الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كيف تسبب انعدام الثقة بالحكومة بتفشي الوباء في أكبر أسواق المكسيك؟

نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية روايات عن أشخاص يشرحون بها كيف تفشى فيروس كورونا بطريقة مأساوية في واحد من أكبر أسواق الأغذية في أمريكا اللاتينية.

وكانت البداية عندما أصيب أحد الأشخاص، الذي يعمل كبائع خضراوات في السوق، ويدعى مارتين ماتيون 50 عاماً، بنزلة برد رافقتها أعراض الإنفلونزا المعروفة كالتهاب في الحلق وآلام في الجسم وسيلان بالأنف، وكان ماتيون لا يؤمن ولا يقتنع بوجود كورونا، ولديه شكوك أنها مجرد خدعة من السلطات.

وقال ابنه كارلوس لصحيفة واشنطن بوست، إن حالته كانت سيئة جداً، إلا أنه استمر بالعمل، وفي غصون أيام أصبح يتنفس بصعوبة، ومن ثم فارق الحياة.

وفي الفترة التي أصيب فيها ماتيون بالفيروس وواصل الذهاب لعمله نقل العدوى لعشرات الأشخاص الآخرين الذين يعملون معه في السوق، وعندما تفشى الوباء في السوق قام العمال بتعليق لافتات صفراء خارج السوق كتب عليها «منطقة موبوءة».

وتوفي مالا يقل عن 10 رجال يعملون في السوق من منتصف أبريل إلى منتصف مايو، ومن بينهم أنطونيو ابن عم ماتيو الذي يعمل محاسباً في أحد المحلات.

وتعد قصة تفشي الوباء في سوق Central de Abasto الشهير في المكسيك لمحة عن سبب تحول البلاد لمركز لتفشي الوباء، والذي أصاب العديد من العمال الضعفاء الفقراء المصابين بالأمراض المزمنة نتيجة لأوضاعهم المعيشية، والذين في نفس الوقت تنعدم ثقتهم في حكومتهم، وهم بحاجة إلى الاستمرار في العمل لكسب المال.

وعلى الرغم من عدم وجود بيانات رسمية واضحة للإصابات، فإن الأشخاص الذين يعملون في السوق أكدوا أن العشرات من بائعي الخضار الذين يعملون في السوق توفوا بسبب الفيروس.

وقال أنستاسيو رامون ألونسو، 57 عاماً، وهو بائع خضار يعمل بالسوق منذ فترة طويلة: «لم نعتقد أن الفيروس كان يمثل تهديداً حقيقياً، ولكن عندما بدأ الناس يموتون أصبحنا متأكدين وتخلينا عن شكوكنا».

وأعلنت المكسيك رسمياً عن ما يقارب 21 ألف حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، إلا أن هناك العديد من الشكوك حول أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من الرسمي.

وقال كارلوس ماتيون، 31 عاماً، والذي يعمل مثل والده في تجارة الخضار، إنه بالوضع الطبيعي يكسب نحو 10 دولارات كدخل يومي، وأكد أنه إذا تخلى عن الذهاب للعمل فلن تكون لديه أي نقود.

وقالت كلوديا بيريز وهي مديرة كشك في السوق: «في البداية لم يتخذ العمال الاحتياطات اللازمة، وعندما شاهدوا الناس يموتون بدؤوا بحماية أنفسهم».

ومن ناحيته، قال هيكتور غارسيا مدير سوق سنترال دي أباستو، للصحفيين في 26 أبريل، إن الفيروس تم اكتشافه في السوق الذي تبلغ مساحته 1.3 ميل مربع، ويوزع السوق الذي يعتبر سوقاً للجملة أيضاً الغذاء على 22 ولاية في المكسيك، واعتمدت العديد من محلات السوبر ماركت والمطاعم والأسر على السوق الذي يعمل به نحو 90 ألف عامل.

وفي نفس السوق أيضاً، أصيب ديفيد هيرنانديز، وهو أب لطفلين في أوائل الخمسينيات من عمره، وكان مصاباً بداء السكري وتوفي في منتصف أبريل.

كما أصيب بائع آخر ويدعى إسحاق بلوما بنزلة برد، وكان يبلغ من العمر 45 عاماً، ومصاباً بداء السكري، ورغم مرضه استمر في العمل على الرغم من أن رب عمله حاول إقناعه بأخذ إجازة مرضية ليستريح، إلا أنه لم يقبل بذلك لأنه كان بحاجة للمال لأنه أب لطفلين أيضاً، وتوفي في 21 أبريل.

وكان بيدرو هيرنانديز 58 عاماً، يشعر بالقلق من الإصابة وهو مصاب بالسكري أيضاً، وفي أواخر أبريل قرر التوقف عن القدوم للعمل، وقال زميله في العمل إنه تبينت إصابته في وقت لاحق وتوفي في أوائل مايو.

فقدان للثقة

وكانت الحكومة في المكسيك قد أطلقت حملة توعوية حول وباء كورونا، إلا أن هؤلاء العمال لم يصدقوا وجود الفيروس.

وأوضح عمر مارتينيز أحد الإداريين في السوق، أن المكسيكيين كانوا يعتقدون أن الحكومة تخدعهم.

وانعدام ثقة المكسيكيين بحكومتهم ليس أمراً جديداً، وبهذا الصدد كتبت الكاتبة والناشطة إيرين تيلو، إن المنطقة التي تحيط بالسوق هي منطقة مكتظة بالسكان، والعديد من سكانها يفتقرون للخدمات العامة الأساسية كالصرف الصحي، وكان موقفهم أن الحكومة لم تبالِ أبداً بحياتهم، فلماذا ستبالي الآن، ولهذا السبب لم يصدقوا رواية الفيروس.

وفي سوق الخضار انتشرت العديد من الشائعات بين العمال، والتي تضمنت أن المستشفيات أماكن خطيرة، وأن الأطباء يقتلون المرضى عمداً.