الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حوار | دبلوماسي عربي سابق: زيارة الأسد للإمارات خطوة فى الاتجاه الصحيح

حوار | دبلوماسي عربي سابق: زيارة الأسد للإمارات خطوة فى الاتجاه الصحيح
تبلور رؤية إماراتية- سعودية- مصرية واضحة أفضل ما حدث في السنوات الأخيرة

زيارة الأسد تجسد الرغبة العربية الحقيقية في ترسيخ السلام بالمنطقة

خطوة للفت الانتباه إلى قدرة الدول العربية على القيام بمبادرات سياسية مؤثرة


تطور العلاقات الإماراتية مع تركيا وروسيا يساعد في حلحلة الازمة الليبية


حيازة إيران قنبلة نووية يستنزف موادرالمنطقة على حساب التنمية

يمكن استغلال الأزمة الأوكرانية لإعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة

الغرب يجب عليه أن يقدر قيمة الدعم العربي و يعرف أن للمنطقة متطلبات
اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري للشئون العربية، السابق، وآخر سفير لمصر فى أنقرة، قبل خفض مستوى العلاقات، السفير الدكتور عبد الرحمن صلاح، أن استقبال الرئيس بشار الأسد في الإمارات، خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز التقارب العربي، من شأنها لفت انتباه القوى الدولية إلى قدرة دول المنطقة العربية على القيام بمبادرات سياسية مؤثرة، ووجوب مراعاة مصالح الأطراف العربية الفاعلة في الإقليم. وقال فى حوار لـ«الرؤية» إن زيارة الرئيس السوري، تمت في توقيت محسوب، وفي ظل توفر مساحة للحركة أوجدتها أزمة أوكرانيا، لم تتردد السياسية الإماراتية فى الاستفادة منها، كما أن نتائجها ستنعككس ايجابيا على ملفات عربية شتى، متمنيا خطوة إماراتية عربية لاحقة باتجاه ليبيا.



هل تؤيد ما ذهب إليه البعض حول كون الزيارة متوقعة؟

لا أستطيع القول أنني توقعت زيارة كتلك، لكن كانت هناك مقدمات، منها أولا إعادة فتح السفارة الإماراتية بدمشق نهاية 2018، وزيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، لسوريا ولقائه الأسد، وزيارة وزيرة الثقافة السورية للامارات، واشتراك سوريا بجناح فى معرض إكسبو، والمبادرات الإماراتية الإنسانية لمساعدة المواطنين والنازحين السوريين، ويمكن القول إن الخطوة الإماراتية الأخيرة، جاءت لتضيف لبنة قوية أيضا إلى موقف مصري سابق، تمثل فى عدم مقاطعة سوريا واستمرار السفارة المصرية مفتوحة منذ 2011، وتمثيل مصر برئيس قسم رعاية مصالح، ثم وزير مفوض قائم بالأعمال، وفي ظني أنه كان هناك نوع من التنسيق بين الإمارات ومصر فيما يخص زيارة الأسد.

ماذا عن توقيت الزيارة؟

توقيت مرتبط بتطورات دولية، سوريا فى وضع المعبر بين الشرق الأوسط، وما يجري في أوكرانيا، حيث الناتو وروسيا، في مرمى نيران بعضهم البعض، ونفس الأمر في إدلب بسوريا، حيث تتواجد قوات تركيا «عضو الناتو»، على بعد شارعين من القوات الروسية، فضلا عن الوجود الأمريكي في شرق سوريا، بالإضافة إلى كون سوريا منطقة احتكاك دولي، فقد قرأنا أيضا أنها غدت منطقة تجنيد مقاتلين من الطرفين، فتركيا تحشد منها مقاتلين إلى أوكرانيا، وروسيا ترحب بمقاتلين من سوريا بموافقة الحكومة السورية، لينضموا لقواتها في أوكرانيا، والخلاصة من كل ذلك أن الأزمة الأوكرانية أوضحت للولايات المتحدة، وقوى كبرى آخرى، أهمية الأطراف الإقليمية سواء في أوروبا، بعد أن كان ترامب قد أهملها، أو في الشرق الأوسط، حيث تأثير دول مثل مصر والسعودية والإمارات فعال، وفتح مساحات للحركة السياسية وظفتها الإمارات جيدآ.

ماذا عن رد الفعل الأمريكي؟

رد الفعل الأمريكي حول الزيارة ليس حادا ويمكن فهمه، حيث تسعى أمريكا والاتحاد الأوروبى إلى كسب ود وطلب مساعدة الأصدقاء في الخليج والعالم العربي، في المواجهة مع بوتين، وأزيد أن الجانب الغربي يدرك أن زيارة الأسد، ليست زيارة بروتوكولية، وإنما تنطوي على أبعاد للتعاون اقتصادية وسياسية، وأنها تضمنت موقفا إماراتية قويا بخصوص وحدة أراضي سوريا، ووجوب انسحاب الأجانب المتواجدين بشكل غير شرعي منها، والموقف الغربي، غير الحاد، الذى أشرت اليه، مع كل تلك الأبعاد للزيارة، يعني في النهاية عدم ممانعة إزاء الزيارة، كما أن زيارة الأسد أيضا تتجاوب مع مساع مصرية وعربية لإعادة سوريا إلى الإطار العربي، وعدم تركها إلى إيران أو لتركيا، وبالمناسبة فإن خروج القوات التركية من سوريا، سيكون مفتاحا قويا لحل الأزمة هناك.

كيف تقرأ رؤية إيران وتركيا للزيارة ؟

ثبت للبلدين أن قيامهما بدعم الإسلام السياسي كل على طريقته فى الدول العربية طوال العقدين الأخيرين، قد فشل، وتوجت ثورة مصر فى يونيو 2013، وتأييد السعودية والإمارات الحاسم لها، بداية هذا الفشل، مع دور لا ينكر لروسيا، فى هزيمة الجماعات الإرهابية، فى سوريا وليبيا وحاليا هناك توجه تركي إلى تغيير السياسة وتفضيل التعاون والمنافع المشتركة مع الدول العربية الكبيرة، على الصراع، ويبقى أن تدرك إيران أيضا، أن الدنيا تغيرت، وعلينا أن نراقب سلوكها باستمرار كعرب، حيث الواضح أن الجانب العربي يقدم حوافز للتعاون مع إيران وتركيا، ولا يستخدم أدوات الضغط، ويرحب بأي خطوة صادقه تقود إلى سلامة واستقرار دول الإقليم وتنهي التدخلات السافرة في شئون دول عربية، مباشرة، أو عبر حروب بالوكالة، و الزيارة هي عنوان آخر على الرغبة العربية الحقيقية في ترسيخ السلام بالمنطقة.

هل يمكن أن يمتد الجهد الإماراتي إلى حلحلة الازمة الليبية ؟

الإمارات لها موقف أيضا مما يجري فى ليبيا، فمن المهم مع تطور علاقتها بتركيا وروسيا، فضلا عن علاقات الأخوة العربية مع مصر، أن تدعم أيضا تشكيل حكومة مركزية هناك تحكم ليبيا موحدة، جنوبا وشرقا وغربا، وتكون ممكنة اقتصاديا لتستمر، وغني عن القول إن نفس الأطراف الموجودة بسوريا موجودة هناك كذلك؛ تركيا، الولايات المتحدة، روسيا، ويمكن استخدام نفس نهج التقدم إلى حل فى سوريا، لتفكيك المشكلة الليبية ووضعها على مسار الحل.

ماذا عن علاقة الزيارة بالتطورات فى مفاوضات فيينا؟

صحيح أن بين الأسد وإيران علاقات متشابكة، وزيارته للإمارات قد تفيد في تطوير نوع من الحوار مع إيران، ولو فى بعض القضايا، لكن ما يجري في فيينا أبعد من مسألة سوريا، ورغم الخوف المشروع من أن تخرج إيران بمكاسب من الاتفاق المرتقب، لا يقابلها التزامات واضحة بالكف عن التدخل في شؤون دول المنطقة واستنزافها، ففي ظني أن إيران ستدرك أنه لا يمكن أن تنفتح على العالم في حال إزالة العقوبات، وتبيع وتشتري وتتمركز على طريق الحرير، وتصدر النفط بكميات كبيرة تدر عليها أموالا طائلة، بالإضافة إلى ما سيعود إليها بعد إلغاء التجميد والمصادرات. كل ذلك وهي تشعل النيران هنا أو هناك فى الإقليم. إيران ستدرك أن المصالح يمكن تحقيقها بطريقة مختلفة، وقد قلت إن الجانب العربي يقدم حوافز للتعاون مع كل من تركيا وإيران بما يفيد الجميع، فما مبرر الاستمرار فى تشجيع من يطلقون الصواريخ أو المسيرات على المدن العربية؟ وفيما يتعلق بامكانية امتلاك طهران سلاح نووي فإن مدى التقدم الإيراني نوويا سيكون انعكاسا لما سيتم في فيينا، لكن حيازة إيران قنبلة نووية ستفضي تلقائيا إلى سعي أطراف أخرى إلى حيازتها، وسيدخل الكل وقتها فى دورة جديدة من إهلاك موارد كبيرة على حساب التنمية والازدهار.

كيف ترى موقف الجامعة العربية بعد زيارة الأسد للإمارات ؟

نعرف أنه لا يمكن للجامعة اتخاذ قرارات إلا بالتوافق بين الدول الأعضاء، وقد توجد دولة أو اثنتان تعطلان ذلك، لكن لا شيء ثابت في السياسة، ويمكن بالتشاور والإصرار واستغلال أجواء الأزمة الأوكرانية الراهنة الوصول إلى حل لعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة وضمان تأييد روسي لذلك وضمان عدم ممانعة عمليا من القوى الغربية، وخطوة الإمارات الأخيرة تدفع فى هذا الاتجاه بالتأكيد، ولا يفوتني أن أنوه إلى أن بعض من عملوا و صمموا على إبعاد سوريا عن الجامعة، حدث نوع من التحول في مواقفهم.

ماذا عن الموقف الإسرئيلي، هل يمكن أن تشرح لنا الصورة بأبعادها المختلفة ؟

إسرائيل تنسق هجماتها على سوريا مع الجانب الروسي، ولهذا كما رأينا فهي حرصت على ألا تتخذ موقفا واضحا ضد حرب الروس فى أوكرانيا، لأنها لا تريد أن تزعج جار لها هو القوات الروسية المتواجدة في سوريا، وهذا مثال يبين مقدار السيولة التي ولَّدتها الأزمة الاوكرانية، ثم إن إسرائيل تدرك جدية الإمارات فى تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة، ومن ثم لن يكون لها موقف رافض لزيارة الأسد.

كيف تقرأ التقارب الأمريكي مع فنزويلا..وهل يتعلق بالنفط أم هناك مخططات أخرى؟

السياسة دائما تحكمها المصالح، وكل السياسيين يعلمون ذلك، ويفرقون بين المصالح والقدرة على تحقيقها فى الواقع، وأيضا بين المصالح ولغة تبريرها الأخلاقية أو الأيديولجية، والواضح للجميع أن أمريكا والاتحاد الأوروبي يحتاجون إلى دعم الحلفاء وإلى تحييد الخصوم إن لم يكن كسبهم ولو مرحليا في مواجهتهم المحتدمة مع بوتين، وزيارة وفد أمريكي لمادورو تمت فى هذا السياق، لكن علينا أن ندرك أن القادة الفاعلين بالمنطقة العربية، لهم رؤيتهم وتقيماتهم للأحداث وللفرص، ومن هنا جاءت زيارة الأسد للإمارات ضمن رؤية عربية خالصة، وعلى الغرب الذي طلب الدعم وبادر بالكثير، حتى مع ايران وفنزويلا، أن يقدر قيمة الدعم العربي، ويعرف أن للمنطقة العربية متطلبات، ويقدم ما يدعم استقرارها أمنيا واستراتيجيا من جهة، واقتصاديا من جهة أخرى، بالاستثمار والتمويل الميسر ونقل الخبرات والتجارة العادلة، خاصة مع الدول كثيفة السكان أو قليلة الموارد، مع إسناد أى خطوات لتحقيق الاستقرار فى المنطقة.