الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«ملكة أوروبا».. ميركل تتولى ترتيب البيت من الداخل

«ملكة أوروبا».. ميركل تتولى ترتيب البيت من الداخل

المستشارة أنجيلا ميركل.(رويترز)

تتسلم ألمانيا اليوم الأربعاء رئاسة الاتحاد الأوروبي في ظروف استثنائية يمر بها العالم أجمع بسبب أزمة فيروس كورونا، وهي المرة الثانية في ظل تولي أنغيلا ميركل منصب المستشارية.

وتسلمت ألمانيا رئاسة الاتحاد للمرة الأولى تحت إدارتها في يناير عام 2007، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام ألمانية تحدياً كبيراً لميركل التي تتولى هذه المسؤولية الآن بعد 13 عاماً بينما تواجه أوروبا العديد من الأزمات الخطيرة.

ووصف موقع «دير شبيغل» رئاسة ألمانيا الدورية للاتحاد بأنها فرصة أخيرة لميركل قبل أن تغادر منصبها عام 2021، وأن عليها أن تلعب لعبة الوداع في أوروبا بقوة لأن القارة المنهكة تتطلع إلى المرأة الحديدية وخاصة بعد أن خرجت بريطانيا من الاتحاد وتداعيات فيروس كورونا الاقتصادية.

وتحدث موقع «تاغس شاو» عن أن ميركل مديرة الأزمات إذا نجحت في مهمتها خلال الستة أشهر المقبلة، فقد تكون حقاً مثلما يقال عنها «ملكة أوروبا»، وخاصة أنه كان من المفترض أن ترتكز القضايا على حماية المناخ والتحول الرقمي بالإضافة لقضايا اللجوء والهجرة، والعلاقات مع الصين والولايات المتحدة ومشكلات القارة الإفريقية، إلا أن كورونا قام بتغيير الأولويات.

من جانبه قال لؤي المدهون المتخصص في الشؤون الأوروبية والباحث بجامعة كولونيا في تصريحات لـ«الرؤية» إن قضايا المنطقة العربية وعلى رأسها الحرب في ليبيا، رغم أهميتها القصوى، إلا أنها لن تشكل الأولوية لرئاسة ألمانيا الدورية للاتحاد الأوروبي، لأن التحدي الأكبر يتمثل في مواجهة تداعيات فيروس كورونا على مستقبل الاتحاد والحفاظ على وحدته ومنع القوى الشعبوية من تهديده.

وأضاف أن أوروبا منقسمة بشدة فيما يتعلق بالملف الليبي، وأن «قدرتها على لعب دور فعال في شمال أفريقيا يتوقف على نجاحها في صياغة موقف موحد داخل البيت الأوروبي يساهم في كبح جماح التدخل التركي والروسي، لأن أوروبا ليس لديها فقط مخاوف من السياسة التوسعية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شمال أفريقيا، بل أيضاً من سياسة روسيا هناك».

وأكد أن أزمة وباء كورونا ستكون الأزمة الكبيرة التي ستحدد ملامح وهوية إرث ميركل في ذاكرة الأجيال القادمة وفي كتب التاريخ، لأنها أجبرتها على الابتعاد عن نهجها الحذر مثلما فعلت إبان الأزمة المالية العالمية عام 2009 وأزمة اللاجئين السوريين عام 2015، مشيراً إلى الخطة المالية لدعم الاتحاد لمواجهة الفيروس والتي اقترحتها ألمانيا وفرنسا والمتمثلة في إعادة إعمار ضخمة تصل إلى 750 مليار يورو.

وأشار المدهون إلى أن ميركل تحاول إخراج الاتحاد الأوروبي من عنق الزجاجة بمساعدة هذه الخطة، وأن «الأسابيع القليلة القادمة سترسم مستقبل الاتحاد الأوروبي، فإما أن يخرج قوياً من الأزمة عبر ترتيب البيت الأوروبي وتقوية مؤسساته وإلا سيتم استغلال الأزمة بقوة من قبل قوى شعبوية ترفض فكرة الاتحاد نفسه».

لكن المدهون لفت إلى أن «تمرير خطة إنعاش الاقتصادات الأوروبية لا يعتمد فقط على قدرة ميركل التفاوضية وإرادة فرنسا السياسية، بل على ابرام تسويات للدول التي ترفضها بهدف التوصل في النهاية لحل وسط يرضى الجميع».

واتفق البروفيسور توماس ياغر المحاضر بقسم السياسة الدولية والخارجية بجامعة كولونيا، مع المدهون في أن فيروس كورونا بالفعل غير الأولويات. وقال في تصريحات لـ«الرؤية» إنه بالفعل جعل قضايا ملحة تتراجع في الخلفية مثل قضية ليبيا أو العلاقات مع الولايات المتحدة و الصين وحتى سياسة اللجوء والهجرة.

وأشار إلى أن رئاسة ألمانيا ستنصب على السياسة الداخلية للاتحاد ومحاولة تمرير حزمة المساعدات الجديدة، وعودة حركة الاقتصاد بين دوله مرة أخرى.

وأكد أنه على الرغم من إقامة ألمانيا مؤتمر برلين حول القضية الليبية، إلا أنه لم ينتج عنه أي آثار إيجابية، ومحاولة مواجهة تركيا تقف أمامها دوماً ورقة الابتزاز التي ترفعها أنقرة بفتح الباب أمام اللاجئين، مشيراً إلى أنه حتى مهمة «إيريني» لمراقبة تهريب الأسلحة لن يكون لها آثار حقيقية.

ونوه إلى أن مشكلات أفريقيا والشرق الأوسط لن تكون حاضرة بقوة على جدول الأعمال خلال الشهور الستة المقبلة، وأنه يرى أن الاتحاد الأوروبي لم يعد للأسف يلعب دوراً في هذه المنطقة وتركها لدول أخرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران والسعودية.

وقال إن المناقشات ستنصب أيضاً على مهام تطوير لقاح للفيروس ومحاولة تضييق الانقسامات بين دول الاتحاد في معظم القضايا ومنها ما يتعلق بالرؤى حول العلاقات مع الولايات المتحدة والصين.

وأشار ياغر إلى أن رئاسة ألمانيا ستنصب على أن تكون مديرة للأزمة الداخلية والنقاش حول مستقبل أوروبا لأنه إذا أصبحت المشاكل الاقتصادية جراء كورونا واضحة في البطالة والإفلاس، فإن الضغط على الاتحاد سيزداد. واعتبر أن الوضع متفجر داخل الاتحاد الأوروبي وأن المهمة الرئيسية في الأشهر المقبلة هي الحفاظ عليه.