الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كيف تحولت علاقات أردوغان مع برلين إلى مباراة مصارعة؟

كيف تحولت علاقات أردوغان مع برلين إلى مباراة مصارعة؟

أردوغان مع ميركل - رويترز

يبدو أن طريق نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة الأمور إلى طبيعتها وإنعاش الاقتصاد التركي بعد أزمة كورونا لن تسير حسب هواه بسبب عقبات تأتي من جانب أوروبا.

ووفقاً لموقع أحوال التركي تلقت أنقرة خلال الأسبوع الماضي سلسلة من الضربات من الاتحاد الأوروبي وألمانيا، ما أدى إلى تقويض خطط دفع الاقتصاد المتعثر في البلاد.

ولم تخرج تركيا بعد من صدمة إعلان المجلس الأوروبي وهو أعلى هيئة سياسية في الاتحاد الأوروبي، أنها ليست من ضمن الدول التي يشملها قرار الاتحاد الأوروبي فتح حدوده أمام القادمين من الخارج اعتباراً من 1 يوليو الماضي، لتتلقى أنباء عن إلغاء شركة فولكس فاغن الألمانية للسيارات خططها لإنشاء مصنع للسيارات غرب تركيا.

وبعد أشهر من التباطؤ، قالت فولكس فاغن إنها لن تبني المصنع الذي تبلغ كلفته 1.3 مليار يورور، وذلك بسبب تراجع الطلب الناجم عن وباء كورونا.

وكانت الشركة قد بدأت العام الماضي استعداداتها لإنشاء المصنع في مقاطعة مانيسا، وقامت بإنشاء وحدة محلية وبدأت العمل في الأراضي التي منحتها لها الحكومة التركية مجاناً.

وكان من المقرر أن تبدأ المنشأة، البالغة قدرتها الإنتاجية أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً، في عام 2022، وكان من المفترض أن تقوم بتوظيف 4 آلاف شخص.

أردوغان في ورطة

وبسبب المحاولات المتكررة لجذب الاستثمارات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها، أصبح أردوغان متورطاً في تقديم حزمة من الحوافز لفولكس فاغن، والتي تضمنت العديد من الإعفاءات بما فيها الإعفاءات الضريبية.

وعلاوة على ذلك أكد أردوغان للشركة أن الحكومة التركية ستقوم بشراء 40 ألف سيارة من طراز «باسات» لصالح مؤسسات الدولة لاستخدامها كمركبات رسمية.

وعلى الرغم من جميع التسهيلات التي قدمتها حكومة أردوغان، أعلنت شركة فولكس فاغن في أكتوبر الماضي أنها علقت خطط إنشاء المصنع بسبب العملية التي قامت بها تركيا عبر حدود شمال سوريا، والتي استهدفت المسلحين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة والغرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وفي الأسبوع الماضي وجهت الشركة الضربة النهائية وأكدت أنها تراجعت بشكل كامل عن خطة إنشاء المصنع.

تمديد قيود السفر

ولم تكن هذه الأنباء السيئة هي الأولى التي تتلقاها تركيا من برلين، حيث أعلنت برلين الأسبوع الماضي أنها مددت قيود السفر مع تركيا حتى 31 أغسطس، وبعد ذلك بوقت قصير أعلن المجلس الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي سيفتح أبوابه أمام 15 جنسية مختلفة لم تكن من ضمنها الجنسية التركية، ليخلق غياب تركيا عن القائمة خيبة أمل كبيرة في أنقرة.

وقامت الحكومة التركية بعدة محاولات سريعة لإقناع برلين بإضافتها لقائمة الدول المعتمدة، وقامت بإرسال وزيري الخارجية والسياحة ونائب وزير الصحة الأسبوع الماضي لتعزيز الطلب دون جدوى.

افتقار للشفافية

وفي الأونة الأخيرة تعرضت الحكومة التركية لوابل من الانتقادات من خبراء الصحة المحليين بسبب افتقارها الشديد للشفافية فيما يتعلق ببيانات الحالات الحقيقية لكوفيد-19، لتقوم بعد ذلك بنشر تقرير شامل على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة.

وفي الوقت الذي تم به تبادل الملفات التركية الخاصة بوباء كورونا مع الحكومة الألمانية، قدم نائب وزير الصحة التركي إيمين ألب ميسي، إحاطة لمعهد روبورت كوخ، وهو وكالة اتحادية مستقلة في ألمانيا تُعنى بالأمراض المعدية وغير المعروفة.

وكان رد ألمانيا على ذلك أنها ستقوم بدراسة الملفات لتقييم الوضع في تركيا، وتم إبلاغ الأتراك بعدم توقع أن تتصرف برلين، خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي، بشكل مختلف عن الدول والمؤسسات الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ورداً على قرارات برلين والاتحاد الأوروبي، جدد أدروغان مزاعمه، أثناء افتتاح مستشفى في مدينة إسطنبول مؤخراً، بأن تركيا كانت من بين الدول الأكثر نجاحاً في مكافحة الوباء، وتباهى بإرسال المعدات الطبية من أنقرة إلى 138 دولة وادعى أن العديد من الدول الأوروبية وغيرها تشعر بالغيرة من نجاح تركيا.

وتعهد بأن تكون تركيا «المركز الصحي لـ3 قارات».

وفي إشارة للاتحاد الأوروبي قال أردوغان يوم الأحد الماضي، إنهم لم يتمكنوا من وقف صعود تركيا، وزعم أنه وصل إلى ما عليه الأن بهزيمة أعداء تركيا واحداً تلو الأخر.

انتهاكات في البحر المتوسط

ومن غير المتوقع أن يسفر وصول أحد كبار المسؤولين للاتحاد الأوروبي إلى أنقرة يوم الاثنين عن أي نتائج عقب تصريح أردوغان.

وقبل وصوله إلى انقرة، زار مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليونان وقبرص الشهر الماضي، وذكر أن أنشطة التنقيب التركية في شرق البحر المتوسط حول قبرص غير قانونية.

ومن ناحيتها، ردت أنقرة بقوة على تصريحات بوريل، التي تتضمن زيارته مناقشة أحدث التطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط، والحرب في ليبيا، وأزمة المهاجرين على الحدود التركية اليونانية.

ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تدعو فرنسا الاتحاد الأوروبي إلى زيادة العقوبات التي لم تطبق بعد على تركيا بسبب التنقيب في قبرص خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع القادم.

وفي ضوء هذه التطورات فمن غير المرجح بدء فترة إيجابية في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وتركيا وألمانيا بعد أيام من تولي برلين الرئاسة الدورية للكتلة.

وحتى قبل تفشي الوباء حذرت ألمانيا مواطنيها من السفر إلى تركيا قائلة إنه يمكن القبض عليهم بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو منعهم من مغادرة البلاد، ولا تزال مثل هذه التحذيرات التي أصدرتها وزارة الخارجية الألمانية العام الماضي سارية بشكل رسمي.

علاوة على ذلك، فإن تصريح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لنظيره التركي مولود تشاوش أوغلو أثناء اجتماعهما الأسبوع الماضي بأن برلين تتوقع من تركيا اتخاذ خطوات نحو الديمقراطية، تثبت أن تحذيرات السفر ليست بسبب الوباء فقط.

وفي اليوم التالي لإعلان فولكس فاغن أنها تراجعت عن إنشاء مصنعها في تركيا، بدأت هيئة المنافسة التركية تحقيقاً بشأن 5 شركات ألمانية عملاقة في السيارات بحجة انتهاكها لقوانين المنافسة.

ويأتي التحقيق بشأن شركات أودي وبورشه وفولكس فاغن ومرسيدس وبي إم دبليو، بعد مزاعم بأنها تعاونت في مسائل الأمن والبيئة وتشاركت معلومات حساسة للمنافسة.

وتنفي الأوساط الموالية للحكومة أن يكون التحقيق مرتبطاً بالقيود المفروضة على السفر في ألمانيا أو بتحرك فولكس فاغن، قائلة بأن الجهة التي تقوم بالتحقيق هي هيئة مستقلة، كما يؤكدون أن توقيت التحقيق، الذي جاء في أعقاب الإعلان عن إلغاء المصنع في تركيا، هو محض صدفة.

لكن الصورة الحالية وأحدث التطورات الأسبوع الماضي تظهر أن التوتر سيتصاعد بين أنقرة وبرلين، بعدما تحول الأمر إلى ما يشبه مباراة مصارعة.

ولا توجد توقعات لنتائج ملموسة من زيارة بوريل، لكن تدور أحاديث عن أن أنقرة قد تلجأ مجدداً إلى إرسال مهاجرين إلى حدودها الشمالية الغربية مع اليونان ما يزيد من تعكير العلاقة مع أوروبا.