الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

​​​​​​​الإمارات.. الرقم الصعب في معادلة السلام الإقليمي والدولي

​​​​​​​الإمارات.. الرقم الصعب في معادلة السلام الإقليمي والدولي

أرشيفية.

كان التاريخ على موعد مع الثاني من ديسمبر عام 1971 ليكتب صفحة جديدة في مسيرة البشرية، نحو ترسيخ قيم السلام والاستقرار، وتعزيز مبدأ الحلول السياسية والسلمية، عندما أثمرت جهود المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت منذ ذلك التاريخ وعلى مدار العقود الخمسة الماضية «الرقم الصعب» في معادلة إنتاج ونشر السلام والاستقرار، ليس فقط في منطقة الخليج والإقليم العربي وغرب آسيا والشرق الأوسط، بل في قارات العالم أجمع. وتشهد جهود دولة الإمارات خلال الـ50 عاماً الماضية على المكانة الرفيعة التي تحظى بها الإمارات كأرض «تنبت وتثمر»، والتعاون والتقارب والشراكة بين الدول والشعوب، وهو ما أوجد صورة ذهنية ونمطية لدى شعوب العالم بأن الإمارات هي «المرادف الكامل» لمعنى وثقافة وجهود السلام على الساحتين الإقليمية والدولية.

ولعلّ تزامن احتفالات الإمارات بمرور 50 عاماً على تأسيسها مع مشاركة نحو 200 دولة في «إكسبو دبي 2020» دليلاً واضحاً على المساحة العريضة، والآفاق البعيدة التي وصلت إليها الشراكة الإماراتية مع عالم، وتأكد أن الإمارات منذ تأسيسها تشكل «الرافعة القوية» نحو بناء مجتمع دولي تتعزز فيه ثقافة السلام والبحث عن المساحات المشتركة، فقد أثبتت القيادة الإماراتية ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنها قيادة شجاعة ورائدة، وتؤمن بالسلام قولاً وفعلاً، وهو ما أثمر بأن أصبحت الإمارات «محور التفاعلات» في المنطقة وخارجها، ليس فقط من أجل التوصل للسلام بين الفرقاء والمتحاربين، بل نجحت الإمارات في بناء قدرات السلام في الكثير من بؤر التوتر، وهو عمل استباقي تقوم به وتتميز فيه دولة الإمارات، وهو منع نشوب الحرب من الأساس، عبر خلق قنوات تواصل بين المتنازعين تهدف في المقام الأول إلى التهدئة وضبط النفس، حتى لا تتحول الخلافات السياسية والحدودية إلى مرحلة الحرب والصراع، فكيف وصلت الإمارات لهذا المكان وتلك المكانة؟ وما هي ثمار كل هذا الجهد المتواصل على مدار 50 عاماً؟

إخلاص في السلام

العمل بإخلاص من أجل تحقيق واستدامة السلام في المنطقة والعالم ظل الشغل الشاغل للقيادة الإماراتية منذ تأسيس الدولة، ووقفت القيادة الإماراتية دائماً وراء قضايا السلام وإحلال الأمن على المستويات كافة، لذلك أقامت الإمارات علاقات دبلوماسية مع 189 دولة حول العالم، كما توجد في الإمارات 110 سفارات أجنبية، و73 قنصلية، و15 منظمة إقليمية ودولية، وفق بوابة الحكومة الإماراتية، هذا التواصل والإصرار والعمل الدؤوب من أجل السلام هو ما جعل الجهود الإماراتية تثمر عن اتفاق سلام تاريخي بين إثيوبيا وإريتريا في يوليو 2018 بعد نحو 3 عقود من الصراع والتناحر، وهو الصراع الذي فشلت دول كثيرة في حلحلته، نفس الإصرار والإخلاص تجلى في قدرة الإمارات على إقناع الهند وباكستان بتهدئة وتبريد الصراع فيما بينهما رغم أن الجميع يعلم حجم التعقيدات والفجوة الكبيرة والحروب المتعددة التي خاضتها كلٌّ من إسلام آباد ونيودلهي.

سلسلة متصلة

منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة، شاركت الإمارات في «تخفيف الجراح» الناتجة عن الحروب، والعمل على إحلال السلام في غالبية الصراعات التي مرّ بها العالم، بداية من مشاركة الإمارات ضمن قوات «الردع العربية» في لبنان عام 1976 بهدف درء مخاطر الحرب الأهلية، وشاركت الإمارات ضمن قوات «درع الجزيرة» لتحرير الكويت عام 1991، كما دعمت الإمارات عملية «إعادة الأمل في الصومال» الصادر بموجبها قرار من مجلس الأمن عام 1993، ووقفت الإمارات بجانب الشعب البوسني عام 1994 عندما ساهمت في الجهود الإنسانية للتخفيف عن أبناء البوسنة، وهو ما تكرر عام 1999 مع شعب كوسوفا، حيث أقامت الإمارات مخيم «كوكس» بألبانيا لإيواء اللاجئين الكوسوفيين الذين تضرروا من الحرب في البلقان، وفي عام 1999 كانت الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي أرسلت قوات للانضمام إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي، كما يتذكر الشعب البحريني المشاركة الإماراتية الفعَّالة عام 2011 في إطار قوات «درع الجزيرة» التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني. وفي مارس 2015 جاءت المشاركة الإماراتية في عملية «عاصفة الحزم» التي قادها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وفق ما جاء على موقع وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، وبرهنت الإمارات على انحيازها الكامل لقيم السلام بتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر الماضي، وهو الذي مهّد لسلسلة من اتفاقيات السلام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية الأخرى مثل البحرين والمغرب.

جني الثمار

كان من نتيجة هذه السياسة الإماراتية التي تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والعمل المتواصل من أجل إحلال السلام والاستقرار، أن تم اختيار الإمارات عضواً غير دائم في مجلس الأمن خلال عامي 2022 و2023، بعد أن شغلته من قبل عامي 1986 و1987، وذلك تتويجاً لدور الإمارات في دعم السلام الإقليمي والعالمي، وأيضاً تعبيراً عن ثقة العالم بقدرة الإمارات ودبلوماسيتها الفاعلة على المساعدة في صياغة «مقاربات سياسية» مبدعة ومبتكرة، تساهم بها في إحلال السلام والاستقرار في مرحلة مفصلية من تاريخ البشرية.