الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بسبب تركيا وقطر.. «محاكمة برلمانية» لرئيس حركة النهضة التونسية

أسقطت كتلة حركة النهضة وحلفاؤها في البرلمان التونسي لائحة الحزب «الدستوري الحر» الداعية لرفض التدخل الأجنبي في ليبيا.

ورفض مشروع اللائحة لعدم حصوله على الأغلبية المطلقة وهي 109 من أصوات النواب، حيث صوت لفائدة المشروع 94 نائباً، فيما اعترض عليه 68 نائباً واحتفظ 7 نواب بأصواتهم.

وكانت الجلسة التي استمرت حتى فجر اليوم الخميس، بمثابة محاكمة لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول تأييده السافر للتدخل التركي ـ القطري في ليبيا.

وحاولت حركة النهضة تعطيل الجلسة التي تأخر انطلاقها وشهدت توترات كبيرة تعكس حجم الاختلاف في المشهد السياسي التونسي بين المتمسكين بسيادة القرار الوطني والمدافعين عن التحالف مع المحور القطري التركي.

وتميزت الجلسة بتدخلات جريئة من رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي ومن النائب عن كتلة تحيا تونس مبروك كرشيد والنائب منجي الرحوي وزميله فيصل التبيني عن حزب صوت الفلاحين ومن النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي ورئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي وعدد آخر من النواب.

ويشير مراقبون إلى أن اللائحة ورغم عدم الموافقة عليها في البرلمان التونسي، حققت مكسباً سياسياً مهماً لمعارضي هيمنة حركة النهضة على الحياة السياسية في البلد المغاربي.

ووصف محللون الجلسة البرلمانية، بـ«ليلة سقوط الغنوشي» الذي اعتاد في حركته طاعة الأوامر دون نقاش وكان يتصور حسب الكثيرين أن يجد في البرلمان بيئة مماثلة تسهل عليه قيادته.

وقال لـ«الرؤية» الناشط السياسي حازم القصوري إن الجلسة نجحت في كشف حقيقة الغنوشي وأثبتت أن المشروع الإخواني لا مستقبل له في تونس.

وأضاف أن سقوط القائد الإخواني «في خندق المحاور الاقليمية والدولية يشكل تهديداً للأمن في المنطقة حسب الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويمثل خرقاً لمقتضيات الفصل السادس من الميثاق ذاته بخصوص حل المنازعات سلمياً» وذلك بعد أن وضع الرجل نفسه تحت تصرف جيش أجنبي وميليشيات مسلحة في ليبيا مخالفاً الموقف التونسي ومتجاوزاً صلاحيته إذ إن ملف الدفاع والديبلوماسية هما من اختصاص الرئيس حصراً.

وعضد النائب منجي الرحوي هذا الرأي موضحاً أن تصرفات زعيم النهضة باتت تمثل تهديداً للأمن القومي «نتيجة ارتباطه الوثيق بميليشيات ليبيا».

بدورها، رأت الدكتورة الفة يوسف أن الجلسة البرلمانية كانت تاريخية ومفصلية وقدمت دليلاً واضحاً على أن المشروع الإخواني لا مستقبل له وأن نهايته باتت قريبة.

من جانبه، أفاد المحلل السياسي المتخصص في الشان الليبي بهاء الدين البرهومي أن الجلسة التي امتدت من العاشرة صباح الأربعاء إلى الخامسة فجر الخميس، كانت هزيمة سياسية لراشد الغنوشي وحزبه وحلفائه إذ كانت مداخلات النواب مقنعة للمتابعين وحشرت النهضة في الزاوية، مضيفاً: أعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد تطورات في تغير التحالفات في المشهد السياسي.

وكشفت الجلسة عن عدم تماسك الائتلاف الحكومي، فالكتلة الديمقراطية، تجمع نواب حزبي الشعب والتيار الديمقراطي، المشاركة مع حركة النهضة في الحكومة انقسمت بين رافضين وداعمين للائحة، كما حظيت اللائحة بتأييد كتلة الإصلاح المشاركة في الحكومة، وكذلك كتلة تحيا تونس.

ونصت اللائحة على «أن مجلس نواب الشعب يعلن رفضه المطلق لأي تدخل خارجي في ليبيا من شأنه من ضرب وحدة ترابها والمساس من سيادتها وزعزعة الأمن والسلم في المنطقة ومناهضته التامة لتمكين الأطراف التي تخطط للتدخل العسكري في هذا البلد الشقيق من التموقع بالتراب التونسي وتشكيل قاعدة لوجستية داخله تحت غطاء الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية والاجتماعية والمالية قصد تسهيل تنفيذ سياستها التوسعية».

ويشير مراقبون إلى أن جلسة مساءلة الغنوشي ستكون بداية لمشهد برلماني جديد، حيث تتواصل مساعي كتلة «الدستوري الحر» للحصول على التوقيعات اللازمة لسحب الثقة منه، وكذلك الكتلة الوطنية التي اقترحت جمع 73 توقيعاً لعقد جلسة عامة لتحوير المسؤوليات في رئاسة المجلس، وهو الاقتراح الذي غدا ممكناً من الناحية النظرية مع تصويت 94 نائباً مع لائحة «الدستوري الحر»، حيث يمكن عبر هذه العدد الوصول إلى قرار تحوير المسؤوليات.