السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حزب الله يخسر الأكثرية.. قراءة في ظواهر الانتخابات البرلمانية في لبنان

حزب الله يخسر الأكثرية.. قراءة في ظواهر الانتخابات البرلمانية في لبنان

وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي في مؤتمر إعلان نتيجة الانتخابات في بيروت. أ ب

يترقب اللبنانيون جهود البرلمان الجديد لحل المشاكل والأزمات المتلاحقة، التي تعصف بالبلاد، في كل قطاعات الحياة، من الكهرباء والاتصالات والخدمات العامة ورغيف الخبز، في وقت أبدى فيه محللون سياسيون تحدثوا لـ«الرؤية»، تخوفهم من أنه في ظل عدم وجود أغلبية، وفق النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي أعلنتها وزارة الداخلية اللبنانية الثلاثاء، فإن البرلمان المقبل يواجه تحديات كبيرة، تتمثل في احتمال عدم التوافق بين الكتل المختلفة، ما سيعوق تشكيل الحكومة الجديدة، وربما إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة.

النتائج النهائية

وحسب النتائج النهائية لانتخابات لبنان النيابية، فاز التيار الوطني الحر بـ18 مقعداً، وحزب القوات اللبنانية 20 مقعداً، ولوائح المجتمع المدني 15 مقعداً، وحزب الله 13 + 3، وحركة أمل 15 مقعداً، والحزب التقدمي الاشتراكي 9 مقاعد، وأعضاء المستقبل السابقون 6 مقاعد، والشخصيات المستقلة 11 مقعداً، وحزب الكتائب 5 مقاعد، وحزب التاشناق 3 مقاعد، وحركة الاستقلال، وتيار المردى، والمشاريع، بمقعدين لكل منهم، والتنظيم الشعبي الناصري، وحزب الاتحاد، وحزب الوطنيين الأحرار، والجامعة الإسلامية، بمقعد وحيد لكل منهم.

حزب الله خسر الأغلبية

وخسر حزب الله وحلفاؤه الأكثرية في البرلمان اللبناني الجديد، وفق ما أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التي أعلن وزير الداخلية بسام المولوي الدفعة الأخيرة منها، وكان حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، والمدعوم من إيران، يحتفظ مع حلفائه بأكثر من 70 مقعداً من إجمالي 128 في البرلمان المنتهية ولايته، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.وفازت لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل أكثر من عامين بـ13 مقعداً على الأقل في البرلمان الجديد، وفق ما أظهرته النتائج النهائية.

تشتت الصوت السني

ومن جانبه، اعتبر أستاذ علم الاجتماع بالجامعة اللبنانية، الدكتور طلال عتريسي، أنه لا يبدو أن هناك فروقات كبيرة في النتائج بين التيارات الرئيسية، قائلاً «التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون وحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع متقاربان إلى حد كبير، خصوصاً مع تحالفات كلا الطرفين، رغم زيادة عدد المقاعد التي حصل عليها حزب القوات اللبنانية».وفي تصريحات خاصة، قال عتريسي «حزب الله لم يخسر أياً من نوابه، لكنه خسر بعض الحلفاء، وربح حلفاء آخرين، وهذا يعود إلى أن حسابات الأصوات لم تكن دقيقة جداً، بسبب تشتت الصوت السني الذي يعبر عنه تيار المستقبل بشكل رئيسي».

رموز المجتمع المدني والمستقلون

وأضاف «العامل الجديد في المشهد هو دخول مجموعة من رموز المجتمع المدني والمستقلين، إلى البرلمان، والأهداف التي وضعت لهذه الانتخابات من قبل بعض القوى السياسية، والحديث عن عزل حزب الله عن بيئته الشعبية لم يتحقق، لأنه حافظ على مستوى مرتفع من التصويت، ولم يخرج خاسراً، وإن كان مع حلفائه لا يشكل أغلبية في المجلس النيابي».وتابع "هناك حالة من التوازن الهش بين المجموعات البرلمانية، وليس هناك أغلبية واضحة أو كبيرة في المجلس الجديد، مشيراً إلى أن وصول نحو 12 نائباً من بيئات مختلفة هو العامل الجديد.

جبهة جديدة

وحول قدرة المستقلين على تشكيل جبهة مدنية عابرة للطائفية، يرى عتريسي، أن هؤلاء نجحوا وفق قانون انتخابي طائفي، بمعنى أنهم ترشحوا بناء على اعتبارات مناطقية وطائفية، لا تحت عنوان مستقل، وجزء كبير من انتخابهم كان لهذه الاعتبارات، وغير معلوم إذا كانوا سيعملون وفق جبهة واحدة أم لا.ورجح عتريسي أن لا تكون الأيام المقبلة مريحة بالنسبة للمجلس النيابي؛ لأن هناك توازناً تقريبياً بين مختلف القوى، يمنع إحداها من فرض ما تريد، متابعاً «مررنا بتجارب أغلبية سابقة لكل الاتجاهات، ولم تتمكن هذه الأغلبية من تحقيق ما تريد، ومشكلة لبنان أنه يعمل وفق مبدأ التوافق بين الطوائف».وأشار إلى أن البرلمان الجديد عبارة عن مجموعة من التوازنات والقوى الجديدة، لم تطرح مشروعات واضحة، وليس لديها رؤية اقتصادية معلنة، فقط شعارات سياسية، وقد يتعذر تحقيق إنجازات كبيرة للصعود من الهاوية التي يعيش فيها لبنان، إلا بالتوافقات الإقليمية.

انكفاء نسبي

من ناحيته، قال المحلل السياسي اللبناني الدكتور أحمد يونس، «نتائج الانتخابات النيابية أسفرت عن انكفاء نسبي لأحزاب السلطة، وظهور كتلة وازنة من المجتمع المدني والمستقلين، فضلاً عن وجود تغيرات واضحة في المزاج المسيحي؛ من خلال ارتفاع عدد نواب حزب القوات اللبنانية المعارض لسياسة حزب الله ومحور الممانعة».وفي تصريحات خاصة، أضاف يونس «هناك حالة من التشتت الواضح على مستوى الطائفة السنية، بسبب غياب الرئيس سعد الحريري واعتكافه، يقابله تماسك وتلاحم على مستوى الطائفة الشيعية، والمحافظة على نفس عدد النواب، رغم ارتفاع التمثيل المسيحي المناهض لسياسة حزب الله».

تشكيل الحكومة وانتخابات الرئاسة

واستطرد قائلاً «بالنسبة للصورة الجديدة داخل المجلس النيابي، فسيكون هناك انقسام عمودي، خاصة في حال تحالف كتل المعارضة والمستقلين والمجتمع المدني، ما سيؤدي لعرقلة عملية تأليف حكومة جديدة، بالإضافة لتعذر إجراء الاستحقاق الرئاسي على مستوى رئاسة الجمهورية نهاية أكتوبر المقبل».وحذر يونس، من أنه في حال عدم إنجاز تأليف الحكومة الجديدة، سيتعذر انتخاب رئيس للجمهورية، وسينتج عن ذلك غياب فراغ رئاسي وحكومي، ما سيدخل لبنان في حلقة جديدة من الفراغ.وأوضح أنه في ظل النتائج الحالية، فلن تكون هناك أكثرية مطلقة، تستطيع فرض سيطرتها على القرار السياسي، إلا إذا حصل مخاض جديد من التحالفات داخل المجلس وبين الكتل النيابية المنتخبة.وفي حالة تعذر ممارسة الحكم في ظل هذا الانقسام المتوقع، يرى يونس أن الحل سيكون من خلال التدخل الإقليمي، والسعي إلى عقد مؤتمر وطني تأسيسي، على غرار مؤتمر الطائف؛ يتضمن تسويات مختلفة ينتج عنها انتخاب رئيس جمهورية جديد، وتشكيل حكومة جديدة، كما حصل في مؤتمر الدوحة.