الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

في خضم اتهامه بتسييس الجيش.. لماذا لا تحب المؤسسة العسكرية ترامب؟

في خضم اتهامه بتسييس الجيش.. لماذا لا تحب المؤسسة العسكرية ترامب؟

في خضم اتهامه بتسييس الجيش.. لماذا لا تحب المؤسسة العسكرية ترامب؟. (رويترز)

حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصلاح العلاقة مع المؤسسة العسكرية بعد تعدد الاتهامات بمحاولته تسييس الجيش، وتباين موقفه من الاحتجاجات على مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد مع موقف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).

توجَّه ترامب إلى أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية قرب نيويورك، لإلقاء خطاب بمناسبة تخرج دفعة جديدة. وتباهى بإعادة بناء «هائلة» بقيمة 2 تريليون دولار للقوة العسكرية لبلاده، لكن التوتر المدني العسكري كان يخيم على الأجواء بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وعندما يفشل كل شيء آخر - وهذا ما حدث كثيراً - يحتضن الرئيس العَلَم ويتودد إلى المؤسسة العسكرية. ولكن الجيش لا يفعل ذلك في المقابل، بحسب الصحيفة البريطانية.

ويحب الرئيس ترامب الإشارة إلى الجنود من حوله باعتبارهم «جنرالاته. وجيشه».

وكان الاحتفال الذي أقيم يوم السبت في «ويست بوينت» تجسيداً للنهج الذي تبناه الرئيس الأمريكي. فقد تم استدعاء أكثر من ألف طالب من دفعة عام 2020 من منازلهم إلى حرم الأكاديمية (50 ميلاً شمال مدينة نيويورك)، على الرغم من تفشي وباء فيروس كورونا، وعلى هذا، فإن ترامب يستطيع أن يلقي خطاباً متلفزاً.

وجاءت نتائج اختبار 15 طالباً لفيروس كورونا إيجابية، وخضع باقي الطلاب للحجر الصحي لمدة أسبوعين.

وأثار العرض بأكمله انتقادات بأنه «بروفة تجريبية» لحملة إعادة انتخاب ترامب، وذلك بعد أيام من تجاوز الرئيس للحدود في استغلال القادة العسكريين.

وفي مطلع الشهر الجاري، أخلى ترامب المنطقة المحيطة بالبيت الأبيض بالقوة من متظاهرين سلميين كانوا يحتجون على قتل فلويد، وذلك من أجل أن يسير ترامب عبر ميدان لافاييت ليلتقط صورة وهو يحمل نسخة من الإنجيل أمام كنيسة القديس يوحنا، التي يطلق عليها «كنيسة الرؤساء».

ورافقه كلٌّ من وزير الدفاع مارك إسبر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي الذي كان يرتدي زيه العسكري.

وفي وجود عشرات الجنود من الحرس الوطني، فمن المؤكد أن الأمر بدا وكأن قمع ترامب للاحتجاجات السلمية كان عملية عسكرية، في انتهاك للقواعد التي ارتكز عليها السلوك العسكري الأمريكي لقرن ونصف القرن من الزمان.

وقد خطط ترامب للذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، متذرعاً بقانون التمرد لعام 1807 لنشر وحدة قتالية من النخبة من «الفرقة 82 المحمولة جواً» في شوارع العاصمة واشنطن.

وقالت ريزا بروكس، أستاذة العلوم السياسية بجامعة ماركيت «إن ما لدينا هنا هو محاولة لاستخدام الجيش لتحقيق مصلحة حزبية إلى حد وضع قوات في الشوارع في مواجهة المحتجين، وتقديم نفسه كرئيس للقانون والنظام، وهو مفهوم ذو إيحاءات عنصرية تاريخية».

وأفادت تقارير بأن وزير الدفاع إسبر كان على وشك أن تتم إقالته من منصبه، وذلك بعد معارضته استخدام قانون التمرد ونشر قوات من «الفرقة 82».

وفي خطاب مصور موجّه إلى خريجين من جامعة الدفاع الوطني، اعتذر رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة ميلي عن حضوره إلى جانب ترامب، قائلاً إنه ارتكب خطأً.

وشجبت مجموعة من الجنرالات المتقاعدين سلوك ترامب. واتهمه جيمس ماتيس الذي كان أول وزير دفاع له «بإساءة استخدام السلطة التنفيذية. والاستهزاء بالدستور».

وقبل خطاب ترامب في «ويست بوينت»، حذّر خريجون من الأكاديمية العسكرية، الخريجين الجدد في رسالة مفتوحة أشارت إلى وزير الدفاع إسبر من «أي أفعال تهدد مصداقية الجيش غير المسيَّس».

وقال بيتر بيرغن، مؤلف كتاب «ترامب وجنرالاته: تكلفة الفوضى»: إن «في اعتقادي أن هذا هو أكبر انقسام بين الجيش والقيادة المدنية».

كما أعطت حركة الاحتجاج زخماً جديداً لمحاولات التخلص من رموز الكونفدرالية. وقد حظرت القوات البحرية عرض علمها، وكان الجيش يتخذ خطوات لمراجعة ما إذا كان ينبغي تسمية 10 من قواعده باسم ضباط بالكونفدرالية.

والكونفدرالية، هي مجموعة من الولايات الجنوبية التي قاتلت خلال الحرب الأهلية التي دارت بين 1861-1865 من أجل الحفاط على العبودية.

وباتت الفجوة المتسعة بين القوات المسلحة التي تراعي مشاكل العنصرية وبين الرئاسة التي تستمد قدراً كبيراً من الدعم من جانب القوميين البيض، واضحة بشكل جلي.

ويوم الاثنين، أشار البنتاغون إلى أن إسبر يدرس إجراء تغييرات على القواعد التي تم تسميتها تيمناً بجنرالات بالكونفدرالية. ويوم الأربعاء، قال ترامب في تغريدة على تويتر إن: «إدارتي لن تفكر حتى في إعادة تسمية هذه المنشآت العسكرية الرائعة والأسطورية».

وأحاط ترامب نفسه بجنرالات في بداية فترة ولايته. ولكن قد فروا جميعاً منذ ذلك الحين، وهم الآن إما منتقدون أو صامتون.

وأوضحت صحيفة «الغارديان» أن الرئيس هو قائدهم الأعلى، ولكن ولاءهم للدستور. ويجب أن يطيعوا كل أمر يعطيه ترامب، طالما أنه قانوني.

وفي أكتوبر 2018، وافق الجيش على إرسال مئات القوات إلى الحدود المكسيكية، قبل أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وهو تحرك سمح للرئيس ترامب بادعاء أنه يتخذ إجراءات قوية بشأن الهجرة.

وقالت مديرة الدراسات الاستراتيجية في جامعة جونز هوبكينز مارا كارلين «إن من المستحيل أن كبار القادة العسكريين ليست لديهم محادثات فيما بينهم حول ما قد تبدو عليه الأشهر الستة المقبلة أو ما إلى ذلك، حول ما قد يُطلَب منهم القيام به، وما الذي قد يكون مناسباً للقيام به».