الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«الكويت ليست بخير».. الكتّاب والمثقفون لم يدفنوا رؤوسهم في الرمال

«الكويت ليست بخير».. الكتّاب والمثقفون لم يدفنوا رؤوسهم في الرمال

أزاحت افتتاحية القبس الكويتية، الستار عن الوجه الآخر للأزمة الكويتية، خاصة أن كلمات الافتتاحية جاءت حادة وواضحة ولا تحتمل إلا معنًى واحداً «الكويت ليست بخير». ومن ضمن ما جاء في هذه الافتتاحية «ما يتم تداوله اليوم، خلف جدران الدواوين وكواليس المجالس الخاصة، بلغ مراحل متقدمة، وهو أمر خطر وغير مسبوق، حيث يكاد يجمع أهل الكويت -باختلاف مشاربهم- على أن بلادهم تسير اليوم نحو المجهول بلا خطة عامة، ولا مشروع وطني شامل، فالحكومة خلال الفترة الأخيرة، ونتيجة أدائها، أفقدت الكويت هويتها، السياسية والاقتصادية، لدرجة أنه لا يوجد مسؤول في الدولة يستطيع الإجابة عن هذا السؤال الجوهري: ما هو مستقبل الكويت؟» وغيرها الكثير من العبارات والاتهامات التي قلّما توجد في الخطاب الإعلامي الخليجي. هذه الافتتاحية فتحت أعيينا على حقيقة أخرى أن كتاب ومثقفي الكويت لم يدفنوا رأسهم في الرمال أمام ما تعانيه بلادهم، بل شخّصوا الواقع المؤلم الذي وصلت إليه الأمور.

الديمقراطية أم الاستقرار؟

التجاذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، جعل المشهد العام قاتماً، ووصل حدّ الاتهام بانعدام قدرة التعاطي مع إشكالات سياسية واقتصادية واجتماعية؛ وغياب مفاهيم الحداثة والتقدم والنمو. ورغم تقادُم تجربة الإمارة الخليجية النسبي مع التجربة النيابية والتشريعية، لكنها ظلت بين الحين والآخر عرضة للاختبار، ومحكومة بالتجاذب الحادّ بين السلطتين من جهة، واختيار أصعب بين الديمقراطية والاستقرار من جهة أخرى. ووسط غبار ادّعاء محاولات الإصلاح، اقتصر تعامل الحكومات المتعاقبة على «الانحناء لعواصف موسمية»، وهو ما صنَّفه مراقبون بـ«غياب رؤية»، تفضي في نهاية المطاف إلى صناعة «دولة رخوة»، ينعكس ضعفها على قاعدة الهرم السكاني، ويقود حتماً إلى ارتباك وفوضى وانعدام الرضا، ولعل ذلك هو ما آلَ إليه الحال في الكويت.

فجر السعيد: لا إيمان بالإعلام

ربما شهد على ذلك قرار الإعلامية والناشطة السياسية الكويتية الشهيرة فجر السعيد بغلق قناتها الفضائية «سكوب». ورغم أنها عزت القرار إلى انتهاء دور صاحبته في مواجهة رياح ما يُعرف بـ«الربيع العربي»، لكنها كانت أكثر وضوحاً في تبرير الموقف، حين ربطت بينه ووضع بلادها القاتم. وأشارت في تغريدة عبر حسابها الرسمي على «تويتر»، جاء فيها: «في ظل العالم المتطور.. لا يمكن الاستمرار في البث التلفزيوني في ظل أصحاب قرار لا يؤمنون بالإعلام ولا أهميته.. لذلك قررت بقلب يملؤه الحزن إغلاق تلفزيون «سكوب» بعد 12 سنة إرسال». وبأسلوب لا يخلو من استخفاف بدور إعلام بلادها الرسمي، قالت فجر السعيد في تغريدة أُخرى: «البركة بالموجود وفي إعلام #الحكومة اللي اتصرف عليه مليارات إن شاء الله يغطي غيابنا».

أحمد الصراف: لا ديكتاتورية ولا ديمقراطية

ولا ينعزل موقف فجر السعيد وغيرها من مثقفي الكويت عن الكاتب أحمد الصرَّاف، الذي أدلى بدلوه هو الآخر في محاولة تحديد هوية الأزمة الكويتية، مشيراً إلى أن المشكلة – حسب ظنه – تكمن في عدم استقرار البلاد على وضع سياسي معين «فلا نحن دولة ديكتاتورية، ولا نحن دولة ديمقراطية!». وأضاف الصرَّاف، حسب ما نقلته عنه دوائر صحفية خليجية: «لو كنا ننتمي إلى أحد النظامين، لما تأخرنا في التنمية، ولما وصلنا لهذا العجز والإرباك السياسي الذي نحن فيه، ولما تأخرت خطط التنمية، ولكان من المحال مثلاً تصور دفع أكثر من ملياري دولار غرامة «مشروع الداو»، لأن الحكومة والنّواب اختاروا حينها التناحر، على حساب مصلحة الوطن العليا!».

ناصر العبدلي: التمرد على الدستور

الوضع المذري في الكويت يعزوه الكاتب الكويتي ناصر العبدلي، الرئيس السابق للجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية، إلى التحولات المفصلية على الساحة السياسة المحلية؛ ولعل أولى مؤشرات تلك التحولات هو التبرؤ من كل تداعيات ما يُعرف بـ«الربيع العربي»، الذي دفعت أجواؤه الكثير من كوادر الساحة السياسية خلال المرحلة الماضية إلى التمرد على الدستور والأسس التي قامت عليها الديمقراطية الكويتية، كما تتضمن مؤشرات التحول محاولة هؤلاء النشطاء إعادة تنظيم نشاطهم وفق تلك الأسس والمرتكزات، وقد تجلّى ذلك بوضوح إزاء بعض المشاريع تحت لافتة الإصلاح السياسي والاقتصادي.

محمد البغلي: نفتقر لـ«نفضة شاملة»

أما الكاتب الكويتي محمد البغلي فرأى أن بلاده تفتقر إلى «نفضة شاملة»، وحسب مقاله المنشور بصحيفة «الجريدة» الكويتية، فالحديث عن إخفاقات مؤسسات الكويت خلال السنوات الماضية يحتاج إلى مجلدات، واستعراض جانب من هذا الإخفاق يخرج عن نطاق جلد الذات أو الرؤية المتشائمة، وإنما هو استعراض لتدهور أوضاع خدمية وإدارية في البلاد لم تتوقف فيها التحديات عند تلك الهيكلية المعروفة منذ عقود كالاعتماد على مصادر ناضبة أو اختلالات سوق العمل والتركيبة السكانية، ناهيك عن محدودية حجم القطاع الخاص في الاقتصاد، بل امتدت تباعاً إلى تدهور خدمات كانت سهلة نسبياً خلال فترات سابقة كسهولة توفر السكن والتعليم وجودة الطرق، وصولاً إلى أزمات صغيرة لا يليق بالكويت أن تقع فيها كطوابير العمالة أو التعثر في إعادة التعليم على الأقل كما كان قبل جائحة كورونا، أو البحث عن سداد رواتب المستخدمين شهراً بشهر؛ وهو ما يؤكد أن الكويت باتت اليوم أحوج إلى «نفضة» شاملة في جهازها الحكومي تتخلى فيها عن كل قواعد المحاصصة والولاءات الفرعية إلى معايير الكفاءة والإنجاز، وإلا فسنواجه المزيد من الإخفاقات غير المتوقعة.

إقرأ أيضاً..الرؤية تعيد نشر افتتاحية «القبس»: الكويت ليست بخير

«الجريدة»: نقبع تحت أوحال التخلف

وقبل مقال البغلي بأيام، خصصت صحيفة «الجريدة» الكويتية مقالها الافتتاحي لاستعراض مآلات الأزمة الكويتية بكافة مناحيها، مشيرة إلى تراجع الكويت يوماً تلو آخر أمام تقدم العالم؛ فالكويت بوضعها الحالي «باتت تقبع تحت أوحال التخلف في وقت سبقتنا كل دول الخليج، التي تركتنا في ثباتنا العميق، لتلحق بركب الانفتاح والتقدم والتنمية والتعليم». ولا يمكن أن يتأتى ما تأمله البلاد، حسب افتتاحية صحيفة «الجريدة» وحكومة الكويت «الشجاعة» ترتعش، وتصرُّ على إمساك العصا من المنتصف، وتتلون مواقفها بضبابية مجهولة المعالم. ويتهم الكاتب الكويتي، الأستاذ الدكتور عبداللطيف بن نخي، حكومة بلاده بالمشاركة في إرخاء الدولة، وعزا ذلك إلى محورين رئيسيين، أولهما: اعتياد الحكومات المتعاقبة على الانتقائية عند تطبيق القانون على فئة أو حالة دون أخرى. ثانياً: ارتباك الحكومة المتكرر أمام النهج البرلماني الهمجي، وكان آخره استمرار التزام الشيخ صباح الخالد بـ«اللاءات الثلاث»، وصعوده منصة الاستجواب رغم علمه بعدم دستورية جوانب من الاستجواب.