الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الجزائر تهدد إسبانيا بـ«أزمة غاز»

الجزائر تهدد إسبانيا بـ«أزمة غاز»

محطة الغاز «أميناس» في الجزائر (أ ف ب).

تتجه العلاقة بين إسبانيا والجزائر، المزود الرئيسي للمملكة الإسبانية بالغاز الطبيعي، نحو مزيد من التعقيد، إذ انخفضت صادرات الجزائر من الغاز إلى إسبانيا بأكثر من النصف، وهو ما فُسر بالأزمة الدبلوماسية بين البلدين، بعد تبني مدريد مبادرة الحكم الذاتي، التي يقترحها المغرب لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية، وإعلان إسبانيا أنها ستشرع في تصدير الغاز الطبيعي إلى المغرب عكسياً عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، الذي كان يوصل الغاز الجزائري إلى إسبانيا، مروراً بالمغرب، وتوقف العمل به في أواخر أكتوبر 2021، لدرجة أن الجزائر هددت بفسخ عقدها مع مدريد، إذا صدرت الغاز الجزائري إلى المغرب.

وتراجعت واردات الغاز الطبيعي الإسبانية الشهرية من الجزائر من 60% من مجموع ما تستورده إسبانيا من تلك المادة، إلى 29% فقط، وفي المقابل، اتجهت إسبانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي.

صراع الصحراء المغربية

وتبنت إسبانيا، أواخر مارس الماضي، مبادرة «الحكم الذاتي»، التي يقترحها المغرب منذ عام 2007، لإيجاد تسوية لمشكلة الصحراء المغربية المتنازع عليها منذ عام 1975 بين المغرب وجبهة «البوليساريو» الانفصالية المدعومة من قِبل الجزائر والمستقرة على أراضيها.

وأوضحت إسبانيا، عبر رسالة بعثها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى ملك المغرب، محمد السادس، أن إسبانيا تعتبر مبادرة «الحكم الذاتي» بمثابة الأساس الأكثر جدية، وواقعية، ومصداقية، من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية، وذلك بعد أزمة دبلوماسية حادة بين المغرب وإسبانيا، بعد استقبال الأخيرة، نهاية أبريل 2021، لزعيم جبهة «البوليساريو»، التي تطالب بانفصال الصحراء المغربية، إبراهيم غالي، بشكل سري، وبهوية مزورة، للعلاج من كورونا.

ولم تجدد الجزائر عقدها مع المغرب، للاستمرار في تزويد إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز أوروبا-المغرب العربي، الذي يمر عبر المغرب، بعدما انتهى العقد السابق بتاريخ 31 أكتوبر 2021، وذلك بسبب الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.

تصدير الغاز الإسباني إلى المغرب

وقررت إسبانيا تصدير الغاز الطبيعي إلى المغرب عكسياً عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، ما دفع الجزائر إلى التهديد بفسخ العقد الخاص بتصديرها للغاز إلى إسبانيا، إذا أصرت الأخيرة على تصدير الغاز الطبيعي الجزائري إلى المغرب.. وفي المقابل، أكدت إسبانيا أن الغاز الذي ستصدره إلى المغرب ليس غازاً جزائرياً.

أزمة دبلوماسية

في هذا السياق، قال الخبير الدولي في الاقتصاد والمالية، الجزائري نبيل جمعة، إن الأزمة بين الجزائر وإسبانيا دبلوماسية بالأساس، بعد تصريح بيدرو سانشيز حول الصحراء، وأن ما زاد الأمر تعقيداً هو حديث وزيرة الطاقة الإسبانية، تيريزا ريبيرا، عن تصدير الغاز الطبيعي إلى المغرب، ما استقبله وزير الطاقة الجزائري، والحكومة الجزائرية، بالرفض، وأن الأمور كادت تصل، بحسب جمعة، إلى قطع إمدادات الغاز الجزائري عن إسبانيا.

وأضاف جمعة، في تصريحات خاصة، أنه رغم تأكيد إسبانيا على أن الغاز الطبيعي، الذي ستصدره إلى المغرب، ليس جزائرياً، وأن مصدره أسواق أخرى، فمن المستحيل التأكد من صحة ذلك، متسائلاً: «من أين ستأتي إسبانيا بالغاز الطبيعي في ظل الأزمة الحالية؟».

اقرأ أيضاً.. احتجاز الوسيط الأوروبي للملف النووي في مطار فرانكفورت دون إيضاح

وفي المقابل، أبرز جمعة أنه لا مشكلة في أن ترسل إسبانيا غازاً طبيعياً غير جزائري إلى المغرب، وأنه حتى العقد الموقع بين الجزائر وإسبانيا لا يتضمن بنوداً تمنع إسبانيا من تصدير الغاز الجزائري إلى المغرب.

واعتبر جمعة أن الجزائر تتناقض مع نفسها إذ تقول باستمرار إنها لا علاقة لها بقضية الصحراء المغربية، وإنها طرف محايد، بينما تتدخل في المقابل في قرار إسبانيا السيادي الخاص بتبني مبادرة الحكم الذاتي المغربية.

وأوضح أنه بمجرد اصطفاف دولة إلى جانب المغرب في قضية الصحراء المغربية، تتدخل الجزائر، التي قال إنها صعدت الأمور ضد إسبانيا بعد تقاربها مع الرباط، لكنها لم تتخذ خطوات تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بعدما اعترفت، في ديسمبر 2020، بسيادة المغرب على كامل منطقة الصحراء المغربية، لكونها قوة عالمية، كما لم تتخذ موقفاً ضد فرنسا، التي تميل إلى الطرح المغربي في هذا النزاع، لأن الجزائر مكبلة، وفق جمعة، بالاتفاقيات التي أمضاها المسؤولون الجزائريون في وقت سابق مع فرنسا.