الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بعد اعتزال سعد الحريري.. من يملأ الفراغ السياسي داخل تيار السُنة ؟

بعد اعتزال سعد الحريري.. من يملأ الفراغ السياسي داخل تيار السُنة ؟

هل يُـقفل بيت الحريري؟ (إي بي أيه)

عاد الزخم إلى المشهد السياسيي في لبنان مع الحديث عن «فراغ سياسي» داخل الطائفة السنية أحدثه إعلان رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري، الاثنين، بالدموع، اعتزاله العمل البرلماني والسياسي، لا سيما قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية المقررة في مايو القادم.

تدور التكهنات الآن عن «المؤهَل» لقيادة التيار السني في المرحلة المقبلة، في مواجهة الهيمنة الشيعية، التي لم يستطع الحريري طوال ما يقارب عقدين كبح نفوذها في الساحة السياسية، بحسب تقرير نشرته «نيويورك تايمز» وصف فيه حزب المستقبل بـ«القوة الموازنة للقوة المتزايدة للمسلحين المدعومين من إيران داخل لبنان». وأدى الإخفاق في تلجيم نفوذ حزب الله إلى تلك المعضلة التي يعيشها لبنان حالياً، من امتناع المقرضين الأجانب عن إنقاذ البلاد من أزمتها المالية، ما لم يتم إجراء إصلاحات سياسية مستعصية حتى الآن.

وأشارت الصحيفة، في تقريرها، إلى توسيع جماعة «حزب الله» المسلحة ترسانتها من الصواريخ الموجهة إلى إسرائيل، وإرسالها مقاتلين للتدخل في حروب إقليمية أخرى. وقالت إن «النخبة الحاكمة في البلاد، بما فيها الحريري، فشلت في علاج نقاط الضعف الاقتصادية» التي عانى منها لبنان في ظل سيطرة حزب الله. مع ذلك، اعتبرت أن خروج الحريري الآن من المشهد الراهن يخلف فراغاً يثير التساؤلات عن شكل التغيير السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة.. و«ما قد ينذر به».

استعار الطائفية

جاءت تلك التطورات بالتزامن مع بيان للبنك الدولي، صدر الثلاثاء، بشأن الكساد الاقتصادي في لبنان، الذي كان يوماً مركزاً للثراء والليبرالية في الشرق الأوسط، قبل اندلاع الحرب الأهلية (1975 - 1990). وصف البيان الكساد الحالي بأنه «من تدبير النخبة»، ونقل عن تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني (خريف 2021 ) قوله إن «الكساد المتعمّد في لبنان هو من تدبير قيادات النخبة في البلاد التي تسيطر منذ وقت طويل على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية». وأضاف «استمرّت هذه الهيمنة على الرغم من شدة الأزمة، وهي واحدة من.. أشد 3 أزمات في العالم منذ خمسينات القرن الـ19».

كان انزلاق لبنان إلى الانهيار المالي قد بدأ في عام 2019، نتيجة سوء إدارة الإنفاق الضخم، ما تسبب في ارتفاع الديون، وفي شلل سياسي مع تناحر الفصائل المتنافسة، لتصل الأزمة إلى «طريق مسدود» عبر عنه الحريري (51 عاماً) في خطاب اعتزاله بقوله إنه «مقتنع بأنه لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني، والتخبط الدولي، والانقسام الوطني، واستعار الطائفية، واهتراء الدولة».

وبينما كان عدد من أنصار الحريري يقطعون الطرقات في العاصمة بيروت، احتجاجاً على قراره التنحي، رأت أوساط سياسية لبنانية أن قراره «نهاية غير مأسوف عليها»، منتقدين «تقلب» مواقفه، و«عجزه» عن الوقوف في وجه حزب الله. والمعلوم أنه في عام 2020 أدانت محكمة تابعة للأمم المتحدة عضواً في جماعة «حزب الله» الشيعية بالتآمر لقتل الحريري الأب. غير أن سعد الحريري، وفي خطاب اعتزاله، أقر بأنه اضطر إلى اتخاذ خطوات ومساومات، في إشارة إلى تحالفه مع حزب الله.

«لن يُقفل بيت الحريري»

وبعد دعوة سعد الحريري، الذي ورث العباءة السياسية عن والده الراحل رفيق الحريري عقب اغتياله عام 2005، عائلته في «تيار المستقبل» لاتخاذ الخطوة نفسها، باعتزال العمل السياسي، جاء أول رد فعل على دعوته من مصادر مقربة لشقيقه بهاء الحريري، الذي اعتبر أن القرار «لا أسف عليه.. وخطوة مهمة تأتي في مصلحة عملية التغيير». وأضافت المصادر «لن يُقفل بيت رفيق الحريري»، مشيرة إلى أنه يجب النظر إيجابياً إلى الخطوة.

وتعكس التصريحات المنافسة المشتعلة بين الشقيقين. واعتبرت المصادر أن حركة «سوا لبنان»، التي يتحرك من خلالها بهاء الحريري، قادرة على ملء الفراغ السياسي في الساحة السنية - إن وجد. وتعتبر الحركة السياسية نفسها «عابرة للطوائف»، وتعتمد على توزيع المساعدات للمحتاجين في معاقل السنة. كما تُحضر لخوض المعركة الانتخابية في مايو. وتقول إنها لا تسعى لأن تكون خليفة لتيار «المستقبل» الذي أسسه الحريري الأب.

كان موقع «إريبيان بزنس» قد نقل عن الملياردير بهاء الحريري ( 55 عاماً)، في تصريحات أدلى بها العام الماضي، إنه يدعم حركة سوا، معتبراً أنها تهدف إلى «إصلاح ذي مغزى يسحق الفساد ويحقيق الازدهار الاقتصادي». وخلافاً لشقيقه سعد، ابتعد بهاء عن الحياة السياسة، ولطالما نفى تقارير تحدثت عن تطلعاته السياسية. ونقل «إريبيان بزنس» عنه القول إن «العمل السياسي لا يناسبني»، لكنه أكد أن حركة سوا تعمل بشكل مستقل من أجل التغيير.

لكن في بلد كلبنان يقوم على نظام محاصصة طائفية معقدة، رأت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، في هذه الظروف أن من أسمتهم بـ«سماسرة النفوذ» في لبنان قد يقررون عدم إجراء انتخابات مايو أساساً، طالما أن الجماهير السنية تمر بهذه الحالة من الفوضى.