الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

سيناريوهات تطور أزمة فيروس كورونا عالمياً

سيناريوهات تطور أزمة فيروس كورونا عالمياً
بعد أكثر من شهرين من اندلاع فاشية فيروس الكورونا الجديد من النوع nCoV، هل يمكن أن تعلن المنظمات الصحية العالمية والحكومات المعنية كون تحول ذلك الفيروس إلى وباء عالمي جديد؟

يتسابق العلماء للتنبؤ بالدول التي سيضربها الفيروس في وقت لاحق، كما يحاولون تقييم الخسائر الناجمة عنه في النهاية، وما إذ كان إجراءات العزل الصحي والحد من السفر سوف تبطئ انتشار ذلك الفيروس. لكن، وحسبما تذكر دورية «ساينس» الشهيرة، يحتاج العلماء إلى معرفة المزيد حول مدى سهولة انتشار الفيروس، وما إذا كان الأشخاص المصابون به دون أعراض يمكن أن يصيبوا الآخرين.

بعض تلك المعلومات تأتي من الصين مباشرة. ولكن في خضم المعركة الشاملة للسيطرة على الفيروس، ومع انعدام أو قلة القدرات التشخيصية، لا يمكن للباحثين الصينيين الإجابة على جميع الأسئلة.


مسارات المرض


رغم المعلومات المحدودة حتى الآن، يحاول العلماء رسم أبرز المسارات المحتملة التي يمكن أن يتطور خلالها فيروس كرورنا الجديد، ويقدرون احتمالات حدوث كل منها، ويحاولون تحديد الآثار المترتبة عليها. حسبما يقول «مارك ليبتش» الباحث في علم الأوبئة بجامعة هارفارد. والذي يقول في تصريحات خاصة لـ«الرؤية» إن تحديد سيناريوهات المستقبل يعتبر «أمراً أساسياً للسيطرة على الفيروس».

يضيف «ليبتش»: «هناك سيناريوهان أساسيان يشرحان قدرة الفيروس على الانتشار. أولهما، وهو الأكثر تفاؤلاً: هو أن معظم الحالات ستحصر داخل الصين، ليتجنب العالم اتساع نطاق الأزمة بشكل كبير، وساعتها يمكن تكثيف الجهود للقضاء على الفيروس في رقعة جغرافية معينة.

حتى الآن، فإن نحو 99% من الحالات ظلت محصورة في الصين. كما أن كل حالات الوفاة حدثت في الصين، باستثناء حالة وفاة واحدة فقط في الفلبين. فرغم إصابة أشخاص في 25 دولة أخرى، إلا أنه من الواضح أن القدر الأكبر من الانتشار لا يزال داخل الصين. وهذا يخبرنا أنه من المحتمل ألّا يكون الخطر «كبيراً للغاية» كما يبدو، على حد ما يقول «ليبتش» في تصريحاته لـ«الرؤية».

سيناريو الاحتواء

لم تشهد أي دولة أخرى انتقالا خطيراً للعدوى، إذ إن كل الحالات تم اكتشافها مبكراً، ففي الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، نجحت السلطات الصحية في احتواء الموقف بعد الكشف عن 5 حالات فقط من الإصابة، وذلك عبر اتخاذ إجراءات الحجر الصحي المشددة وغيرها من التدابير التي خفضت حدة انتشار الفيروس الذي لم ينتقل من شخص إلى آخر.

كما تفيد التجارب السابقة في التعامل مع الفيروسات ـ كتجربة تفشي الالتهاب الرئوي الحاد سارس في عام 2003، إلى نجاح العالم في احتواء ذلك الوباء بعد أن أصاب أقل من 9000 حالة ونجمت عنه وفاة حوالي 800 شخص.

لذا، فسيناريو الاحتواء وارد بشدة على حد ما يقول «ليبتش».. فما السبب الداعي لهذا الذعر العالمي؟

قلق عالمي

أثار إعلان منظمة الصحة العالمية للتفشي الجديد كحالة طوارئ للصحة العامة قلقاً دولياً. خاصة بعد أن أعلن مدير المنظمة «تيدروس أدهانوم» ضرورة استخدام استراتيجيات مكافحة عدوى الإيبولا القاتلة كوسيلة لمنع الفيروس من الانتشار. تدعو تلك الاستراتيجيات إلى مكافحة المرض في مصدره، ومنعه من اكتساب أرض جديدة، أو إصابة آخرين بالعدوى.

ذلك الإعلان، مع وضع كلمة «إيبولا» في جملة مفيدة مع الفيروس هو الأمر الذي ربما يكون قد بث القلق في نفوس الجميع. يقول عالم الأوبئة الشهير «ويليام شافنر» إن فرص انتشار الفيروس بشكل وبائي خارج الصين «مستبعدة» فمع اتخاذ الإجراءات السليمة وأساليب الحجر الصحي ضمن القواعد الدولية «لم نرَ سوى حالات محدودة للغاية في عالم ما خارج الصين».

يرى أيضاً «شافنر» أن الوقت «ليس في صالح كورونا». فمثله مثل فيروسات الإنفلونزا، يبدأ الفيروس بفقد جزء كبير من ضراوته خلال أشهر الصيف. وهو الأمر الذي قد يعنى أن انتشار الفيروس «سيبدأ في الانخفاض تدريجياً مع انحسار موجات الطقس الباردة».

لكن، هناك سيناريو آخر يتحدث عنه آخرون.. سيناريو الكارثة الوبائية!

تصدير المرض

فبعض العلماء تحدثوا في دورية «ساينس» العلمية ليشيروا إلى سيناريو أكثر خطورة. وقال العلماء إنه بناء على المشاهدات الحالية، فإن المسار الأكثر احتمالاً هو أن الوقت فات لاحتواء الفيروس. فمع استمرار انتشار الفيروس في الصين، تزيد احتمالية خطر تصديره إلى الدول الأخرى. ويشير هؤلاء الخبراء إلى أننا «سنرى عاجلاً أو آجلاً انتشاره في كل بلدان العالم».

لكن.. وإذا ما امتد الفيروس إلى جميع أنحاء العالم، مشكلاً وباءً عالمياً، فستكون هناك عدة أسئلة تلوح في الأفق، من ضمنها النسبة المئوية للسكان الذين سيصابون بالعدوى ونسبة الوفيات. وقد يجبر الوباء العالم على اتخاذ خيارات صارمة بشأن الحصول العادل على الأدوية أو اللقاحات، إذا ما كانت متوفرة. كما قد يؤدي ذلك الأمر إلى فرض قيود واسعة النطاق على السفر الداخلي ـ كالقيود التي فرضتها الصين حالياً.

عندما ظهرت سلالة جديدة من الإنفلونزا في عام 2009 - واستمرت في الانتشار- شعر الكثيرون بالقلق من أنه قد يكون ذلك الأمر بوابة لحدوث وباء واسع النطاق، إلا أن الدراسات العلمية، التي استغرقت شهوراً أثبتت أن الفيروس الجديد قتل واحداً فقط من بين كل 10 آلاف مريض.

والآن، تبلغ نسبة الوفيات في وباء كورونا الجديد حوالي 2% فقط. فهل يمكن أن يخفف ذلك من حدة الهلع الهستيري الذي أصاب العالم؟

يقول «ليبتش» إن الأمر منوط بالفهم الصحيح للمرض. فعلى الرغم من حالات الإصابة، وانتشاره على مستوى جغرافي واسع، إلا أن الفيروس يبقى «ضعيفاً» إذ ما قارناه بفيروسات فتاكة أخرى. مشيراً إلى أن هناك سيناريو جديد قد يظهر في الأفق ـ رغم كونه مستبعدا - ألا وهو الوصول إلى دواء يقضى على ذلك الفيروس.

فالصين تختبر حالياً نوعاً من الأدوية الروسية التي يقال إنها فعالة ضد المرض. وسيظهر في المستقبل القريب إجابات على تلك الأسئلة. فهل سيتحول الوحش إلى وباء؟ يقول «ليبتش» أن لا أحد يعلم على وجه الدقة.. «لكن نأمل في أن ينجح العالم في كبح جماح الخوف.. والسيطرة على الهلع.. وتدمير ذلك الفيروس.. فيروس كورونا المستجد».