الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كيف تسبب ترامب في حدوث أكبر خسارة للأرواح بأمريكا خلال أزمة كورونا؟

كيف تسبب ترامب في حدوث أكبر خسارة للأرواح بأمريكا خلال أزمة كورونا؟

على الرغم من انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراراً وتكراراً للحكومة الصينية بسبب طريقة إدارتها للوباء، وتوجيه العديد من الاتهامات للصين بالتكتم عن الوباء والمساهمة في نشره بسبب إخفاء المعلومات، وتسربه من معهد ووهان.

إلا أن العديد من الخبراء يرون أن ترامب لم يكن أفضل في إدارة الأزمة في بلاده، ويقوم بتوجيه الاتهامات باستمرار للصين، لصرف النظر عن أخطائه في إدارة الأزمة.

ونشرت صحيفة الغارديان مقال رأي لوزير العمل الأمريكي الأسبق، وأستاذ السياسة العامة بجامعة كاليفورنيا روبورت رايش انتقد فيه استراتيجية دونالد ترامب في التعامل مع الوباء الذي ضرب بلاده.

وقال في مقاله إنه لا توجد دولة متقدمة أخرى تنفي الرعاية الصحية وحماية العمل، أو تخفف الإغلاق في ظل زيادة الوفيات التي لم تحصل في أي دولة أخرى.

وأشار إلى أن نسبة وفيات كورونا في أمريكا أصبحت مأساوية جداً بعدما بلغت 30% من وفيات الجائحة حتى الآن.

كما أنها الدولة المتقدمة الوحيدة التي لايزال فيها معدل الوفيات يرتفع بشكل كبير، ومن المتوقع أن يبلغ بحلول 1 يونيو 3 آلاف وفاة في اليوم.

وفي ظل هذه النتائج لم تكن أي دولة أخرى لتقوم بتخفيف عمليات الإغلاق أو التباعد الاجتماعي كما تفعل الولايات المتحدة الآن.

كما أنه لم تكن هناك أي دولة متقدمة أخرى مستعدة لمواجهة الوباء كالولايات المتحدة.

وأشار رايش إلى أنه على الرغم من تحذير خبراء الصحة العامة للحكومة الأمريكية في منتصف يناير من وجود جائحة وضرورة التحرك لوقف الانتشار، إلا أن الدكتور أنتوني فوسي أوضح أنه كان هناك الكثير من التباطؤ، ولم يتحرك ترامب حتى 16 مارس الماضي.

ويقدر علماء الأوبئة، أنه لو تم تطبيق سياسية التباعد الاجتماعي قبل أسبوعين من موعدها أي في 2 مارس، لتفادت أمريكا 90% من وفيات كورونا.

ويقول رايش، إنه لا توجد أي دولة أخرى في العالم تمتلك خبراء في مجال الصحة والتأهب للطوارئ كالولايات المتحدة، إلا أن ترامب استبدلهم وطلب المشورة من صهره جاريد كوشنر.

ولم يحصل في أي دول أخرى أن يحول وباء كورونا العديد من المواطنين العاديين لفقراء بوقت قياسي، وأفاد المعهد الحضري أن أكثر من 30% من الأمريكيين البالغين اضطروا لتقليل نفقاتهم على الطعام، وذلك في حين تقدم دول أخرى حول العالم دعماً سخياً للدخل على عكس الولايات المتحدة.

ولم تساند الولايات المتحدة الشعب الأمريكي من الناحية المادية سوى لمرة واحدة عندما صرفت شيكات للأمريكيين بقيمة 1200 دولار، وهو ما يصفه رايش أنه يعادل أسبوعاً من الإيجار في حين أن مكاتب البطالة مكتظة بالطلبات.

وأشار إلى أن برنامج حماية كشوف المرتبات التابع للكونغرس يواجه فوضى كبيرة نظراً لتوزيع الأموال من خلال المؤسسات المالية، كما أن البنوك قامت بجمع الأموال لأنفسها وعملائها المفضلين.

ومن أصل 350 مليار دولار الدعم الحكومي المخصص للشركات الصغيرة فقط، تم تخصيص 243.4 مليون دولار لشركات كبيرة ذات ملكية عامة.

وفي هذه الأثناء تقوم الخزانة والبنك الاحتياطي الفيدرالي بإنقاذ الشركات الكبيرة من الديون المتراكمة عليها في السنوات الأخيرة لإعادة شراء أسهمها من الأسهم.

وتساءل رايش عن سبب اختلاف أمريكا عن غيرها من الدول المتقدمة التي تواجه نفس التهديد بسبب وباء كورونا، ولماذا سارت الأمور بشكل خاطئ ومأساوي.

فيما أكد أن جزءاً من ذلك يعود إلى ترامب ومجموعته، ووصفهم رايش بالفاسدين والهمجيين والمتملقين.

ومن ناحية أخرى أشار إلى أسباب أعمق تسببت بهذه النتائج المأساوية في أمريكا، وأشار إلى أن فيروس كورونا انتشر بشكل كبير في الولايات المتحدة لأنها الدولة الصناعية الوحيدة التي تفتقر إلى نظام الرعاية الصحية الشاملة.

وبسبب ذلك تردد العديد من الأفراد والعائلات في الذهاب إلى الأطباء أو الطوارئ خوفاً من دفع الفواتير الكبيرة.

كما أشار إلى أن أمريكا هي الدولة الوحيدة ـ من بين 22 دولة متقدمة ـ التي فشلت في منح جميع العاملين إجازات مرضية مدفوعة الأجر، ونتيجة لذلك استمر العديد من العمال الأمريكيين على رأس عملهم في الوقت الذي كان ينبغي لهم أن يكونوا في منازلهم.

وإضافة إلى ذلك توفر الولايات المتحدة أقل دعم لإعانة البطالة مقارنة بغيرها من الدول المتقدمة.

كما أن بيئة العمل في أمريكا تشهد خطورة من قبل انتشار كوفيد-19، خاصة في شركات تعبئة اللحوم والمستودعات، وكانت معدلات الوفيات بين العمال الأمريكيين أعلى من الأوروبيين.

وأوضح رايش أنه من قبل تفشي الوباء في أمريكا وحرمان العديد من وظائفهم ودخلهم، فإن متوسط نمو الأجور في أمريكا أقل بكثير عن معظم البلدان المتقدمة، ومنذ عام 1980 انخفضت حصة العمال الأمريكيين من إجمالي الدخل القومي أكثر من أي دولة غنية أخرى.

في حين سعت النقابات في الدول الأخرى منذ وقت طويل لتحسين ظروف العمل ورفع الأجور، ولكن في أمريكا العديد من العمال لا ينتمون للنقابات كالاقتصادات المتقدمة الأخرى.

وينتمي 6.4% فقط من عمال القطاع الخاص في أمريكا إلى النقابة، وذلك مقارنة مع أكثر من 26% في كندا، و37% في إيطاليا، و67% في السويد، و25% في بريطانيا.

وأشار رايش في نهاية مقاله إلى أن ترامب هو من يجب إلقاء اللوم عليه في أسوأ خسارة أرواح بالتاريخ الأمريكي كان يمكن تجنبها، وأضاف أن الكارثة تعود لفشل أمريكا على المدى الطويل في تزويد شعبها بالدعم الأساسي الذي يحتاجه.