السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

كورونا ونظريات المؤامرة.. التحدي الأكبر في مواجهة الوباء القاتل

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن فيروس كورونا المتحور تسبب في فيض من نظريات المؤامرة، والتضليل والدعاية، ما أدى إلى تآكل ثقة الجمهور وتقويض مسؤولي الصحة بطرق يمكن أن تطيل أمد وجود الوباء.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن هناك ادعاءات بأن الفيروس عبارة عن سلاح بيولوجي أجنبي، أو جزء من مؤامرة، وغيرها.

وألمحت إلى أن شائعات العلاجات السرية مثل - مواد التبييض المخففة، وإيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية وتناول الموز - تبشّر بالأمل في الحماية من تهديد لا يستطيع حتى قادة العالم الهروب منه.

وقالت إن الاعتقاد أن المرء المطلع على المعرفة الممنوعة تمنحه الشعور باليقين والسيطرة وسط أزمة قلبت العالم رأساً على عقب، وإن تبادل هذه «المعرفة» قد يعطي الناس شيئاً يصعب الحصول عليه بعد أسابيع من عمليات الإغلاق الواسعة للمدن وحالات الوفيات، ألا وهو «الشعور بالقوة».

قالت كارين دوغلاس، وهي طبيبة علم نفس اجتماع بجامعة كينت في بريطانيا: «إن أزمة كورونا تحتوي على جميع العناصر اللازمة لقيادة الناس إلى نظريات المؤامرة».

ويقول علماء النفس إن الشائعات والادعاءات التي لا تصدق بامتياز تنتشر من قِبَل أشخاص عاديين يشعرون بالارتباك والعجز.

لكن العديد من الادعاءات الكاذبة يتم الترويج لها أيضاً من قِبَل الحكومات التي تتطلع إلى إخفاء فشلها، وأطراف حزبية تسعى للحصول على منفعة سياسية، والمحتالين.

وفي الولايات المتحدة هناك رئيس ضغط لاستخدام علاجات غير مجربة ويوجه اللوم للأكاذيب.

تحمل جميع نظريات المؤامرة رسالة مشتركة: الحماية الوحيدة تأتي من امتلاك الحقائق السرية التي لا يريدون منك «سماعها».

وقد تكون مشاعر الأمن والسيطرة التي تقدمها هذه الشائعات «وهمية»، لكن الضرر الذي يلحق بثقة الجمهور حقيقي للغاية.

وقد دفعت الشائعات الناس إلى تناول علاجات منزلية قاتلة والاستخفاف بتوجيهات التباعد الاجتماعي. كما أنها تعطل اتخاذ تدابير جماعية، مثل البقاء في المنزل أو ارتداء الأقنعة الواقية اللازمة لاحتواء فيروس قتل بالفعل أكثر من 79000 شخص حول العالم.

قال غراهام بروكي، مدير مختبر الأبحاث الجنائية الرقمي التابع للمجلس الأطلسي: «لقد واجهنا وباء من قبل»، وأضاف «لم نواجه وباء في الوقت الذي يكون فيه البشر مترابطين ويتمتعون بقدر كبير من الوصول إلى المعلومات كما يفعلون الآن».

وتابع بقوله إن هذا النظام البيئي المتنامي من المعلومات المضللة وانعدام الثقة العامة دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من «الوباء».

تقول كارين دوغلاس «ينجذب الناس إلى المؤامرات لأنها تشبع دوافع نفسية معينة مهمة للناس. أهمها: السيطرة على الحقائق، والشعور بالسيطرة».

وأضافت «إذا كانت الحقيقة لا تملأ تلك الاحتياجات، فنحن البشر لدينا قدرة لا تصدق على اختراع القصص التي ستفعل ذلك، حتى عندما يعلم بعضنا أنها خاطئة».

وجدت دراسة حديثة أن الأشخاص أكثر احتمالية لتبادل معلومات كاذبة حول فيروس كورونا مما يعتقدون.

وذكر موقع «سنوبس.كوم» لتقصي الحقائق «نرى أعداداً كبيرة من الأشخاص، في عجلة من أمرهم للعثور على أي سبيل للراحة، لكنهم يزيدون الأمور سوءاً عندما يتشاركون المعلومات الخاطئة (الخطيرة في بعض الأحيان)».

وعلى نطاق واسع، أشارت منشورات كاذبة على تطبيق إنستغرام إلى أن فيروس كورونا تم تخطيطه من قِبَل رجل أعمال شهير نيابة عن شركات الأدوية.

وفي ولاية ألاباما الأمريكية، زعمت منشورات كاذبة على فيسبوك أن قوى غامضة أمرت بنقل مرضى كورونا بطائرات هليكوبتر سراً إلى الدولة.

أما في أمريكا اللاتينية، فانتشرت شائعات - لا أساس لها من الصحة - بأن الفيروس تم تصميمه لنشر فيروس نقص المناعة البشرية. وفي إيران، تُصوّر الأصوات الموالية للحكومة المرض باعتباره مؤامرة غربية.

وتابعت كارين بقولها إنه «قد يساعدنا الاعتقاد أن لدينا إمكانية الوصول إلى المعلومات السرية في الشعور بأن لدينا ميزة، إننا أكثر أماناً إلى حد ما».

وأضافت «إذا كنت تؤمن بنظريات المؤامرة، فأنت تمتلك القوة من خلال المعرفة التي لا يمتلكها الآخرون».

غمر وسائل الإعلام الإيطالية مقطع فيديو نشره رجل إيطالي من طوكيو ادعى أن فيروس كورونا قابل للعلاج ولكن المسؤولين الإيطاليين «يخفون الحقيقة».

وادعت مقاطع فيديو أخرى شائعة على موقع يوتيوب، أن الوباء بأكمله عبارة عن خيال للسيطرة على السكان.

وقالت كارين دوغلاس، إنه مع مرور الوقت وجدت الأبحاث أن تداول المؤامرات لا يفشل فقط في تلبية احتياجاتنا النفسية، ولكنه يميل أيضاً إلى زيادة مشاعر الخوف أو العجز.

في الصين، ادعى مسؤول بارز أن الفيروس قَدِم إلى بلاده من قِبَل أعضاء في الجيش الأمريكي، وهو اتهام لاقى رواجاً على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها الدولة بشدة.

وفي فنزويلا، اقترح الرئيس نيكولاس مادورو أن الفيروس عبارة عن أسلحة بيولوجية أمريكية تستهدف الصين.

وروَّجت وسائل الإعلام التي تدعم الحكومة الروسية، الادعاءات بأن الولايات المتحدة صممت الفيروس لتقويض الاقتصاد الصيني.

وكتب زعيم حزب الرابطة المناهض للمهاجرين في إيطاليا ماتيو سالفيني على تويتر أن الصين ابتكرت «فيروساً رئوياً» من «الخفافيش والفئران».

وقد روّج الرئيس البرازيلي غايير بولسونارو مراراً لعلاجات لكورونا غير مجربة، وألمح إلى أن الفيروس أقل خطورة مما يقول الخبراء.

كما روَّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراراً وتكراراً لأدوية غير مجربة، على الرغم من تحذيرات العلماء، وعلى الرغم من جرعة زائدة مميتة لرجل قالت زوجته إنه تناول دواء بناء على اقتراح السيد ترامب.

واتهم ترامب الأعداء المفترضين بالسعي إلى «تأجيج حالة فيروس كورونا لإيذائه».

وأشار السيناتور الجمهوري توم كوتون، وآخرون إلى أن الفيروس أُنتج بواسطة مختبر للأسلحة الصينية.

وكتب عالما النفس دانييل جولي وبيا لامبرتي، في مقالة حديثة «تمتلك نظريات المؤامرة الطبية القدرة على زيادة عدم الثقة في السلطات الطبية، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على رغبة الناس في حماية أنفسهم».

وقد ثبت أن هذه الادعاءات تقلل من احتمالية تلقي الأشخاص للقاحات أو المضادات الحيوية، كما أنها أكثر عرضة لطلب المشورة الطبية من الأصدقاء والعائلة بدلاً من الأطباء.