الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

«في خدمة أردوغان»... كيف تعمل شبكة الجواسيس والمخبرين الأتراك بألمانيا؟

تدير المخابرات التركية شبكة من الجواسيس والمخبرين داخل ألمانيا تضم نحو 8 آلاف شخص، بينهم أئمة مساجد، يقومون بجمع المعلومات عن الجالية التركية، وخاصة المعارضين للرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته، وذلك وفق برنامج استقصائي يذاع على المحطة التلفزيونية الألمانية الشهيرة «زد دي إف».

وتعقّب برنامج «زد دي إف زووم» في حلقته التي حملت عنوان «في خدمة أردوغان... الجواسيس الأتراك في ألمانيا» كيف يعمل هذا النظام داخل الأراضي الألمانية التي يعيش بها نحو 3 ملايين تركي، بينهم منتقدون لأردوغان وسياساته، كما يرون فيه الإرهابي الأكبر والأخطر.

كما يرى منتقدو أردوغان أنه ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 وتعمل شبكة التجسس التابعة له بنشاط كبير داخل المدن الألمانية.

وحذّر البرنامج من خطورة ذلك على حياة الأتراك المعارضين الذين أصبحوا في عداء مع مؤيدي أردوغان كذلك، وعلى قيم الدستور والحريات الألمانية التي يخترقها الرئيس التركي بنشر جرائمه دون ردع من الحكومة الألمانية.

وقابلت الصحفيتان بالبرنامج «سيمونه مولر، وسوزانا سانتينا» عدداً من المعارضين الأتراك، ومنهم لاجئ هرب من أنقرة إلى ألمانيا لأنه وعائلته من أتباع المعارض التركي البارز فتح الله غولن، الذي يزعم أردوغان أنه وراء محاولة الانقلاب عليه ويتهم مؤيديه بالإرهاب.

وتحدثت العائلة عن صدمتها عندما قَدِمَت لألمانيا معتقدة أنها ستعيش بحرية وأمان، لكنهم وجدوا شبكة تركية مخيفة تضم حتى أئمة مساجد تابعة للاتحاد الإسلامي التركي «ديتيب» الذي يضم 900 مسجد.

وقال اللاجئ التركي «إلينيال» إن إمام مسجد في مدينة كاسل قام بمراقبته، وسأله عن عائلته، ولماذا جاؤوا إلى ألمانيا، وماذا يفعلون؟ ثم هدده بأنه سيبلغ عنه السفارة التركية في برلين، وبعد ذلك أرسل أشخاصاً لضربه وتهديده في الشارع، فقام بتحرير محضر في الشرطة ولكن دون نتيجة حاسمة بعد.

وحاول البرنامج التحدث إلى إمام المسجد المتهم، لكنه لم يرد، وحصلت إحدى الصحفيتين بالبرنامج على رد كتابي من السفارة التركية تزعم فيه أن «هذه أكاذيب وأن عملهم لا يتطلب جمع معلومات عن أشخاص».

كما تناول الفيلم لقاء مع «أصلان» أحد الموظفين غير الرسميين بشكبة الجواسيس التابعة للسفارة التركية في برلين، دون أن يظهر وجهه وبتغيير صوته، حيث أوضح أن سفارة بلاده وأئمة مساجد وبعض أبناء جاليته يقومون بتجنيد الشباب بإغراءات مادية كبيرة، وذلك لجمع معلومات عن المعارضين والأكراد، إضافة إلى الانضمام إليهم في مظاهراتهم واتحاداتهم، «لأنهم بذلك يلعبون دور المحققين على غرار (جيمس بوند) معتقدين أنهم يخدمون وطنهم الأم تركيا».

وقال أصلان إنه عمل معهم لمدة 4 أعوام قبل أن يقرر الابتعاد عنهم، حيث كان يجلب معلومات أسبوعياً ويعطيها لشخص يدير الشبكة في جنوب ألمانيا مقابل المال.

وأكد أن هناك آخرين يُطلب منهم خطف معارضين بمقابل مادي يصل أحياناً إلى 100 ألف يورو.

وتحدّث الخبير الأمني «إريك شميدت-إينبوم» بالبرنامج عن أن عدد الجواسيس غير الرسميين التابعين للمخابرات التركية في ألمانيا يتخطى عتبة 8 آلاف شخص، وأن هيئة حماية الدستور الألماني لديها معلومات بأن أئمة مساجد تركية يتواصلون بشكل مباشر مع السفارة التركية في برلين أو القنصليات في المدن الألمانية لنقل المعلومات إليها.

وانتقد الخبير الأمني تراخي الحكومة الألمانية وفشلها في مواجهة جرائم أردوغان على أرضها وحماية المواطنين الأتراك.

كما تحدث الصحفي التركي المعارض «سان دوندار» الذي يعيش في ألمانيا - وهو هارب من أحكام ضده في تركيا تتهمه بخيانة الوطن - أن ألمانيا تبدو صامتة أمام جرائم أردوغان المنظمة على أرضها؛ بسبب تهديداته المستمرة بفتح حدود بلاده أمام اللاجئين لإغراق أوروبا بهم.

وأشار إلى أن ألمانيا تُعد من أخطر الدول الأوروبية على حياة المعارضين الأتراك.

وقالت «سيفيم داجدلين» النائبة التركية الأصل بالحزب اليساري الألماني، إنها تتلقى تهديدات بالقتل لأنها تنتقد الحكومة التركية، وإن ألمانيا تبدو مكتوفة الأيدي أمام شبكة أردوغان التجسسية؛ لأنها تبيع أيضاً أسلحة إلى أنقرة ومنها في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019 بمبلغ 250 مليون يورو.

وتحدثت داجدلين عن وجود معارضين لا يتحركون سوى برفقة الشرطة وسياراتها التي تقف أمام منازلهم لحمايتهم من أتباع أردوغان وكأنهم في تركيا؛ لأن الرئيس التركي استطاع أن يخلق جزءاً من نظامه الإجرامي على الأراضي الألمانية، كما صدّر الكراهية بين مؤيديه ومعارضيه.

وأضافت أن الجيران يبلغون سفارة بلادهم عن جيرانهم المعارضين، بمجرد كتابة آراء تنتقد أردوغان وحكومته على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه عند زيارتهم لتركيا يتم القبض عليهم في المطارات.

وتطرّق البرنامج لتطبيق صممته الشرطة التركية على الهواتف المحمولة يتيح عملية التجسس بصورة أسهل، حيث يُخزّن عليه معلومات عن منتقدي الحكومة التركية ويمكن تحميله لأى شخص بأن يسجل معلوماته عن أي تركي آخر يعتقد أنه يهين الحكومة أو الرئيس التركي وسط صمت من الأجهزة الأمنية الألمانية.

وأوضح البرنامج، أن التطبيق يتيح إرسال صور ووثائق عن المعارضين تنتهي في يد وزارة الداخلية التركية، وأنهم يلعبون على وتر مساعدة وطنهم الأصلي من الإرهابيين والراغبين في هدم استقراره.

وحقق البرنامج مشاهدات كبيرة في سهرة الأربعاء، وأثار الكثير من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد البعض على «تويتر» أنه مليء بالمعلومات المهمة، وأنه حان الوقت لإجراءات حاسمة من ألمانيا ضد عبث أردوغان ورجاله.

وأكد آخرون أن البرنامج ليس سوى جزء من الحقيقة والواقع المرير الذي فعله أردوغان داخل ألمانيا.

وقالت الصحفية بالبرنامج «سوزانا سانتينا» في تغريدة على «تويتر» إنها شاكرة لردود الفعل الإيجابية الكثيرة، كما تحدثت عن السُّباب والتهديدات الكبيرة من أتباع أردوغان، مؤكدة أنهم سيواصلون الكشف عن جرائمه التي خلقت مظالم كبيرة دون أى رادع حقيقي.