الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

انفجار بيروت.. عدالة غائبة في دهاليز الخلافات السياسية

انفجار بيروت.. عدالة غائبة في دهاليز الخلافات السياسية

أقارب ضحايا الانفجار يطالبون بالعدالة في احتجاج على تقاعس السلطات.(رويترز)

تحل الأربعاء، الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت الذي خلف مئات القتلى وآلاف الجرحى، دون صرف أي تعويضات لأسر الضحايا أو المصابين، باستثناء تعويضات رمزية لبعض أصحاب المحال التجارية التي دمرها الانفجار.

وسقط في انفجار مرفأ بيروت 214 شخصاً، كما أصيب 6500 بجروح، وفق إحصائيات الأمم المتحدة والمعهد الأمريكي للجيوفيزياء، ووسائل إعلام رسمية لبنانية، وشرّد الانفجار 300 ألف شخص، لفترة مؤقتة، وخسر 70 ألفاً من المواطنين لوظائفهم، وتضررت 163 مدرسة ومنشأة تعليمية، و106 منشآت صحية، بينها 6 مستشفيات و20 عيادة.

ضغوط سياسية

ويرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، أن تأخر العدالة في كشف ملابسات وحقائق انفجار المرفأ يعود إلى تعرض عملية التحقيق لعدد من الضغوط السياسية، وهو ما شهدناه مع المحقق العدلي الأول، فادي صوان، الذي تنحى عن القضية.

وقال الرز لـ«الرؤية»، إن الطبقة السياسية الحاكمة أدخلت قضية الانفجار في «البازار» الانتخابي المرتقب، وتبادلت إلقاء التهم والمماطلة المتعمدة واستخدمت هذه الجريمة في المناورات السياسية، دون مراعاة لمشاعر أهالي الضحايا والمنكوبين.

وأضاف الرز: «عندما يهب المجتمع الدولي لنجدة اللبنانيين ولا يجد المواطن أي مساعدة من دولته التي أهدرت سنة كاملة دون تشكيل حكومة، لا نستغرب حصول انفجار شعبي متوقع في 4 أغسطس، فالطبقة الحاكمة في لبنان تقتل المواطن وتمشي في جنازته».

وأعلن الجيش اللبناني أن المبالغ المالية التي قدمتها الدولة حتى مارس الماضي بلغت 150 مليار ليرة لبنانية «نحو 100 مليون دولار»، على في سبيل تعويض المتضررين جراء الانفجار جرى توزيعها على ملاك الوحدات السكنية العادية (البسيطة) والمتوسطة المتضررة، شملت 17 ألفاً و107 وحدات، من إجمالي 87 ألفاً و519 وحدة سكنية ومنشأة متضررة.

وأشار الرز إلى أن التعويضات المالية التي قدمتها الدولة متواضعة، وأنها لم تشمل سوى 10% من المبلغ الذي تم تخصيصه، وذلك خلال عام كامل، وأنها تصلح لترميمات أولية كإصلاح الأبواب والنوافذ.

وأوضح الرز أن المبلغ الذي قررته الدولة ومقداره 100 مليار دولار لم يوزع، والـ10% التي وزعت فقدت قيمتها الشرائية أمام تصاعد سعر الدولار وانهيار سعر صرف الليرة.

مصير المساعدات

وأوضح الرز أن الدولة لم تعوض أحداً من ضحايا الانفجار، وأن المساعدات العربية والدولية التي دخلت البلاد لم تصل إلى الناس، ما يتطلب فتح تحقيق قضائي لكشف حقيقة اختفائها"، حسب قوله.

وتابع: «الدول المانحة تشترط الآن وجود حكومة ذات أهلية ومستقلة عن كل الطبقة السياسية؛ لتضمن وصول مساعداتها للمستحقين فعلاً».

وقال المحلل السياسي اللبناني عبدالله نعمة، إن انفجار مرفأ بيروت في الأساس جاء لتعطيل قيام لبنان قوي متماسك، وتوسيع الخلاف بين اللبنانيين قيادة وشعباً، وإن آثار الانفجار السلبية على الحجر والبشر كانت كبيرة، الأمر الذي أسس لخلاف في القضاء والسلطة السياسية، وضاع حلم المواطن في معرفة أسباب ما حصل ومن المسؤول عن الكارثة.

وأضاف نعمة لـ«الرؤية»: «لن تكون هناك عدالة إلا بعد أن يمارس القضاء دوره المستقل المحايد، وهذا ما لا يمكن حصوله في ظل الحالة الراهنة في لبنان المنقسم على ذاته في الأمن والسياسة والاقتصاد".

تعويضات الضحايا

وتابع نعمة: «لم تحصل أسر الضحايا على تعويضات بسبب نقص الأموال أولاً، وعدم وجود جدول للتوزيع يمكن الاتفاق عليه»، لافتاً إلى أن بعض الجمعيات الأوروبية ساعدت في إنجاز ترميم منازل ومحلات ومؤسسات تضررت في الانفجار، بينما بقيت منازل ومحال ومطاعم وغيرها دون تعويضات ودون ترميم، والبعض تركها وهاجر من لبنان.

وحمل نعمة، السياسيين مسؤولية عدم دفع التعويضات لأسر الضحايا، محذراً من أن هذا التباطؤ يمكن أن يدفع بقضية الانفجار إلى المجهول، لتصبح مثل كل القضايا العالقة في البلد، وتصبح ذكرى أليمة مثل ضحايا الحرب الأهلية التي حصدت أرواح نحو 100 ألف لبناني.

وأكد أن التعويضات التي تتحدث عنها الدولة لا تمثل قيمة 10% من الأضرار، وتمثلت في دعم بعض أصحاب المحال التجارية، دون تعويض لأسر الضحايا أو المصابين.