الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«كورونا» يسلب المهاجرين في روسيا المال والحياة

سلَّط فيروس كورونا المتحور، الضوء على الأوضاع المتدنية للمهاجرين في روسيا. وفي غياب فرص العمل، وعدم توفر الرعاية الصحية في بعض الأحيان، فإن الكثير منهم يريدون العودة إلى ديارهم، ولكنهم لا يستطيعون.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن العمال الوافدين من آسيا الوسطى، تجاهلوا خطر الإصابة بفيروس كورونا، وتجمعوا في مجموعات خارج سفارات بلدانهم في موسكو، حيث قرعوا الأبواب والأسوار، وصاحوا من أجل أن يخرج إليهم المسؤولون ليخبروهم متى يمكنهم العودة إلى ديارهم على متن رحلات الطيران العارض.

ومع إلغاء رحلات الطيران المنتظمة، فإن الطيران العارض يشكل السبيل الوحيد الممكن للخروج لأكثر من 5 ملايين عامل وافد من الجمهوريات السوفييتية السابقة الذين تقطعت بهم السبل في روسيا بسبب الوباء، حيث يعيش كثيرون في ظروف عصيبة بشكل متزايد.

وبينما ضرب فيروس كورونا روسيا، التي سجلت ثالث أكثر الحالات في العالم بعد الولايات المتحدة والبرازيل، فإن الأزمة أضرّت بالعمال الوافدين بشكل خاص، حيث كانوا أول من فقدوا وظائفهم، وغالباً ما كانوا آخر من يتلقى المساعدة الطبية.

ولا يملك الكثير منهم المال اللازم لشراء الغذاء، وبمجرد إصابتهم بفيروس كورونا، تُركوا في مساكن مكتظة لمكافحة المرض بأنفسهم. فيما يرغب كثيرون منهم في العودة إلى بلدانهم، لكنهم لا يستطيعون.

وقبل تفشي الوباء، غادرت أكثر من 15 رحلة جوية موسكو يومياً إلى مدن مختلفة في أوزبكستان، أكثر دول آسيا الوسطى اكتظاظاً بالسكان. أما اليوم فلا يوجد سوى رحلتين عارضتين في الأسبوع، بينما تحمل قائمة انتظار السفارة أكثر من 80 ألف اسم.

ومن بين هؤلاء الذين ينتظرون دورهم بوتير محمدييف، الذي كان يعيش في موسكو مع والدته، ويعمل كعامل مع أكبر سلسلة مقاهٍ في روسيا.

وقال محمدييف (26 عاماً): «لقد طردوا كل العمال الوافدين أولاً. ورغم أنني أملك كل الوثائق التي تسمح لي بالعمل هنا، فلا يمكنني الحصول على أي وظيفة الآن».

وأضاف أنه ووالدته كانا ينتظران منذ شهرين للعودة، وأنهما قلقان من طردهما من شقتهما لأنهما لم يعد بإمكانهما دفع الايجار.

ولدى روسيا، شهية كبيرة للعمالة الوافدة، وهي حاجة تتعارض بشدة مع سياسة الحكومة والنزعة القومية، بل ومشاعر العنصرية في بعض الأحيان من قِبَل عامة الناس في روسيا.

ورغم أن الكرملين لا يرغب في الاعتراف بأن البلاد تحتاج إلى المهاجرين، فإن علماء الديموغرافيا يقولون إنه يتعيّن عليها أن تجتذب ما لا يقل عن 500 ألف مهاجر كل عام للتعويض عن انخفاض معدل المواليد وارتفاع معدلات الوفيات.

لم تكن حياة المهاجر في روسيا سهلة قط. فالمهاجرون من آسيا الوسطى، الذين تغريهم الرواتب المرتفعة، ودخول البلاد دون تأشيرة، إضافة إلى التراث السوفييتي المشترك، يعيشون في شقق وعنابر ضيقة، ويتشارك ما يصل إلى 10 أشخاص في غرفة واحدة في كثير من الأحيان.

ويضايقهم ضباط الشرطة بصورة معتادة. كما أن العديد من الروس المحليين يعبّرون عن كراهيتهم لهم. وإذا تم فصل الوافدين من العمل فإن أرباب العمل لا يدفعون رواتبهم النهائية في كثير من الأحيان.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة متاحة، ولكن يُعتقد أن المهاجرين يساهمون بما قد يصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي. وبمتوسط الراتب في روسيا الذي يصل إلى 5 أمثاله في طاجيكستان، وضعف الراتب على الأقل في أوزبكستان وقيرغيزستان، فإن المهاجرين على استعداد للعمل في موسكو مقابل 600 دولار شهرياً، وهذا أقل مما يحصل عليه الروس.

كما أن الكثير من سائقي سيارات الأجرة، والسُّعاة، وعمال البناء، وغيرهم في موسكو، هم مهاجرون من آسيا الوسطى أو جنوب القوقاز.

من جهته، قال إمام الدين ساتوروف سفير طاجيكستان لدى روسيا: «إن العمال الوافدين يساهمون بشكل كبير في تنمية روسيا. وعلى النقيض من المهاجرين الذين يعملون في البلدان الأوروبية والذين يتمتعون بوضع يمكِّنهم من الحصول على بعض الضمانات الاجتماعية، فإن العاملين لدينا يعملون ويدفعون الضرائب».

وأدت أزمة فيروس كورونا إلى تفاقم الأوضاع المتدنية للعمال الوافدين، فقد أغلقت الشرطة على سبيل المثال، مساكن كاملة عندما أصيب شخص واحد بالعدوى.

وفي موسكو، حرمت عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا 76% من العمال الوافدين من وظائفهم، وفقد 58% كل دخولهم، وفقاً لاستطلاع أجراه يفغيني فارشافير، رئيس مجموعة الهجرة والبحوث العرقية.

وأظهر الاستطلاع أيضاً أن من بين الروس فقد 42% وظائفهم، كما فقد 23% دخولهم.

ويعيش كثير من المهاجرين اليوم في روسيا بفضل المساعدة التي تقدمها المؤسسات الخيرية والسفارات فقط.