الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

خبير في الطاقة والمخاطر: مغامرة أردوغان في ليبيا قد تنتهي بكارثة إقليمية

تحركات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق البحر الأبيض المتوسط من أجل الاستيلاء على موارد المنطقة الغنية من الغاز قد تؤدي إلى كارثة لقطاع الطاقة وحركة التجارة.

وحذر سيريل ويدرشوفن، محلل شؤون الطاقة والمخاطر في الشرق الأوسط، في تحليل نشره بموقع «أويل برايس» من أن نشوب نزاع عسكري في المنطقة، بسبب التحركات التركية يهدد العديد من النقاط الرئيسية للسلع والتجارة العالمية، بما في ذلك مضيق الدردنيل في تركيا وقناة السويس والطريق بين ليبيا والجزر الإيطالية الجنوبية.

مغامرة جيوسياسية

وقال «إن مغامرة أنقرة الجيوسياسية ليست فقط مصدر قلق لدول شرق البحر المتوسط، ولكن أيضاً لمصدري النفط والغاز في المنطقة باستثناء حليفتها قطر، والتجارة الأوروبية الآسيوية».

وبينما تتجه الأنظار الآن إلى ليبيا، فإن التحركات العسكرية التركية في شرق المتوسط تثير القلق أكثر. وتندرج مغامرة تركيا في ليبيا ضمن استراتيجية الضغط على الشرق الأوسط حتى الاستسلام. فقد أنشأت مشاريع أنقرة العسكرية في قطر والقرن الأفريقي والسودان والآن في ليبيا دائرة من النفوذ العسكري تهدد الدول العربية.

تهديداً مباشراً

وتمثل تحركات تركيا العسكرية في شرق المتوسط، والتي تهدف رسمياً لدعم شركات النفط والغاز التركية في البحث عن احتياطيات بحرية، تهديداً مباشراً لليونان وقبرص. والاستراتيجية العسكرية القومية المتشددة التي تبنتها تركيا، والمعروفة باسم «الوطن الأزرق» باتت واضحة في أهدافها.

وتستهدف عقيدة أردوغان العسكرية الهيمنة على بحر إيجة، ومعظم البحر الأبيض المتوسط​​، والبحر الأسود. والاستفزازات الجارية في الشرق الأوسط، والتي لا تشمل فقط اليونان - قبرص ولكن أيضاً مصر وإسرائيل، هي أدلة على هذا الجشع التركي.

كما تأتي هذه التحذيرات وسط مساعي تركيا لتأكيد تعاونها العسكري والتجاري مع حكومة فايز السراج التي تدعمها ميليشيات إرهابية.

وجاء التدخل العسكري التركي بعد أن وقعت أنقرة على اتفاق ترسيم بحري مع حكومة السراج في نوفمبر الماضي، يهدف إلى منح تركيا حقوق التنقيب عن الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، وهو ما وضع أنقرة في مسار تصادم كامل مع قبرص ومصر واليونان.

وزار وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ورئيس هيئة الأركان العامة يشار غولر ليبيا يوم الثالث من يوليو الجاري لمراجعة الأنشطة المنفذة بموجب مذكرة التفاهم بين البلدين. وكان التركيز الرئيسي خلال الزيارة هو توسيع القيادة الاستشارية للتعاون الأمني ​​الدفاعي والتدريب على المساعدة الدفاعية، التي تم إنشاؤها في نطاق مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا في 27 نوفمبر 2019.

في مذكرة التفاهم ذاتها، وقعت حكومة السراج وتركيا على اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة المتنازع عليها بشدة، والتي تزعم أن لتركيا حقوقاً في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​، ما يضع أنقرة في مسار تصادم كامل مع قبرص ومصر واليونان. وبات وقوع مواجهة عسكرية من نوع ما احتمالاً واضحاً منذ تلك اللحظة.

توسيع النفوذ

وتهدف تحركات تركيا العسكرية في ليبيا، ليس فقط لفتح أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا للشركات التركية ولكن أيضاً لتوسيع مجال النفوذ التركي في الشرق الأوسط.

وأشار المحلل الهولندي الذي عمل في العديد من دول المنطقة في استشارات المخاطر وحروب الطاقة، إلى أن تلك التحركات، وضعت أيضاً احتمال نشوب مواجهة مع مصر وربما فرنسا على الطاولة.

وفي العام الجاري، أصبح التفكير في احتمال نشوب مواجهة عسكرية بين أعضاء الناتو (تركيا - فرنسا) أو حلفاء آخرين للناتو في المنطقة أمراً له ما يبرره. ويشير نهج أنقرة في ليبيا إلى استراتيجية عسكرية تركية عدوانية تهدف إلى إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة، كما فعلت في قاعدة الوطية التي كانت قد استولت عليها عقب انسحاب الجيش الليبي منها بداية يونيو الماضي، والتي تعرضت لقصف فجر الأحد دمر منظومات عسكرية تركية أقيمت فيها على عجل لتأكيد السيطرة التركية.

وفي العاشر من يونيو، وجهت سفن حربية تركية أجهزت الرادار الخاصة بها إلى فرقاطة فرنسية حاولت اعتراض سفينة اشتبهت في أنها تخترق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. وقد أدى الحادث إلى إنهاء الدعم الفرنسي لمهمة الناتو البحرية، بينما طلبت باريس رسمياً إجراء تحقيق في الناتو.

أوروبا تدرس الموقف

وتناقش فرنسا ودول الناتو الأخرى حالياً بشكل غير مباشر، مثل إيطاليا واليونان، صراحة دعم الجيش الوطني الليبي في الشرق. كما حذرت مصر الآن بشكل علني تركيا وميليشيات السراج من عبور خط سرت، حيث المنطقة المهمة لقطاع النفط الليبي.

وتمارس فرنسا في الوقت الحالي ضغوطاً داخل الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على تركيا. ومن المتوقع أن يتم مناقشة ذلك خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين المقبل، كما ستتم مناقشة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

ظهور محدود

وفي اتصال مع «الرؤية» قال ويدرشوفن، إنه لا توجد احتمالات واضحة لتدخل مباشر من الولايات المتحدة والناتو أو حدوث تحرك مكثف للاتحاد الأوروبي، ويبدو أن أردوغان يدرك ذلك ويراهن عليه بدليل أفعاله الأخيرة. وأضاف انه طالما أن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي، وكلاهما يقع مقره في بروكسل، يحافظان على ظهور محدود في مواجهة التحركات التركية، فإن اليونان وقبرص ستكونان الأهداف التالية للتحرك العسكري التركي.

وأضاف أنه لا يتوقع أن تكون بروكسل قادرة على فعل الكثير حالياً بسبب الانقسام، وخاصة أن أدواتها غير حادة، وكذلك لا يوجد جيش أوروبي يمكن العمل تحت مظلته.

وتابع المحلل في شؤون الطاقة والمخاطر أن المشكلات الداخلية في بعض البلدان الأوروبية، خاصة بعد أزمة كورونا وفي إسرائيل، جعلت الجميع مشغولين بأمور داخلية وهو ما تستغله تركيا في الوقت الحالي وقد تكون عواقبه وخيمة وغير محددة.

نزاع محتمل

وأشار إلى أنه في حال تطور النزاع بين تركيا وإسرائيل بخصوص موارد المتوسط، فربما يدفع ذلك الولايات المتحدة إلى الاقتراب من موقف جبهة مصر واليونان وقبرص وإسرائيل. معتبراً أن المشكلات قائمة بالفعل حالياً بين إسرائيل وتركيا بسبب دعم حماس والإخوان، وقد تكون قضية التنقيب في شرق المتوسط جبهة جديدة للنزاع بين الدولتين.