الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

العراق: برامج تغازل الناخبين بـ«تحسين المعيشة».. وتغفل النهوض بالاقتصاد

العراق: برامج تغازل الناخبين بـ«تحسين المعيشة».. وتغفل النهوض بالاقتصاد

تردي الاقتصاد أكثر الأشياء المُحطمة للشباب العراقي. (أ ف ب)

يشهد العراق صبيحة يوم الأحد المقبل الموافق 10 أكتوبر خامس انتخابات برلمانية في البلاد منذ سقوط بغداد، والإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في ربيع 2003.

هذه الانتخابات كان من المفترض إجراؤها العام المقبل، لكن تقرر تبكيرها لإرضاء المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع عام 2019، قبل تفشي جائحة كورونا، بسبب الفساد وسوء الخدمات العامة.

ورغم محاولات الإرضاء تلك، تقول سُرى كاظم جويد (مدير مفوض شركة سياحية) إنها لن تشارك في الانتخابات، مؤكدة في حديث لـ«الرؤية»: «مستحيل أشارك. لا أثق بأحد من المرشحين. لقد قادوا البلد إلى الهاوية».

واستطردت: «لن أدلي بصوتي اللهم إلا لو ترشح شخص أعرفه من الشرفاء، لكن المرشحين الحاليين، لا أحد منهم يستحق صوتي، لأن المُجرب لا يُجرب».

منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أوجد الاحتلال نظاماً معقداً متعدد الأحزاب تتنافس فيه القوى السياسية على أسس طائفية أو عرقية.

وفي خضم الحملات الانتخابية، تعكس اللافتات في الميادين الرئيسية الوضع السياسي الصعب، حيث تنتشر لوحات ضخمة تحمل صور من قُتلوا على يد تنظيم «داعش»، فضلاً عن صور شبان قتلوا في احتجاجات شعبية.

وفي بلد ما زالت فيه الفصائل المسلحة تتمتع بنفوذ كبير، ترى سُري، التي شاركت فقط في أول وثاني انتخابات منذ الغزو ثم عزفت عن التصويت، أنه رغم تحسن الملف الأمني نسبياً فإن القوى السياسية «هم من يختلفون مع بعضهم البعض. يخلفون التفجيرات وعمليات الخطف. فئة تضرب أخرى. أما الشعب فمسكين، مشغول بلقمة العيش».

وتر البطالة

وعن الوضع المعيشي، تقول: «أكثر المواضيع حساسية يعزفون بها على مشاعر العراقيين هو موضوع توظيف العاطلين. فالبطالة على رأس أولويات مطالب الشباب. لذا فهي بطاقة رابحة يلوحون بها».

وفي السياق، أكد الكاتب والإعلامي العراقي عباس عبود سالم، أن الملف المعيشي هو ما يركز عليه مرشحو الانتخابات. وأضاف في حديث لـ«الرؤية»: «البرامج المطروحة في الحملات تتضمن مفردات تقديم الخدمات وتسهيل أمور المواطنين والقضايا الصحية والخدمية والتوظيف وسعر صرف الدولار وتحسين المعيشة».

لكنه أشار إلى أن «قليلاً من هذه البرامج من تناول النهوض بالاقتصاد العراقي بشكل كلي. لم نرَ مشاريع أو مناهج لتطوير الاقتصاد العراقي، على اعتبار أنه ما زال اقتصاداً ريعياً، وما زالت جهود تحويل اقتصاد السوق أمامها الكثير من العقبات والمشكلات».

واعتبر سالم أن مشروع الإصلاح المعروف باسم «الورقة البيضاء»، والذي أعلن عنه في أكتوبر 2020، «أغفل بشكل كبير الجانب المعيشي للمواطن والطبقات الفقيرة والوسطى».

وقال إن أكثر القطاعات التي تحتاج إلى إصلاح من الحكومة العراقية المقبلة هو قطاع الطاقة «يجب أن يكون أفضل مما هو كائن، باعتبار العراق بلداً مصدراً للبترول. قطاع الغاز يحتاج إلى شركات لإنتاج الغاز، بدلاً من أن يتم تبذيره بهذا الشكل».

«كذلك القطاع المالي والمصرفي يحتاج إلى تطوير، بما في ذلك من مكافحة غسل الأموال ومحاربة الفساد والتهريب»، بحسب سالم، الذي أضاف أن «القطاع الصحي يحتاج أيضاً إلى ثورة حقيقية، وكذا قطاعات الخدمات الأخرى مثل الطرق والبنية التحتية».

خطوة نحو التغيير

واستطلعت «الرؤية» آراء بعض الشباب العراقيين عن الانتخابات، فقال تبارك عبدالمجيد (22 عاماً): «الوضع الاقتصادي الصعب من أكثر الأشياء المُحطمة للشباب العراقي، والتي تتسبب أحياناً في ظهور مشكلات اجتماعية».

وعبر عبدالمجيد، في حديث لـ«الرؤية»، عن قناعته بضرورة المشاركة بالتصويت. وقال: «الانتخابات هي جزء من التغيُّر المبني على الديمقراطية. لا أعتقد أنها ستحمل تغييراً جذرياً، لكنها خطوة نحو التغيير».

وشدد عبدالمجيد على ضرورة «تمكين الشباب اقتصادياً. ضروري العمل على تنشيط القطاع الخاص، وعلى أن يكون للشباب ضمان تقاعدي وأيضاً تفعيل المصانع القائمة».

أما إخلاص قحطان (عراقية تعيش في بغداد)، فقالت إن «الانتخابات تمثل بالنسبة لي عملية متكررة روتينية.. تصاحبها عمليات إجرامية واغتيالات.. أو ما نسميه (معركة الكراسي) للحصول على مقاعد البرلمان دون تقديم خدمة فعلية للمواطن والبلد. مجرد وجوه تكرر في كل دورة انتخابية متنقلة من ائتلاف إلى آخر».

جذور الفساد

وأوضحت في حديث مع «الرؤية» أن «عملية التغيير ممكن أن تحصل في حالة واحدة فقط هي إعادة البنى التحتية للحكومة وهو ما لا يمكن حدوثه. لا يمكن اقتلاع جذور فساد 17 سنة في دورة انتخابية».

وأضافت أن توظيف الشباب ووضع حد للأزمة الاقتصادية يجب أن يحتل أولوية الحكومة القادمة: «من غير المعقول أن بلداً غنياً بالثروات والنفط لا يحصل فيه المواطن على أبسط حقوقه من ماء وكهرباء. بلد مليء بالخبرات والشهادات العليا.. شبابه عاطلون عن العمل».

وأشارت قحطان إلى ضرورة «إنعاش القطاع السياحي، واعتباره مورداً مالياً مهماً يمكن أن يدر أموالاً هائلة إلى جانب النفط». وقالت إن «صعود الدولار أمام الدينار العراقي أثقل كاهل المواطن وتسبب في خسارة كثير من المشاريع الخاصة، كما رافقه صعود في سعر جميع السلع الشرائية المحلية والمستورة، ما لا يمكن أن يتحمله المواطن الفقير، ما دون الطبقة الوسطى».