الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العلاج الأمريكي لكورونا في دائرة الشك

في تجربة سريرية كبيرة تخضع للضوابط العلمية، أظهر دواء «ريميديسفير» فائدة مقنعة في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد.

تماثل للشفاء الأشخاص المُصابون بهذا الفيروس ممن حصلوا على ريميديسفير، وهو دواء تجريبي صنعته شركة جلعاد ساينسز، ويحوي إنزيماً تستخدمه عدة فيروسات لنسخ حمضها النووي الريبي داخل الخلايا.

وأوضحت التجربة السريرية أن المرضى تعافوا في 11 يوماً في المتوسط، مقابل 15 يوماً للمرضى الذين تلقوا علاجاً وهمياً.


وقال رئيس المعهد الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبُث عبر الإنترنت في وقت مبكر من صباح الخميس: «إن التحسن جاء بنسبة 31%، لكنه يُشكل دليلاً مهماً على أن ذلك النوع من الأدوية يعتمد على مفهوم علمي صحيح من حيث المبدأ».


وأشار فاوتشي إلى أن معدل وفيات المرضى الذين عولجوا باستخدام هذا العقار قل من 11.6% إلى 8%.

بدأت التجربة السريرية في 21 فبراير الماضي، واشترك فيها ألف و63 مريضاً من 68 موقعاً بأمريكا وأوروبا وآسيا، وتمت تحت رعاية حكومية كاملة، إذ أشرف عليها المعهد الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية. وأبلغت عدة مجالس مستقلة تراقب سلامة وبيانات التجربة، البيت الأبيض أن علاج ريميديسفير كان أفضل من نتائج العلاج الوهمي.

وأضاف فاوتشي، أن المجلس نشر النتائج الإجمالية في وقت مبكر جزئياً لأسباب أخلاقية قبل حتى كتابة الورقة العلمية، مشيراً إلى أن «التجربة القادمة ستقدم العلاج بعقار ريميديسفير بشكل كامل، ولن يُعطى للمرضى فيها أيّ أدوية وهمية لمقارنة النتائج».

واعتمدت الحكومة اليابانية الثلاثاء الماضي، عقار ريميديسفير، المضاد للفيروسات، كعلاج للمصابين بعدوى كورونا في البلاد.

يعتبر دواء ريميديسفير مضاداً للفيروسات في صورة «حقن» تُعطى بجرعات دقيقة (حقنتين في اليوم الأول و9 حقن على مدار 9 أيام)، في الوريد مباشرة، وتم تطويره في الأساس لعلاج مصابي فيروس «إيبولا». وقد أظهرت التجربة أن المرضى الذين تلقوا هذا الدواء يُمكن أن يتوقفوا عن استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي.

يظل البحث عن علاجات يُمكن أن تؤدي للشفاء من الإصابة بفيروس كورونا المستجد أولوية قصوى لدى المجتمع العلمي. ويقول طبيب الأمراض المعدية في جامعة إيموري، كارلوس ديل ريو: «إن النتائج إشارة واعدة لكن دون تهويل»، مشيراً إلى أن المجتمع العلمي والعامي يجب ألّا يفرحوا بشدة فلا يزال الطريق ممتداً لإثبات جدوى ذلك العقار وأمانه الكامل.

ويأمل الباحثون أن تمثل النتائج خطوة أولى على طريق تطوير عقار فعال في أقرب وقت ممكن. ومع ذلك لا يتوقع الأطباء أن ينجح ذلك الدواء في تخفيف الضغط على المستشفيات، إذ إنه يجب أن يؤخذ تحت الإشراف الطبي الكامل. غير أن رئيسة وحدة مسببات الأمراض في كلية الطب بجامعة بوسطن، ناهد بهاديليا تقول، إنها تشك في أن ذلك الدواء سيكون له تأثير كبير في مسار المرض.

وأشارت بهاديليا، إلى أن البيانات الصادرة من الشركة المصنعة للدواء تحتاج إلى 11 يوماً كاملة لإظهار فاعلية العلاج، وهذا يعني أن فائدته محدودة للغاية في خفض حالات الوفيات قبل مرور 10 أيام من الإصابة، وهي النسبة الأكبر في حالات الوفاة. كما تؤكد على ضرورة عدم الاعتماد على ذلك الدواء «بسبب أعراضه الجانبية».

حتى الآن، لم تُسجل التجربة السريرية أي أعراض جانبية شديدة، ولكن أظهرت دراسات سابقة ارتباط استخدام دواء ريميديسفير بالإصابة بفقر الدم. كما أظهرت بعض الدراسات الأخرى التي تمت على نفس العقار نتائج مختلطة، إذ أظهر بعضها عدم وجود فوائد على الإطلاق لتعاطي هذا العلاج، فيما أظهر بعضها الآخر نتائج إيجابية، حيث لم تتوفر في التجارب السابقة قوة التصميم، عدد العينات، طريقة المراقبة وحتى الجهة التي تشرف عليها كالتي تحتويها التجربة الحالية.

فيما نشر باحثون قبل أسابيع نتائج لدراسة في دورية لانسيت، جاء فيها «أن استخدام هذا العلاج في 158 مريضاً لم يجلب أيّ فائدة تذكر». ووجدت هذه الدراسة أيضاً أن ريميديسفير لم يكن له تأثير على المستويات الفيروسية. ويبقى أن نرى ما إذا كانت التجربة التي ترعاها المختبرات الحكومية الأمريكية يُمكن أن تربط نجاح الدواء بالتأثيرات المباشرة على ذلك الفيروس.

وقال باحثون صينيون شاركوا في الدراسة «إن ريميديسفير لم يُظهر تقدماً على الإطلاق في علاج المُصابين بعدوى كورونا المستجد».

وأضاف أخصائي الأمراض المعدية في جامعة ألاباما مايكل ساج، والذي كان يُعاني من إصابة سابقة بعدوى كورونا المستجد: «إن منع تكرار النسخ الفيروسي آلية يُمكن أن تعطي الجهاز المناعي اليد العليا في محاربة العدوى»، إلا أنه يعود ويؤكد أنه غير واثق فيما إذا كان ريميديسفير قادراً على فعل ذلك الأمر.