناريو الثاني على انسحاب كل المستشارين الأمريكيين مع بقاء قوات الناتو، وعبّرت أمريكا أكثر من مرة عن رغبتها في إعطاء دور أكبر لقوات الناتو في العراق، كما أن الناتو أعلن في 17 فبراير الماضي، استعداده لتوسيع مهمته في العراق، وزيادة قواته من حوالي 300 مستشار إلى 5000 وفق بيان للحلف. وقدم العراق وعبر مستشاره للأمن القومي قاسم الأعرجي، طلباً رسمياً بالفعل لحلف الناتو بالبقاء وتوسيع مهمته بالعراق، وفق ما صرح به قائد بعثة الناتو في العراق، الجنرال بيير أولسن.

ويقوم السيناريو الثالث على تنفيذ ما جاء في البيان العراقي- الأمريكي المشترك، الصادر في 7 أبريل الماضي، ويتمثل في انهاء الأدوار القتالية للقوات الأمريكية، وأن يظل عدد محدود ومتفق عليه من المستشارين العسكريين، وتكون مهمتهم تدريب القوات العراقية. وقال البيان إن المستشارين الأمريكيين سيتواجدون فقط لدعم جهود العراق في محاربة داعش.

ولا يزال هناك نحو 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة، بينهم 2500 أمريكي.

تحديات أمنية

وتعد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة العراقية، وستحتل مكانة بارزة على طاولة النقاش بين بايدن والكاظمي، هي عودة أنشطة داعش الخطيرة إلى الساحة العراقية، فرغم مقتل زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في أكتوبر 2019، واستهداف عدد من قيادات التنظيم في 2020، فإن قدرة داعش على الحشد والتجنيد والتعبئة تزيد يوماً بعد يوم في العراق.

فوفق تقرير لجنة معاقبة داعش والقاعدة، التابعة لمجلس الأمن، والصادر في 7 فبراير الماضي، فإن داعش استطاع جمع 100 مليون دولار، وحشد 10 آلاف مقاتل في سوريا والعراق، وأن العدد الأكبر من هؤلاء المقاتلين في العراق. وتشكل أيضا هجمات الفصائل المسلحة على القواعد الأمريكية وحلف الناتو، معضلة كبيرة للكاظمي في ظل التوقعات بارتفاع وتيرتها، وفق دراسة كتبها مايكل نايتس ونشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط.

وتقول الدراسة إن هجمات الفصائل المسلحة على القواعد الغربية ستزيد، وإن الجيش الأمريكي قد يقوم بست عمليات ضد تلك الفصائل قبل نهاية هذا العام، وهو ما تترتب عليه مخاطر كبيرة، فالأرقام تقول إن إدارة بايدن قامت بعدد من الهجمات ضد تلك الفصائل العراقية خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، يفوق كل ما قامت به إدارة ترامب خلال عام 2020.

الورقة البيضاء

ورغم كل تلك التحديات والتعقيدات، التي تواجه العراق، فمن حق الكاظمي أن يفتخر أمام بايدن، بسلسلة من النجاحات التي حققها مع حكومته، بدأت بإعادة الدفء للعلاقات العراقية العربية والذي تمثل في زيارته للمملكة العربية السعودية في 31 مارس الماضي، وعقد قمة مع كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في قلب بغداد في يونيو الماضي، بالإضافة إلى نجاح الأجهزة الأمنية العراقية في القبض على قتلة الباحث هشام الهاشمي.

فرئيس الوزراء العراقي لديه هدف طموح في هذه الزيارة، وهو نقل علاقة العراق مع أمريكا من الإطار العسكري إلى الإطار الشامل، الذي يرتكز على الأبعاد السياسية والاقتصادية، عبر الطلب من الرئيس بايدن دعم مطالب حكومة العراق من صندوق النقد الدولي حول ما يسمى بالورقة البيضاء، التي تهدف إلى إصلاح الاقتصاد العراقي.