الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

مجلس الأمة والحكومة الكويتية.. الثقة المفقودة

مجلس الأمة والحكومة الكويتية.. الثقة المفقودة

130 ألف متقاعد تضرروا نتيجة تقاذف المسؤولية بين السلطتين

برلماني سابق: حالة من عدم التنسيق بين الحكومات والمجلس

فهد الشليمي: الطرفان مخالفان للمادة 50 من الدستور الكويتي


أدى التغيير المتواصل للحكومات الكويتية نتيجة سحب الثقة أو الاستجوابات البرلمانية إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد لسنوات طويلة، فضلاً عن تعطيل مصالح المواطنين، والابتعاد عن القضايا الملحة التي تمس حياة الناس بشكل يومي، بحسب محللين وخبراء كويتيين تحدثوا لـ«الرؤية».

وأعلنت وكالة الأنباء الكويتية، الثلاثاء، أن أمراً أميرياً صدر بقبول استقالة رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح والوزراء وتكليفهم بتصريف العاجل من الأمور، وكان رئيس الوزراء قد تقدم باستقالته في الخامس من أبريل لولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح. وجاءت الاستقالة تفادياً لتصويت مجلس الأمة الكويتي على طلب «عدم التعاون» مع الحكومة، كان مقرراً في اليوم التالي، بعد استجواب رئيس الوزراء في البرلمان. ويعني تصويت البرلمان على عدم التعاون مع الحكومة دستورياً رفع الأمر لأمير البلاد ليقرر بنفسه إعفاء رئيس الوزراء وتعيين وزارة جديدة أو حل مجلس الأمة.

ودار الاستجواب الذي قدمه 3 نواب معارضين حول اتهامات لرئيس الحكومة أهمها أن ممارساته «غير دستورية»، بالإضافة إلى عدم التعاون مع المؤسسة التشريعية وتعطيل جلسات البرلمان وعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع الفساد. واستمرت حالة من الشد والجذب بين البرلمان المنتخب والحكومة المعينة من أمير البلاد منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في الـخامس من ديسمبر 2020 وأسفرت عن تقدم نسبي لأصحاب المواقف المعارضة للحكومة، حيث تعرض رئيس الحكومة المستقيل لثلاثة استجوابات متتالية، استهدفت المعارضة من خلالها وزراء في الحكومة، بمعدل استجواب كل شهر تقريباً.

علاقة البرلمان بالحكومة

ويرى البرلماني الكويتي السابق طلال السعيد، أن المسألة ليست مجرد استجواب، لكن الأمر وصل لرفع «كتاب عدم التعاون» ضد الحكومة، موقعاً من أعضاء في المجلس، ما يعني سحب الثقة منها، وحكم بالإعدام السياسي على رئيس الحكومة والوزراء، فمواقف أعضاء مجلس الأمة المعلنة ضد الحكومة، تعني حتمية رحيلها ومغادرتها للمشهد السياسي. وفي تصريحات خاصة، قال السعيد: «هناك حالة من عدم التنسيق وعدم التعاون بين الحكومات والمجلس، والأزمة سببها سوء اختيار الوزراء؛ لأنهم ليسوا رجال دولة، أو سياسيين مخضرمين، يستطيعون قيادة الدولة والترفع عن توافه الأمور، وبما أن المجلس خيار الأمة، ومستمر لـ4 سنوات، فبالتالي يجب تشكيل حكومة تتماشى مع البرلمان».

تأثير سلبي

وأشار إلى أن مجلس الأمة الكويتي يتكون من 50 عضواً، يفترض أنهم نخبة النخبة، وعليه أن يعارض متى كانت المعارضة لصالح المواطن، ويوالي متى ما كانت الموالاة في مصلحة المواطن، مضيفاً أن هناك سلوكاً غير مفهوم لبعض البرلمانيين، من خلال مطالبتهم برحيل رئيسي الحكومة ومجلس الأمة، في مخالفة واضحة للدستور، فهناك إمكانية لإقالة الحكومة ورئيسها، أما رئيس البرلمان، فمستمر طوال 4 سنوات. وأوضح أن أساس المشكلة يعود لعدم وجود مرونة في التعامل بين مجلس الأمة والحكومة، خصوصاً أن لدينا قضايا تتطلب التكاتف، ومنها «منحة المتقاعدين» أو نصيبهم في أرباح التأمينات، وهي مسألة يتقاذفها مجلس الأمة والحكومة، وتؤثر على حياة 130 ألف كويتي من المتقاعدين، تضرروا نتيجة تقاذف المسؤولية بين السلطتين، والسعي لكسب التأييد الشعبي على حساب قضايا واهتمامات الناس. وأكد السعيد أن تغيير الحكومات المتتابع يؤثر على الاستقرار السياسي، قائلاً: «منذ نحو 9 سنوات تأثرت الكويت بشكل سلبي من هذا الأمر، ولولا ستر الله لكانت الأمور سيئة للغاية، ونحن نريد الاستقرار الذي لن يأتي إلا بحسن الاختيار».

غياب التعاون بين مجلس الأمة والحكومة

واتفق معه المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي، بأن كثرة التغييرات الحكومية تؤثر على الاستقرار السياسي للبلاد، والنواحي الاجتماعية وعلى خطط الدولة، فكل وزير له رؤية خاصة، ويريد تغيير وتعديل سياسة ما سبقه، وهذا مجهود ضائع في الواقع. وأضاف الشليمي «بالنظر لخلاف مجلس الأمة مع الحكومة، سنجد أن الطرفين مخالفين للمادة 50 من الدستور الكويتي، والتي تنص على فصل السلطات مع تعاونها، وللأسف لا يوجد تعاون بين المجلس والحكومة». وتابع: «السبب في الشد والجذب المتواصل، يقع أولاً على عاتق الحكومة، وثانياً على اختلاف أهداف المجلس، فهناك نواب (مراهقون سياسياً)، لا يتحدثون بشكل سياسي ناضج، ولا توجد واقعية سياسية، والنواب لديهم مشكلة انقسام حول شخص الرئيس، واختلاف أجندات، ومن المؤكد أن يؤدي هذا لعدم استقرار برلماني أو حكومي». واستطرد: «أي حكومة قادمة تحتاج لتلبية بعض الرغبات الشعبية لتكسب ثقة الناس، مثل مشكلة الإسكان، وحل مشكلة المدينين والمتقاعدين، لكن أداء الحكومات يتسم بالبطء».