الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

بعد زيارة لودريان.. هل تعوض فرنسا خسارتها الاقتصادية من أزمتها مع الجزائر؟

بعد زيارة لودريان.. هل تعوض فرنسا خسارتها الاقتصادية من أزمتها مع الجزائر؟

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. (رويترز)

شهدت العلاقات الفرنسية - الجزائرية توترات كبيرة، منذ تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أكتوبر الماضي، التي شكك خلالها في «وجود أزمة جزائرية» قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962)، كما انتقد الحكومة بشكل حاد، ما أثار غضب الجزائر. من هنا تأتي أهمية زيارة العمل التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، إلى الجزائر.

خلال الزيارة، دعا لودريان إلى عودة «العلاقات الهادئة»، وتخفيف التوتر غير المسبوق بين البلدين. وأضاف عقب استقبال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون له «نأمل أن يؤدي الحوار الذي نعيد إطلاقه اليوم إلى استئناف المحادثات السياسية بين حكومتينا في عام 2022 بعيداً عن جراح الماضي التي يجب أن نواجهها، خاصة بالنظر إلى سوء التفاهم الذي علينا تجاوزه».

اللافت أنه لم يصدر عن الجانب الجزائري أي تعليق حول محادثات الوزير الفرنسي مع الرئيس تبون، ولا مع نظيره وزير الخارجية رمطان لعمامرة.

وكان خبراء تحدثوا إلى «الرؤية» أكدوا أن هناك آمالاً كبيرة عقدت على هذه الزيارة «المهمة والمفصلية، والتي تأتي في وقت حساس جداً بالنسبة للبلدين، لرأب الصدع، وعودة العلاقات، ومناقشة ملفات اقتصادية مهمة».

زيارة مهمة

وقال المحلل السياسي الجزائري، إسماعيل معراف، إن هذه الزيارة جاءت في وقت حساس جداً بالنسبة لباريس والجزائر، ويعول عليها، لا لعودة العلاقات إلى سابق عهدها، وإنما على الأقل لتسمح «بعودة العلاقات بينهما تدريجياً».

وأضاف معراف، في تصريحات خاصة، أن «هذه الزيارة يمكن أن تُفسَّر بتخوف لدى ماكرون، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية (أبريل 2022)»، موضحا أن «التصريحات التي أطلقها ماكرون حول الجزائر، كان لها أثر سلبي على الجالية الجزائرية في فرنسا، والمغاربية (المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا)، بعدما شعرت تلك الجالية بأن ماكرون يحمل نفس الحقد تجاه المستعمرات الفرنسية القديمة، وبالتالي هناك تخوف لدى ماكرون من خسارة أصوات تلك الجالية في الانتخابات الرئاسية المقبلة».

وأبرز معراف أن «التوجه نحو تذليل المشاكل والاختلافات بين فرنسا والجزائر، والعودة إلى تطبيع العلاقات، برز في لقاء الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، مع الصحافة الجزائرية، مؤخراً، حينما قال إن الجزائر لا تسعى إلى عودة العلاقات الجزائرية - الفرنسية، لكنها في الوقت ذاته ليست ضد عودتها، شريطة أن يعرف الطرف الفرنسي أنه عندما تكون للجزائريين غيرة على سيادتهم، فإن ذلك ليس انتقاصاً من فرنسا، وليس عيباً، وبالتالي فالجزائر تريد علاقات ندية».

وفي السياق نفسه، أوضح معراف أن «فرنسا حاولت مؤخراً مد جسور التواصل مع الطرف الجزائري، وهو ما برز بقوة في القمة بين فرنسا وأفريقيا في باريس، أكتوبر المنصرم، إذ كان هناك، لقاء خفي بين وزير خارجية الجزائر والرئيس الفرنسي والسلطات العليا في فرنسا، على هامش القمة، بحثوا خلاله إمكانية تذليل هذه المشاكل والاختلافات، والعودة إلى تطبيع العلاقات بين البلدين».

وبيَّن معراف أن «زيارة وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، إلى الجزائر، تتويج لكل هذه المباحثات والاتصالات، التي كانت في الكواليس والخفاء». وأكد معراف أنها «ستكون لها آثار إيجابية جداً، لأن قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع فرنسا، بالإضافة إلى مشاكلها مع المغرب، وغيرها من الأمور الأخرى، يضع حكومة الجزائر في دائرة من العزلة الدولية، وهو ما يشعر به الرأي العام الجزائري أيضاً» بحسب معراف.

مكانة فرنسا الاقتصادية

من جانبه، قال الخبير الدولي في الاقتصاد والمالية، الجزائري، نبيل جمعة، إن الجانب الفرنسي يدفع نحو عودة بلاده بقوة إلى الاقتصاد الجزائري، بعدما خسرت فرنسا أموالاً كبيرة كانت تكسبها من التعامل مع الجزائر، بعد إغلاق الأخيرة أبوابها في وجه استيراد القمح الفرنسي، وتوجهت إلى القمح الروسي، وأيضاً بعد مغادرة البنك الفرنسي للجزائر، ومعه مئات الشركات الفرنسية، لأسباب سياسية واقتصادية.

وحول اتفاقية التبادل التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، قال جمعة، في تصريحات خاصة، «الجزائر وقَّعت اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، وأخرى خاصة مع فرنسا، على أساس رابح-رابح، لكن الجزائر خسرت؛ إذ استوردت من الاتحاد الأوروبي، بما فيه فرنسا، واردات قيمتها مئات المليارات من الدولارات، في حين أن دول الاتحاد الأوروبي لم تستورد أي شيء من الجزائر، ما جعل تلك الاتفاقية اتفاقية رابح-خاسر».

وأوضح جمعة أن «فرنسا لها حصة الأسد في الجزائر، بحيث أن 60 % من الواردات الجزائرية قادمة من فرنسا، لكن هذه الأخيرة لم تلعب، بحسبه، الدور المنوط بها، متخوفة من المنافسة الدولية من الصين وتركيا والهند، ومن بعض الدول الناشئة، ما نتج عنه خسارتها».