الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كيف روّضت نمور آسيا فيروس كورونا؟

كيف روّضت نمور آسيا فيروس كورونا؟

اتخذت كل من هونغ كونغ وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة إجراءات فعالة للسيطرة على الوباء. رويترز

أبدت وسائل إعلام أوروبية عدة، إعجابها بالطريقة التي تعاملت بها دول آسيوية مع تفشي وباء فيروس كورونا الجديد، رغم قربها الجغرافي من بؤرة الوباء الأولى وكثافة حركة النقل بينها والصين.

ونشرت صحف سويسرية وفرنسية وبلجيكية مقالات وتقارير في هذا الصدد، اليوم، تنوعت عناوينها بين «استراتيجية هونغ كونغ الناجحة لاحتواء كورونا»، و«النموذج التايواني لمكافحة كورونا»، إضافة إلى «النمور الآسيوية تروض كورونا».

مواجهة الفيروس

وفي «لو بوان» الفرنسية، رصد مراسل الصحيفة من هونغ كونغ، جيريمي آندري، تعامل الدول الأربعة المعروفة بالنمور الآسيوية مع تفشي الفيروس منذ البداية، مشيراً إلى فعالية الإجراءات التي اتخذتها كل منها للسيطرة على الوباء على الرغم من قربها الجغرافي من بؤرته الأولى.

واعتبر جيريمي، أن هذه الدول تعاملت مع الأزمة دون اللجوء للتضحية باقتصاداتها أو التعرض لحقوق الإنسان، ما يُقدم درساً مهماً لدول الاتحاد الأوروبي التي تعيش حالياً تحت رحمة هذا الفيروس.

وأشار إلى أنه، وفيما تتسابق الدول الأوروبية لانتهاج الطريقة الصينية التي أسفرت عن تقييد حركة نحو 750 مليون شخص ووضع نحو 150 مليوناً في الحجر الصحي، من المهم الالتفات إلى أسلوب آخر للتعامل مع الوباء الجديد ابتدعته هذه «النمور» وجمع بين المحافظة على وتيرة الحياة الطبيعية والحركة الاقتصادية قدر الإمكان، مع التصدي السريع للوباء.

تايوان

وفي تقرير من تايوان، كشف موقع إذاعة فرنسا الدولية، أنه وعلى الرغم من أن تايوان لا تبعد سوى 130 كم عن الساحل الصيني، فضلاً عن وجود أكثر من مليون تايواني يعملون أو يعيشون في الصين، فإن هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، لا تزال تسجل إحدى أقل النسب عالمياً في تفشي الفيروس التاجي (59 حالة، الأربعاء).

ولفت التقرير إلى أن السلطات هناك تدبرت الوضع بسرعة، مرجعاً ذلك إلى الصدمة التي سببها وباء السارس في عام 2003، ما قاد السلطات المحلية للتحرك سريعاً هذه المرة، عبر تفعيل نظام استجابة موحد موجه لهذا النوع من الكوارث في 20 يناير الماضي.

وحتى الآن لا تزال حركة النقل الداخلي في تايوان على وتيرتها العادية، كما أن المصانع والمحال التجارية تفتح أبوابها يومياً، كل ذلك مع إحساس كبير لدى التايوانيين بالمسؤولية تجاه حماية أنفسهم ومجتمعهم من الوباء الجديد.

سنغافورة

بدورها أشارت «لوبوان» إلى أن هذه الدول اتخذت إجراءات سريعة وفورية لمواجهة الخطر، مشيرة إلى أن سنغافورة ذات المناخ الاستوائي والمعروفة بالاهتمام الكبير بالنظافة العمومية، أعلنت فور تفشي الوباء في ووهان تعليق الرحلات بينها وبؤرة الوباء في 27 يناير، واتبعتها بإجراء مماثل مع إيطاليا مع تفشي الوباء فيها.

وقامت البلاد كذلك بإخضاع جميع مرضى الالتهاب الرئوي، لاختبار الفيروس الجديد، مقدمة علاجاً مجانياً للحالات المشتبه فيها والمؤكدة، مع فرض الحجر على كل من يثبت سفره حديثاً إلى الصين.

هونغ كونغ

من جهتها، أشادت صحيفة «لاتريبين دو جنيف» بخطط هونغ كونغ لمواجهة الوباء الجديد، حيث إن الإقليم الصيني لم يسجل حتى الآن أكثر من 157 حالة إصابة، وذلك بفضل طريقة مرنة لمواجهة الأوبئة صاغها الإقليم إبان أزمة سارس في 2003.

وأشارت الصحيفة إلى وجود عوامل عدة كان من المرجح أن تجعل هونغ كونغ بؤرة للوباء، مثل الاكتظاظ الذي يشهد الإقليم أعلى نسبة عالمياً، إضافة إلى حركة النقل اليومية لملايين الأشخاص عبر 14 نقطة مرور بين الإقليم والبر الصيني.

ولفتت الصحيفة إلى أن هونغ كونغ تعد أكثر الأقاليم اهتماماً بموضوع التصدي للأمراض الوبائية منذ إنشاء قسم خاص بـ«الميكروبيولوجي» في جامعتها عام 1972، مشيرة إلى أنه انتهج سياسية مغايرة للصين في التعامل مع الأزمة الجديدة، حيث لم تفرض فيه حالة حجر صحي عام بل اكتفى بتعليق الدراسة وتطوير آليات العمل عن بعد للجميع، مع السماح للمحال التجارية بمواصلة العمل منعاً لشل الحركة الاقتصادية.

كوريا الجنوبية

بدورها، نوهت صحيفة «لوزيكو» الاقتصادية بجهود كوريا الجنوبية لاحتواء الفيروس، ناقلة عن البروفيسور جايوك شوي من كلية الطب بجامعة كوريا، قوله: «يبدو أن ذروة تفشي الفيروس باتت خلفنا، ولكن هناك تحديات».

وأشار خبراء إلى التجربة الكورية باعتبارها نموذجاً للتصدي للوباء الجديد، حيث إن الدولة التي كانت في مطلع مارس البؤرة الثانية عالمياً بـ 500 حالة إصابة يومياً، باتت ترصد بعض عشرات من الحالات يومياً.

ولفتوا إلى أن الطريقة الكورية للتصدي للوباء ركزت على تعقيم الأماكن العامة ومنع التجمعات مع الالتزام بالمعايير الديمقراطية، كل ذلك في ظل مستوى عالٍ من الامتثال الشعبي لتعليمات الحكومة، عكس ما حدث في دول أوروبية عدة من إيطاليا إلى فرنسا وإسبانيا.

ولفتت كوريا الجنوبية الأنظار باهتمامها بإجراء الاختبارات والفحوصات، إذ سجلت 3692 اختباراً لكل مليون شخص، وذلك في وقت لم تصل فيه الدول الأوروبية إلى هذا الحد، إذ بلغ الرقم في إيطاليا مثلاً نحو 800 اختبار فقط، فيما يشير الخبراء إلى أن زيادة معدل الاختبارات يعد عاملاً حاسماً في منع تفشي العدوى بين السكان.