الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الأجور تشعل فتيل الأزمة بين اتحادي العمال والأعراف في تونس

الأجور تشعل فتيل الأزمة بين اتحادي العمال والأعراف في تونس

تجمع عمالي في مدينة صفاقس.

يبدو أن ملف المفاوضات الاجتماعية لزيادة الأجور في القطاع الخاص، تحول إلى عامل توتر كبير في العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد الأعراف «أصحاب المؤسسات الاقتصادية»، حيث دخل ممثلو طرفي الإنتاج في حرب بيانات مفتوحة منذ إضراب القطاع الخاص الذي نفّذه الاتحاد في صفاقس، في 28 أكتوبر الماضي، ولوح بتعميمه على كل الجهات، بهدف الحصول على أجور تراعي الغلاء المعيشي.

وضمن نهج التوتر الذي يطبع العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية خلال هذه الفترة بسبب ملف المفاوضات الاجتماعية المعطّل، اعتبر مجلس رؤساء الجامعات القطاعية الوطنية أن تنفذ اتحاد الشغل لإضراب عام بولاية صفاقس والتلويح بسلسلة إضرابات جهوية «تحت غطاء التفاوض والزيادة في الأجور لن يزيد إلا في تعقيد الأوضاع، ما سيؤدي إلى تدمير المؤسسات وفقدان مواطن الشغل، والإضرار بالاقتصاد الوطني، والإساءة إلى صورة المنظمات الوطنية أمام الرأي العام».

وحذر رؤساء الجامعات القطاعية المهيكلة ضمن اتحاد الأعراف، مما اعتبروه تصعيداً من اتحاد الشغل لا يدفع إلا في طريق مسدودة، وأكد المجلس أنه «رغم امتلاكه لعدد من الآليات القانونية لرد الفعل بما في ذلك اللجوء إلى الصد عن العمل، فإنه كان ولا يزال ينتهج الحكمة والمسؤولية، ويخير منوال الحوار الاجتماعي الثلاثي الجاد والرصين داخل الأطر المؤسساتية القائمة»، وفق بيان صادر عن أمس الأربعاء، عن مجلس رؤساء الجامعات القطاعية الوطنية.

واعتبر المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد العام التونسي للشغل خلال اجتماع عقده في 29 أكتوبر الماضي، أن اتحاد الأعراف يستغلّ الظرف الذي تمر به البلاد لشيطنة الاتحاد والتحريض عليه لعدم تمكين العمّال من حقوقهم، ومواصلة سياسة التواكل عبر الحصول على الامتيازات والتحفيزات والإعفاءات التي تُستخلص من دافعي الضرائب على رأسهم الأُجراء، وأكد المكتب التنفيذي الموسع أن إضراب القطاع الخاص بصفاقس سيُعمم في باقي الولايات في حال تواصل رفض الأعراف لفتح مفاوضات للزيادة في الأجور.

ويبدو أن هذه الأزمة بين الاتحادين ستتواصل، خاصة مع الصمت الرسمي، إذ إن الحكومة منذ سبعينات القرن الماضي هي التي ترعى المفاوضات بين الاتحادين في تحديد نسب ارتفاع الأجور والامتيازات الممنوحة للعمال، وكانت المفاوضات تتم كل 3 سنوات، لكنها معطّلة منذ عامين في القطاع الخاص الذي يعمل به أكثر من 3 ملايين تونسي.

من ينزع الفتيل؟

أمام هذا التصعيد وتبادل التهم بين قيادتي الاتحادين على الفضائيات والإذاعات، طالب عدد من الناشطين بضرورة التعقّل، مؤكدين أن البلاد لا تتحمل أزمة بهذه الحدة.

وفي هذا السياق قال الخبير الاجتماعي المكلف بقضايا الشغل لدى الاتحاد العام التونسي للشغل، الهادي دحمان، إن مطالب اتحاد الشغل منطقية.

وأضاف لـ«الرؤية» أن الاتحاد العام التونسي للشغل يطالب بتنفيذ اتفاقيات تم التوقيع عليها قبل عامين مع اتحاد الأعراف، لكن أصحاب المؤسسات يرفضون تطبيقها، كما يطالب الاتحاد بفتح مفاوضات جديدة تراعي القدرة الشرائية خلال العامين الأخيرين.

مطالب منطقية

وقال المحلل السياسي، خليل الرقيق، إن مطالب الاتحاد العام التونسي للشغل منطقية، فقد تدهورت القدرة الشرائية وارتفعت الأسعار، وهو مطالب بالدفاع عن العمال والأجراء.

وأضاف الرقيق لـ«الرؤية» أن العديد من أصحاب المؤسسات يرفضون تطبيق ما تم الاتفاق عليه من رفع للأجور، وتطبيق الاتفاقيات مع الطرف النقابي، كما يطالب اتحاد الشغل بفتح المفاوضات من جديد، وهو ما يرفضه الأعراف أيضاً، مشيراً إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل له دور سياسي أيضاً يلعبه، لكن ليس هو الهدف الأول لهذا التحرك.

وحصل الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد الأعراف على جائزة نوبل للسلام في 2015 مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، بعد رعايتهم للحوار الذي أنهى الأزمة السياسية في البلاد، على خلفية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي عام 2013.

تبعات كورونا

وأكد النقابي والجامعي عبدالقادر الحمدوني، على أن أصحاب المؤسسات يواجهون وضعاً صعباً بسبب كوفيد-19، لكن العمال والأجراء يواجهون كذلك ظروفاً معيشية صعبة بسبب ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية، وبالتالي فمطالب اتحاد الشغل مشروعة ومعقولة، ولا بد من الحوار والجلوس على طاولة واحدة لتجاوز الإشكاليات العالقة.

وطالب الحمدوني في حديثه مع «الرؤية» اتحاد الأعراف بالدفاع عن القضية الوطنية، وليس عن أصحاب المال والأعمال، مطالباً اتحاد الأعراف «بلعب دور في الحفاظ على الصناعة الوطنية التي تدهورت بسبب التوريد العشوائي، وهو ما أفقد المؤسسات التونسية القدرة على المنافسة، وأدى إلى تسريح العمال وإفلاس المؤسسات».