الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ترسيم الحدود البحرية تهدد «العهد الجديد» بين المغرب وإسبانيا

ترسيم الحدود البحرية تهدد «العهد الجديد» بين المغرب وإسبانيا

ملك المغرب أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسباني في القصر الملكي بالرباط. (رويترز)

بعد انتظار طويل، ستنطلق المفاوضات بين المملكتين المغربية والإسبانية، في يونيو المقبل، حول ترسيم الحدود البحرية على واجهة المحيط الأطلنطي قبالة سواحل الصحراء المغربية، وهي قضية شائكة جداً بين البلدين، في منطقة بحرية زاخرة بالثروات الطبيعية الهائلة، ما يجعلها قضية تهدد «العهد الجديد» بين المغرب وإسبانيا، الذي انطلق مؤخراً، بعد أزمة حادة عصفت بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال الأشهر الماضية.

واندلعت الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين، بعد استقبال أسبانيا، نهاية أبريل 2021، لزعيم جبهة «البوليساريو»، التي تطالب بانفصال الصحراء المغربية، إبراهيم غالي، بشكل سري، وبهوية جزائرية مزورة، للعلاج من كورونا، لكنها انتهت بتبني إسبانيا، أواخر مارس المنصرم، مبادرة «الحكم الذاتي»، التي يقترحها المغرب منذ عام 2007، لإيجاد تسوية سياسية لقضية الصحراء المغربية، إذ أوضحت إسبانيا، عبر رسالة بعثها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى ملك المغرب، محمد السادس، أن إسبانيا تعتبر المبادرة المذكورة بمثابة الأساس الأكثر جدية، وواقعية، ومصداقية، من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية. وتسببت الأزمة الدبلوماسية المذكورة في تأجيل التباحث المغربي- الإسباني في عدد من الملفات الاستراتيجية، ومن بينها ترسيم الحدود البحرية، إذ تم تأجيل القمة الاستثنائية بين البلدين، التي تعد لقاءً بالغ الأهمية لتطوير علاقات الصداقة والتعاون العميقة والمكثفة القائمة بين الشريكين الاستراتيجيين، بحسب بيان مشترك للبلدين.ويتوقع ألا تحسم قضية ترسيم الحدود بينهما بسهولة، بسبب الثروات الطبيعية الباطنية المهمة جداً، التي تقع في مناطق يشملها ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وتحديداً جبل «تروبيك»، الموجود في الأعماق تحت سطح البحر قبالة السواحل الجنوبية المغربية، ويحتوي، بحسب تقارير، على «كنز معدني»، وتحديداً ما يطلق عليها «مواد المستقبل»؛ إذ يضم الكوبالت، والنيكل، والتيلوريوم، والرصاص، والليثيوم، والفاناديوم، وهي المواد التي تعتمد عليها صناعة السيارات الكهربائية، والهواتف الذكية، والألواح الشمسية.

وبعد 15 عاماً من التوقف عن عقد الاجتماعات، سيشهد شهر يونيه عقد اجتماع للجنة المشتركة المغربية- الإسبانية الخاصة بترسيم الحدود البحرية بينهما، بحضور ممثلين عن حكومة جزر الكناري الواقعة قبالة المغرب جنوباً من ناحية المحيط الأطلنطي. وقام وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، بتحديد تاريخ بدء المفاوضات بين المملكتين، ومن جهته، كشف وزير الشؤون الخارجية الإسبانية، خوسيه مانويل ألباريس، أنه اتفق مع وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، على عقد اجتماع اللجنة المشتركة في يونيو. واستعداداً لترسيم الحدود البحرية المغربية- الإسبانية، صادق البرلمان المغربي، في يناير 2020، على قانونين؛ الهدف منهما القيام بتحديد دقيق للمجالات البحرية التابعة لسيادة المغرب، بما فيها مياه منطقة الصحراء المغربية، وإحداث منطقة اقتصادية خالصة تمتد على مسافة 200 ميل بحري في عرض الشواطئ المغربية، وهما القانونان اللذان قال عنهما وزير الشؤون الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، إنهما تحيين للمنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية، ويدخلان في إطار الأمور السيادية الداخلية للمملكة المغربية، لكنهما في المقابل لا يعتبران فرضاً للأمر الواقع الأحادي الجانب من قِبل المغرب، ويمثلان انفتاح المملكة، واستعدادها للدخول في الحوار مع جيرانها، وتحديداً المملكة الإسبانية، بخصوص المجالات البحرية، ومعالجة أي تداخل على هذا المستوى.



وفي سياق انطلاق «العهد الجديد» بين المملكتين المغربية والإسبانية، قرر البلدان فتح الحدود البرية بين الأراضي المغربية، ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين المحتلتين من طرف إسبانيا، وذلك يوم الثلاثاء، بعد إغلاقها قبل عامين بسبب جائحة «كوفيد-19»، لكن الإغلاق استمر حتى الآن بسبب الأزمة الدبلوماسية الحادة بين المملكتين. وتثير مدينة سبتة، التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، واستعمرتها إسبانيا سنة 1580، ومدينة مليلية التي تطل على نفس الواجهة البحرية، واستعمرتها إسبانيا سنة 1497، واللتين تقعان ضمن الأراضي المغربية، وتتمتعان بالحكم الذاتي الإسباني، أزمات دبلوماسية مستمرة بين البلدين، كان آخرها في ديسمبر 2020؛ بعدما قال رئيس الحكومة المغربية السابق، سعد الدين العثماني، في تصريحات تلفزيونية، إن سبتة ومليلية من النقاط التي من الضروري أن يفتح فيها النقاش، والجمود هو سيد الموقف في الفترة الحالية في ما يخص هذا الملف، ما دفع إسبانيا إلى استدعاء سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بنيعيش، نظراً لأن المملكة الإسبانية تعتبر المدينتين المذكورتين «جزءاً لا يتجزأ من أراضيها».