الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

عام على «الاتفاق الإبراهيمي».. آفاق شراكة اقتصادية واعدة

عام على «الاتفاق الإبراهيمي».. آفاق شراكة اقتصادية واعدة

توقيع معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل. (أرشيفية)

قبل عام من اليوم الـ 15 سبتمبر، احتضنت العاصمة الأمريكية واشنطن توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين الإمارات وإسرائيل، ما مهد لأرضية بناءة لتحقيق نمو استثنائي وإنجازات مهمة في الشراكة الاقتصادية بين الدولتين وانطلاق روابط التعاون التجاري والاستثماري والتكنولوجي بينهما بوتيرة متسارعة

.

ورأى محللون أن من شأن التعاون بين البلدين في مشاريع التنمية والاقتصاد وتطوير البنى التحتية الرقمية، أن يمثل دعامة لاستقرار المنطقة ودعم مسار دولها نحو الازدهار وتحقيق الرفاه لمواطنيها.


ووفق تصريحات لوزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري فقد تم خلال عام واحد تحقيق تبادل تجاري غير نفطي جيد بلغ نحو 700 مليون دولار أمريكي، وتوقيع نحو 60 اتفاقية رئيسية بين الجهات المعنية في البلدين، على مستوى القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والبحثية وغيرها، شملت عدداً من أهم القطاعات المستقبلية، والتي تحتل أهمية كبيرة على الأجندة الاقتصادية للبلدين، مثل العلوم التكنولوجية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والسياحة، والقطاع اللوجستي، والنقل، والرعاية الصحية، والطاقة، والبيئة، والبحث، والتطوير، والزراعة الحديثة، وحلول المياه والري


.

وأوضح الوزير في لقاء حواري عبر الاتصال المرئي مع المجلس الأطلسي الأمريكي، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية مقرها الرئيسي في واشنطن، أن نمو النشاط الاقتصادي والتجاري وزيادة التبادل السياحي وتدفق الاستثمارات بين البلدين من شأنه أن يعزز النمو والفرص على نطاق إقليمي أوسع من خلال الدفع باتجاه تكامل اقتصادي أكبر بين دول المنطقة ليشمل القطاعات كافة والذي سيسهم في زيادة الفرص أمام فئة الشباب وتهيئة الأسس لمستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة في مختلف دول المنطقة.

وشهد العام الأول من اتفاق السلام توقيع اتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل في مجال الطيران والاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والنفط، والصناعات والخدمات الطبية، وفي أكتوبر الماضي أعلنت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل إنشاء الصندوق الإبراهيمي، والذي تقوم من خلاله الإمارات والمؤسسة الأمريكية الدولية لتمويل التنمية ودولة إسرائيل بتخصيص أكثر من 3 مليارات دولار في إطار مبادرات الاستثمار والتنمية التي يقودها القطاع الخاص لتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي والازدهار في الشرق الأوسط وخارجه.

وفي ديسمبر كشفت مجموعة التداوي للرعاية الصحية الإماراتية بالتعاون مع شركة فينكس كابيتال عن دخولها في شراكة مع مركز شيبا الطبي الإسرائيلي، لتقديم باقة جديدة من الخدمات الطبية من خلال الأطباء الزائرين، وكذلك عبر خدمات الرعاية الطبية المقدمة عن بُعد، وذلك في أول تعاون من نوعه في المجال الطبي بين الجانبين عقب بدء العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

وفي مارس 2021 أعلنت الإمارات إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف الاستثمار في قطاعات استراتيجية في إسرائيل، تقوم دولة الإمارات من خلاله بالاستثمار في إسرائيل ضمن قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة والتصنيع والمياه والفضاء والرعاية الصحية والتكنولوجيا الزراعية وغيرها، ويركز الصندوق على مبادرات التنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، ويتم تمويل الصندوق من مخصصات من الحكومة ومن مؤسسات القطاع الخاص.

وفي أبريل 2021 أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» و«أي دي إف رينوبلز» توقيع اتفاقية استراتيجية لاستكشاف الفرص المتاحة ضمن قطاع الطاقة المتجددة في إسرائيل، والمساهمة في دعم تحقيق الأهداف المتعلقة بالطاقة النظيفة.

وأبرمت سلطة المنطقة الحرة بمطار دبي «دافزا» مؤخراً مذكرة تعاون مع اتحاد الغرف التجارية الإسرائيلية، تعمل «دافزا» من خلالها على الترويج لإمارة دبي بوصفها مركزاً تجارياً عالمياً وبيئة أعمال حيوية للشركات الإسرائيلية، في حين يعمل اتحاد الغرف التجارية الإسرائيلية على تشجيع الشركات للمشاركة في الفعاليات التي تحتضنها الإمارة وتزويدهم بجميع المعلومات المطلوبة التي تهدف إلى الترويج لـ«دافزا»، بوصفها موقعاً مثالياً لنمو الأعمال على المستوى العالمي.

مشاريع تطوير

ويرى الرئيس الأسبق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عبدالمنعم سعيد، أن المرحلة التي تلت توقيع اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي شهدت توقيع كثير من اتفاقيات التعاون، وهو أمر طبيعي بعد إقامة العلاقات، مشيراً إلى أن الاتفاقيات تتمحور حول الجانب الاقتصادي بشكل كبير، على غرار مشاريع تطوير وإدارة الموانئ البحرية، والتعاون التكنولوجي في مجالات الفضاء.

وأضاف أنه من خلال مصادره الإسرائيلية، يرى أن التعاون الاقتصادي بين أبوظبي وتل أبيب يسير بوتيرة متسارعة، مؤكداً أن هناك تفاعلات وتحولات كبيرة على ما سمي تاريخياً بالصراع العربي الإسرائيلي.

وربط الخبير المصري بين الاستقرار الأمني والتعاون الاقتصادي وبين حل القضية الفلسطينية، «المنطقة تحاول التخلص من خطر الجماعات الإرهابية وخلق تعاون اقتصادي، وإخراج الناس من دائرة مستهلكة للقوة والحروب، إلى منطقة أكثر هدوءاً يمكنها مساعدة الفلسطينيين».

مزايا تجارية

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن التعاون بين الإمارات وإسرائيل أخذ اتجاهاً نحو الشراكة في مشاريع مجالات الاقتصاد الأكثر حداثة، مثل الذكاء الاصطناعي، وريادة الأعمال، والابتكار، التوأمة بين المراكز التقنية والصناعية، والهايتك، ومجال الفضاء، والنفط، والمجمعات الصناعية والعسكرية، مؤكداً أن هذا التطور يشير إلى النظرة غير التقليدية لدولة الإمارات في التعامل والاستفادة من الخبرات الإسرائيلية، والعكس.

وأوضح فهمي لـ«الرؤية» أن هناك دعماً اقتصادياً بين الطرفين على أعلى مستوى، وأجندة أعمال متخصصة في مجال الأمن السيبراني، ومجال الإرهاب الإلكتروني، ومجالات ريادة الأعمال، وكلها مجالات جديدة، تخدم الطرفين، لافتاً إلى أن هناك مزايا إيجابية تمتع بها الطرفان، وهناك إرادة اقتصادية وتكنولوجية تتطور بعيداً عن السياسة، موضحاً أن النجاح في المجالات السابقة سيؤدي إلى نجاحات أخرى.

خبرات تكنولوجية

بدوره، يرى رئيس المركز العربي للدراسات السياسية بالقاهرة، الدكتور محمد صادق، أن العام الذي مر على توقيع اتفاق إبراهيم، شهد تعاوناً في العديد من المجالات، بما يشمل المجال التجاري، حيث بلغ التبادل بين دبي وإسرائيل مليار درهم إماراتي خلال الخمسة أشهر الأولى لبدء العلاقات بينهما، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحكومة دبي نهاية يناير الماضي، حيث صدرت إسرائيل للإمارات بقيمة 325 مليون درهم، فيما صدرت الإمارات لإسرائيل بقيمة 607 ملايين درهم.

وأضاف «صادق» لـ«الرؤية»، أن العام الماضي شهد تركيزاً على التعاون التكنولوجي ونقل بعض الخبرات التكنولوجية الإسرائيلية إلى الإمارات فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، وبتكنولوجيا الزراعة، والتقنيات الحديثة.