السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«الجيل - زد».. كابوس يؤرق أردوغان ويهدد طموحاته السياسية

«الجيل - زد».. كابوس يؤرق أردوغان ويهدد طموحاته السياسية

طلاب أتراك. (المصدر)

قريباً سيكون بمقدور الملايين من الشباب التركي التصويت في الانتخابات، وهم من ضمن المستهدفين من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان الحالم بإعادة انتخابه في خضم أزمات عدة تواجهه، حيث يواصل الاقتصاد تراجعه وفشل في إدارة أزمة كورونا بالإضافة إلى سياسة خارجية متهورة أدت إلى عزلة للنظام واستقالات كبيرة لرجاله المقربين.

وهؤلاء الشباب الذين يرغب أردوغان في استقطابهم يشعرون بالتمرد ويرفضونه علانية، وهو ما حدث مؤخراً عند حديثه في فعالية عبر الإنترنت كانت ردود الفعل مفاجأة له.

ويتحدث الجميع في تركيا حالياً عن «الجيل - زد»، وهو مصطلح يشير إلى هؤلاء الشباب الذين ولدوا في مطلع الألفية الجديدة. جيل لا يعرف تركيا إلا من خلال حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية المحافظ. وهو أيضاً جيل من المواطنين الرقميين الذين يقضون الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي.

توجهت الأنظار إلى أبناء هذا الجيل في تركيا مؤخراً نتيجة لقرار سياسي غامض بتقديم تاريخ امتحانات القبول السنوي للجامعات إلى يونيو بدلاً من يوليو - وهو اختبار يحدد مصير ومستقبل الشباب في جميع أنحاء البلاد. وكان الامتحان يجرى كل عام نهاية يوليو وتم تقديمه هذا العام إلى أواخر يونيو، بحسب تقرير لموقع «دويتشه فيله» الناطق بالإنجليزية اليوم الأحد.

كان الطلاب غاضبين لأنهم يشكون في أن هذه الخطوة ليست سوى وسيلة للتحايل لصالح صناعة السياحة المتعثرة في البلاد، والتي كانت في وضع أزمة منذ أن ضرب فيروس كورونا البلاد. ويقول الطلاب إن الخطة جعلتهم يذهبون في إجازة - على الرغم من التهديد المستمر للإصابة - لأنهم سينتهون من الدراسة قبل شهر من الموعد المقرر. وتنفي الحكومة التركية مثل هذه الاتهامات.

وتقول أسلي (19 عاماً) من أنقرة: «إنه لأمر فظيع أن يتم إعطاء الاقتصاد وصناعة السياحة الأولوية على صحتنا». وتضيف «لقد أديت الاختبار للمرة الثانية، وتعرضت لضغوط كبيرة لتحسين النتيجة هذه المرة». أما فاتح، وهو أيضاً طالب من أنقرة فيقول: «نحن في وضع لا نعرف فيه من نثق به بعد الآن.. لم يكن واضحاً ما إذا كان الاختبار ستعاد جدولته حقاً أم لا»، مضيفاً، «هذه تركيا، أي شيء يمكن أن يحدث».

في الآونة الأخيرة، أعطى الشباب الأتراك الرئيس لمحة عن رفضهم، وذلك عندما ذهب أردوغان إلى موقع يوتيوب في اليوم السابق للامتحان للمشاركة في فعالية عبر الإنترنت سميت «لقاء مع الأطفال»، حيث قوبلت كلماته لمخاطبة هؤلاء الناخبين المحتملين بالرفض والغضب.

وانتقد الآلاف أردوغان، وسخروا منه بالتعليقات المباشرة، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى منصة تويتر، حيث أطلقوا وسماً (#yMoyYok ) ومعناه «لن تحصل على صوتي»، وفي غضون ساعات انتشر الوسم كالنار في الهشيم.

منذ ذلك الحين، أصبح الجيل من مواليد الفترة بين عامي 1995 و2010، موضوعاً للنقاش في تركيا. وتشير التقديرات إلى أن عددهم حوالي 13 مليون شاب تركي، وأنهم يمكن أن يلعبوا دوراً رئيسياً في الانتخابات المستقبلية. وسيتمكن الكثيرون من التصويت لأول مرة قريباً ولكن لا أحد يعرف حقاً كيف سيقومون بالتصويت أو ماهي توجهاتهم.

جيزيم بويكان، المحاضرة الجامعية في أنقرة، قالت إن محاولات استقطاب الشباب التركي من قبل حزب العدالة التركي أحدثت انقساماً في الجامعة، معتبرة أن الجامعة ليست المكان المثالي لذلك حسب رأيها، حيث تفسد السياسة العملية التعليمية بسبب الخطاب الأيديولوجي.

وأوضحت في تصريحاتها لـ«الرؤية» أنه بهذا الوضع أصبح هناك انقسام وارتباك بين الطلاب الشباب، وتسود حالة من المشاعر المختلطة لدى الشباب في هذه المرحلة ونتيجة لهذا الارتباك فهم غير قادرين على اتخاذ قرار تصويتي واضح.

وأشارت جيزيم، إلى أن هذه المشاعر المرتبكة التي لاحظتها خلال عملها مع الطلاب أكدها استبيان جديد لمعهد ميتروبول ظهرت نتائجه أمس الأول، مؤكدة أن حوالي 18% لا يعرفون لمن سيصوتون.

معهد (Gezici Arastirma Merkezi) قام بدراسة هذه الفئة العمرية مؤخراً في 12 محافظة من أصل 81 في تركيا. وكان الهدف الرئيسي من الدراسة هو الحصول على صورة لمواقفهم تجاه الدين، ونظرتهم للعالم وميولهم السياسية.

ويقول مراد جيزيسي الباحث المتخصص في دراسات الرأي العام: «سيكون هذا الجيل عاملاً حاسماً في الانتخابات البرلمانية لعام 2023». ويضيف إن الناخبين الشباب سيشكلون حوالي 12% من الناخبين، وبالتالي يمكنهم إملاء بعض القضايا التي نوقشت خلال الانتخابات - وهي قضايا العدالة والدخل.

وتابع جيزيسي أن الناخبين الشباب «أكثر صداقة للبيئة، متعاطفون، حساسون ويفكرون أكثر من الأجيال السابقة». علاوة على ذلك، وجدت الدراسة أن هؤلاء الناخبين الشباب لديهم أيضاً تأثير على كيفية تصويت والديهم.

على الرغم من أن العكس لا يعمل بالطريقة ذاتها، حيث قال 87.5% أن آراء آبائهم ليس لها تأثير على كيفية الإدلاء بأصواتهم، ويضيف جيزيسي أن شباب البلاد يبدون غير مهتمين بالقيم التقليدية.

في ضوء الأزمة الاقتصادية المستمرة في تركيا، يبدو من غير المرجح أن يجد الناخبون الشباب أي شيء ملهم في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.

وفقاً لمكتب الإحصاء الحكومي، ظلت البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً في البلاد تحوم حول 25% منذ أشهر.

هذا هو السبب في أن العديد من الشباب الأتراك المؤهلين يغادرون البلاد ببساطة ويتجهون إلى أوروبا، ضمن نزيف العقول الذي يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل لسوق العمل التركية.

من جانبه، يقول باريز أوجلان، الذي أنهى للتو دراساته في الهندسة الكهربائية في جامعة سابانجي، بإسطنبول، إن أياً من الأحزاب السياسية في البلاد لا يمثله وأنه لن يمنح أياً منها صوته. إنه متشائم بشأن مستقبل تركيا: «أحب بلدي، لكني أعتقد أن الوقت قد حان للسفر إلى الخارج لفترة من الوقت».

أما سيمجي كورالتان، طالبة (17 عاماً) فهي قلقة أيضاً بشأن مستقبل البلاد قائلة: «لا يمكن للمرء حقاً أن يقول ما الذي سيحدث على مدى العامين المقبلين». وأضافت أنها تشعر بأنها محظوظة لأن دراستها ستسمح لها بالسفر إلى الخارج، لكنها تضيف أنها حقاً لا تريد المغادرة.

الصحفي والأكاديمي التركي جان إرتونا، يعتبر أنه من المستحيل التواصل مع الناخبين الشباب «بالطريقة القديمة». ويتابع أن هناك حاجة إلى إيجاد لغة جديدة لمخاطبة جيل يشعر بالراحة على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من أي مكان آخر، مضيفا: «نحن نتحدث عن الأشخاص الذين يستخدمون يوتيوب كمتصفحهم ويحصلون على أخبارهم عبر تويتر وإنستغرام. ويشير إرتونا إلى أن السياسيين بحاجة ماسة لإيجاد المزيد من الحلول للمشكلات الخاصة بالعمر أيضاً.

الباحث السياسي التركي، نزيه أونور كورو، انتقد بشدة الحكومة لأن حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المتطرف ينفقان معظم طاقتهما في معالجة القضايا التي تهم الناخبين الأكبر سناً والمحافظين في الريف.

وأوضح أن ذلك يجعل الهوة بين من هم في السلطة وشباب البلاد لا يمكن تجاوزها: «كان الغضب بسبب الامتحانات نقطة تحول، وبالمثل ستكون الانتخابات البرلمانية في عام 2023 نقطة تحول - لأن ذلك هو الوقت الذي سيحسم فيه «الجيل ـ زد» «توازن القوى».