الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

كيف خدعت أمريكا وألمانيا العالم لأكثر من نصف قرن؟

كيف خدعت أمريكا وألمانيا العالم لأكثر من نصف قرن؟
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً موسعاً عن شركة Crypto AG السويسرية المختصة بالاتصالات وأمن المعلومات.

وكشف التقرير أن الحكومات في جميع أنحاء العالم، كانت تثق في هذه الشركة للحفاظ على سرية اتصالاتها من الاختراق والتجسس.

وبدأت الشركة مجال عملها لأول مرة، من خلال عقد لبناء آلات لصنع الشيفرات للقوات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، لتتربع الشركة على عرض قطاع بيع أجهزة الأمن والبرمجيات الاستخباراتية.


وحققت الشركة ملايين من بيع المعدات لأكثر من 120 دولة حول العالم في القرن الـ21، وكان من بين عملائها: إيران، والمجلس العسكري في أمريكا اللاتنينية، والهند، وباكستان، والفاتيكان.


ولكن ما كانت تجهله هذه الدول، أن هذه الشركة مملوكة بشكل سري من قِبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، وتجمعها شراكة سرية للغاية بجهاز الاستخبارات الألماني، وتعمدت الشركة التلاعب بأجهزتها، من حيث الجودة، حتى تتمكن بسهولة من فك الرموز التي استخدمتها الدول لإرسال الرسائل المشفرة.

واستمرت هذه العملية لعدة عقود من الزمن، وكان يُحتفظ بالسجلات في سجل سري في وكالة الاستخبارات المركزية، وتمكنت صحيفة واشنطن بوست من الحصول عليه، بالشراكة مع التلفزيون الألماني ZDH.

ومن بين العمليات التي استطاعوا مراقبتها، أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، واستطاعوا جمع معلومات استخباراتية عن الجيش الأرجنتيني، لأجل بريطانيا خلال حرب فوكلاند، وتتبعوا حملات الاغتيال في أمريكا الجنوبية، وتمكنوا من القبض على مسؤوليين ليبيين أثناء إشادتهم بتفجير ملهى ليلي في برلين عام 1986.

وفي عام 1978 خلال اجتماع لبحث خطة السلام الذي جرى في كامب ديفيد، كانت الوكالة تراقب، سراً، اتصالات الرئيس المصري أنور السادات مع القاهرة.

وبعد عام اقتحم مسلحون إيرانيون السفارة الأمريكية في إيران، واحتجزوا 52 رهينة أمريكية، وعندها تدخلت الجزائر في حل الأزمة، كانت المخابرات الأمريكية حينها تتجسس على المراسلات مابين إيران والجزائر.

وشكلت إحدى العمليات حينها صدمة للحكومة الأمريكية بما فيها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، حين اكتشف أن أخاه بيلي كارتر يعمل لصالح الرئيس الليبي السابق معمر القذاف، ويتقاضى الأموال منه.

وعلى الرغم من كل ذلك لم تتمكن أمريكا وألمانيا من خداع روسيا والصين، اللتين رفضتا الانضمام لهذه الشركة، بسبب شكوكهم القوية.

وتشير واشنطن بوست إلى أن المخابرات الأمريكية كانت تبيع هذه المعلومات السرية للحكومات الأجنبية مقابل أموال طائلة.

وفي عام 1992قبضت إيران على إحدى موظفي المبيعات في الشركة، بتهمة بيع أجهزة مزورة، وحينها انسحبت المخابرات الإيرانية من العملية، واشترت حصتها وكالة المخابرات الأمريكية، واستمرت بالعملية، حتى تم بيع أصول الشركة في عام 2018.

وتراجعت أهمية هذا النوع من الشركات فيما بعد بسوق الأمن العالمي، بسبب انتشار تقنية التشفير عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من أن المسؤوليين الأمنيين الأمريكيين والألمان لم يشككوا في صحة الوثائق، إلا أنه لم يصدر أي تصريح من الاستخبارات الأمريكية والألمانية.

وحتى الآن لا تزال منتجات الشركة السويسرية تُستخدم في أكثر من 12 دولة حول العالم.

وأعلنت الحكومة السويسرية، يوم الثلاثاء، أنها ستجري تحقيقاً موسعاً عن علاقة الشركة مع الاستخبارات الأمركية والألمانية.