الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

من تشيلي إلى العراق.. كورونا يقتل الاحتجاجات ويحث على الابتكار

من تشيلي إلى العراق.. كورونا يقتل الاحتجاجات ويحث على الابتكار

احتجاجات مناهضة للحكومة في العراق. (رويترز)

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن تفشي فيروس كورونا المتحور تسبب في اختفاء الاحتجاجات من الشوارع حول العالم، لكنه دفع الناشطين والمحتجين إلى الابتكار في ظل انتشار الوباء الذي أصاب مئات الآلاف وقتل آلافاً آخرين.

قبل أسابيع فقط، كان آلاف التشيليين يملؤون الشوارع في سانتياغو ضمن احتجاجات منتظمة يوم الجمعة ضد ضغوط تكلفة المعيشة والنمو غير المتكافئ وزيادة التفاوت الطبقي، وقدم المتظاهرون ذوو الميول اليسارية مطالب شملت استقالة الرئيس ونهاية الرأسمالية.

ثم ظهر فيروس كورونا المتحور، وبهذه الطريقة، تم حظر التجمعات الكبيرة، وماتت المظاهرات، بحسب الصحيفة الأمريكية.

قال أنطونيو كويتو، عامل إنقاذ متطوع قدمَّ المساعدة الطبية للمتظاهرين إن: «الفيروس هو ما تحتاجه الحكومة، لقد أنقذهم قليلاً».

في جميع أنحاء المعمورة، يكبح تفشي فيروس كورونا أحلام التغيير الاجتماعي، ويوقف موسم الاضطرابات المدنية من هونغ كونغ إلى لبنان إلى تشيلي.

وأضافت «واشنطن بوست» أن أوامر البقاء في المنزل التي تصدرها السلطات، والتي يتم فرضها غالباً من قِبَل ضباط الشرطة أو الجنود وتدعمها الاعتقالات، إلى جانب دعوات الناشطين للتنحي باسم الصحة العامة، تقوّض الزخم من الحركات المؤيدة للديمقراطية والمدنية، مسيرات حقوقية واحتجاجات على كل شيء من حقوق المرأة إلى خطوات أكثر صرامة لمحاربة تغير المناخ.

ولكن بدلاً من قتل هذه الحركات بشكل مباشر، يجبرها الوباء على التطور، ويتبنى البعض أساليب إبداعية للاحتجاج في عصر التباعد الاجتماعي.

في هونغ كونغ، بدأت 8 أشهر من الاضطرابات السياسية بسبب قبضة بكين المشددة على المنطقة شبه المستقلة في التضاؤل في الحجم والضراوة في مواجهة رد الحكومة الحازم عندما بدأ كورونا في التفشي. هناك، وفّر الفيروس فرصة جديدة للحركة لإثبات قيمتها بعد الاحتجاجات والشعارات في الشوارع.

بدلاً من الاستمرار في المظاهرات الحاشدة، استخدم النشطاء المناهضون للحكومة الشبكات التي بنوها خلال أشهر من التنظيم لاستيراد أكثر من 100 ألف قناع طبي وتوزيعها على المحتاجين.

وانتقلوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل مثل «تليغرام» لنشر التوصيات حول تجنب فيروس كورونا.

بدأت النقابات العمالية التي ظهرت خلال الاضطرابات في استعراض قوتها، على سبيل المثال، أصبح إضراب العاملين في المجال الطبي في شهر فبراير، مصدر إحراج كبير للحكومة، مما دفع في النهاية زعيمة هونغ كونغ كاري لام إلى إغلاق غالبية حدود أراضيها مع البر الرئيسي - وهي خطوة لم تكن راغبة في اتخاذها من قبل.

في فبراير الماضي، شغلت عشرات الآلاف من النساء شوارع بوينس آيرس، لدعم محاولة تقنين الإجهاض في موطن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، لكن الأرجنتين فرضت منذ ذلك الحين حظراً وطنياً.

في الخريف الماضي بتشيلي، أصبحت أيام الجمعة للاحتجاج، وكانت الأمة التي يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة نموذجاً للتنمية وجزيرة للاستقرار في أمريكا الجنوبية.

واتسعت المظاهرات التي اندلعت في أكتوبر الماضي ضد رفع أسعار تذكرة المترو لتشمل العديد من المظالم، ومع اشتعال النيران في الحافلات ومحطات المترو والمباني الحكومية، نشرت السلطات جنودها في شوارع العاصمة للمرة الأولى منذ انتهاء الديكتاتورية العسكرية للرئيس السابق أوغستو بينوشيه في عام 1990.

ومع انتشار فيروس كورونا في البلاد وارتفاع الإصابات المؤكدة من أقل من 50 إلى أكثر من 3 آلاف في غضون أسابيع، فرغت الشوارع من المتظاهرين.

لكنهم بدؤوا في التكيف مع الوضع من خلال استمرار الاحتجاجات من الشرفات بترديد الشعارات المناهضة للحكومة، إضافة إلى المشاركة في الاستماع إلى الموسيقى.

ودفع ذلك أحد الفنانين إلى إصدار دليل مصور «للاحتجاج من المنزل» نشره على تطبيق «إنستغرام»، لتشجيع التشيليين على تزيين شرفاتهم بعلامات الاحتجاج، و«مشاركة أغانيهم المفضلة داخل مناطق سكنهم» والانخراط في النشاط عبر الإنترنت.

في بعض البلدان، يضع عدم التسامح مطلقاً أثناء عمليات الإغلاق الوطنية نهاية مفاجئة حتى للمظاهرات المصغرة.

في الهند، انتهت مئات الاحتجاجات والتي اندلع بعضها ضد قانون الجنسية المثير للجدل والذي استمر لأشهر في البلاد.

أما في العراق ولبنان، فأدت إجراءات احتواء تفشي الفيروس إلى إخماد ما تبقى من الاحتجاجات التي هزت الدولتين لشهور، ويخضع كلا البلدين الآن لحظر تجوال على الصعيد الوطني، ويعترف المتظاهرون أنهم فقدوا زخمهم.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الحكومات القمعية والفاسدة تجني على الأقل مكاسب مؤقتة من وقف الاحتجاجات.