السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صور: عراقيون عائدون من تجربة بيلاروسيا المريرة يتمسكون بحلم الهجرة

صور: عراقيون عائدون من تجربة بيلاروسيا المريرة يتمسكون بحلم الهجرة

بانتظار المجهول. (أ ف ب)

رغم الظروف القاسية وخيبة الأمل التي عاشها حسين وزوجته ووالدته، لثلاثة أسابيع في الغابات الباردة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، ما زال الشاب الثلاثيني بعد عودته إلى شمال العراق، مصراً على الهجرة مجدداً.

وصلت عائلة حسين، الخميس، في أول رحلة عودة نظمتها السلطات العراقية لإعادة أكثر من 400 مواطن من بيلاروسيا. وكانوا سافروا إليها مع حلم الاستقرار في أوروبا.

ودفع حسين إلياس خضر أكثر من 10 آلاف دولار للحصول على تأشيرات ودفع النفقات اليومية في بيلاروسيا. لكنه لم يتمكن من عبور الحدود للوصول إلى أوروبا الغربية.

ويقول حسين (36 عاماً) الذي عاد إلى مخيم شاريا للنازحين الأيزيديين في محافظة دهوك، متحدثاً عن معاناته «كنا نحاول العبور بين الأسلاك الشائكة، لكنها كانت حرارية، وعند اللمس كانت تعطي إشارة إلى الشرطة البولندية التي كانت تصل إلى المكان وتمنعنا من العبور».

ويضيف «عشنا جوعاً وعطشاً وبرداً... عانينا كثيراً هناك». وقد أمضوا 20 يوماً (12 يوماً في مرحلة أولى ثم 10 أيام بعد استراحة في فندق في مينسك)، في الهواء الطلق وسط حرارة جليدية وأمطار.

ولم تتمكن والدته إنعام (57 عاماً) من المشي ساعات طويلة في غابات بيلاروسيا بسبب مرض الروماتيزم الذي تعاني منه، بينما تمكن أفراد المجموعة الآخرون وهم 7 أيزيديين من الوصول إلى ألمانيا بعد أن ساروا طويلاً في الغابة إلى أن وجدوا منفذاً.

وتقول إنعام التي غطت رأسها بوشاح أرجواني وهي تفترش الإسفنج على أرض خيمتها «لم نذهب للبحث عن الرفاهية إنما هرباً من الأوضاع المزرية التي نعيشها».

«لم يبق لدينا مال»

وتختصر حياة المرأة معاناة شريحة واسعة من العراقيين خلال العقود الماضية في بلد أنهكته الحروب المتتالية. فقد أصبحت إنعام أرملة وهي في العشرين من عمرها ومسؤولة عن تربية طفل بعمر سنة عندما توفي زوجها عام 1986 خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). وفي 2005 و2007، أصيب ابنها بجروح خطيرة بعد نجاته بأعجوبة من تفجيرين، واضطرت للفرار معه وآخرين عندما اجتاح تنظيم داعش بلدتها سنجار صيف 2014. ولم تتمكن من العودة بعد طرد الإرهابيين، لأن منزل العائلة تحوّل إلى ركام.

وللرحيل بعيداً عن العراق، كان على حسين أن يقترض ويبيع مصوغات ذهبية لوالدته وزوجته، بعدما عاش وعائلته 7 سنوات داخل خيمة واحدة تحرقها أشعة الشمس خلال أيام الصيف وتغرقها الأمطار في الشتاء.

ويستذكر حسين الذي مارس أعمالاً عدة بينها إصلاح الهواتف في السنوات الماضية، قائلاً «كنا نخاف دائماً من حدوث تماس كهربائي يحرق الخيمة وساكنيها».

ويتابع «لم يبق لدينا مال، لكن أول ما نحصل عليه، سنهاجر مرة أخرى. لن أتخلى عن هذه الفكرة ومتى سنحت لي الفرصة مرة أخرى سأهاجر، لكن ليس عن طريق بيلاروسيا لأنهم بعدما رحلونا، منعوا علينا السفر لمدة 5 سنوات».

«سأهاجر»

وخلال الأشهر الماضية، تجمّع آلاف الأشخاص على حدود بيلاروسيا وبولندا في محاولة للولوج إلى أوروبا الغربية. لكن بولندا أقفلت حدودها في وجههم بإحكام.

وتتهم الدول الغربية مينسك بافتعال الأزمة، رداً على عقوبات غربية فُرضت على نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو.

وتوفي ما لا يقل عن 11 مهاجراً خلال هذه الأزمة على الحدود، وفقاً لوسائل إعلام بولندية. رغم ذلك، وعلى مشارف قلعة أربيل، عاصمة كردستان، يؤكد رمضان حمد (25 عاماً) «إذا سنحت لي الفرصة، سأغادر اليوم قبل غدٍ».

الأزمة تلطخ صورة كردستان العراق

ويضيف الشاب الذي يعمل قرب رصيف في الشارع في إصلاح الأحذية، بحسرة «لا مستقبل (هنا) والأوضاع الاقتصادية صعبة جداً».

ويتابع «أعلم جيداً أن الطرق غير شرعية ونسبة الموت تصل إلى 90%، لكن على الأقل عندما أصل إلى هناك سأعيش في مجتمع يحترم الإنسان».

بالنسبة إلى مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق عادل بكوان، «تلطّخ» أزمة الهجرة صورة كردستان العراق التي ينظر إليها على أنها «أكثر الأماكن الآمنة في العراق».

وتسعى سلطات إقليم كردستان إلى تقديم الإقليم على أنه المنطقة المستقرة والمنتعشة اقتصادياً التي لا تعاني مثل باقي مناطق العراق المرهق نتيجة الحروب والصراعات المتتالية.

ويسعى الإقليم لجذب المستثمرين الأجانب وإنشاء مشاريع ضخمة وفنادق 5 نجوم ومدارس وجامعات خاصة ومنتجعات سياحية. لكن بكوان يرى أن «طبقة اجتماعية واحدة فقط يمكنها أن تستفيد من كل ذلك».

ويضيف «الشاب الكردي لا يمكنه أن يقوم بالسفر خلال العطلة ولا شراء منزل أو الذهاب لمدرسة خاصة والتعليم باللغة الإنجليزية ولا الحصول على وظيفة توفر له مكانة اجتماعية».