الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كتاب بولتون: ترامب وإيران هدية السماء وإرهاب الحرس

«الغرفة التي شهدت الأحداث».. كتاب يروي فيه جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ما دار بين أفراد غرفة الأحداث «المكتب البيضاوي» وبين الرئيس دونالد ترامب.. حيث يأخذنا المؤلف في رحلة سياسية مشوقة تمزج بين الجد والهزل، فمن روسيا إلى الحرب التجارية مع الصين، ومن الملف النووي وضفادع إيران وتفجيرات مضيق هرمز إلى القدس عاصمة لإسرائيل، ومن جدار المكسيك إلى فنزويلا ـ مادورو، ومن إيمانويل ماكرون إلى أنجيلا ميركل، ومن زيارة آبي لإيران إلى الحوثي، ومن أردوغان الصديق إلى العدو الأول.. وقضايا أخرى كثيرة تترجمها «الرؤية» وتعرضها في 6 حلقات، وفيما يلي نص الحلقة الأولى:

في هذه الحلقة الأولى من العرض سنركز على تلك العلاقة المتوترة بين إيران والولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب من خلال قراءة جون بولتون لها.. تُرى كيف يراها؟.. إننا نجدها مختصرة في قوله: «عندما يتلاشى اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بإيران، خاصة لدى ترامب، أعرف أن طهران ستساعدنا في استقطابه من جديد وجعله على رأس أولويات الرئيس!».

بولتون لا يكتفي بذلك، بل إنه يدخلنا في التفاصيل لدرجة أن يجعلنا شركاء في متابعة الأحداث، يظهر ذلك جلياً في قوله: «إن إيران تعرف جيداً كيف تستغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب»، وحين يتبادر إلى أذهاننا السؤال الآتي: كيف يتم ذلك؟، يجيبنا بولتون بقوله: «عندما قال له آية الله علي خامنئي المرشد الإيراني الأعلى إن ترجمة شعارات المتظاهرين في إيران الذين يرددون: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل، تعني: الموت لترامب، الموت لجون بولتون، والموت لبومبيو».

هنا، يقول بولتون: «إن كلمات خامنئي هي ما ذكرني بوجوب الضغط أكثر على طهران، ليس بسبب برنامجها النووي بل لأنها تعتبر بنكاً مركزياً للإرهاب، وكذا لعدوانيتها العسكرية الزائدة في الشرق الأوسط».

الأذرع.. وجدليّة التصنيف

وبالنظر لموضوع العقوبات على إيران في سياق التصنيف والتأثير على حرسها الثوري، يحدثنا بصوت عالٍ عن مواقف داخل الإدارة الأمريكية لجهة تصنيف الحرس الثوري، فيقول: «هناك نقطة جدلية في تطبيق العقوبات على إيران، وهي: هل سيتم تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية بصفة كاملة، بما أن هذا التوصيف يحمل معه نتائج مهمه وتبعات ممكنة أو سيتم وسم بعض أذرعها بالإرهاب كفيلق القدس؟».

وينوه المستشار السابق:«أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو قد أرادا ذلك كما أراد هو أيضا، لأن عناصر الحرس الثوري تورطوا في قضايا جنائية، إلاّ أن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين كان قلقاً من أن تصنيف كل الحرس الثوري كمنظمة إرهابية ستكون له عواقب وخيمة على القوات الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط، خاصة بوجود فيلق القدس في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن».

وعن ذلك يعلق جون بولتون، قائلاً: «قلق لم أفهمه، لأنني اعتقدت أن الهدف هو إلحاق أكبر حجم من الضرر بهؤلاء الإرهابين».

ويؤكد بولتون أن المعارضة الحقيقية لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كجهاز إرهابي كانت بسبب بيروقراطية الإدارة، حيث إن محامي وزارة الخارجية لشهور لم يُعْلِموا حتى المستشارة القانونية للوزارة بالتطورات، وكذلك فعل زملاؤهم في جهاز الأمن الداخلي، فكأنما كانوا يأملون في أن القضية ستمر مرور الكرام وسيختفي الملف، وهكذا كان وقت محامي البيت الأبيض قد استنفد في الإجابة عن: «كيف نمول بناء الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك؟، ولم يهتموا أبداً بالملف الإيراني».

وليعلمنا بانتهاء جدلية التصنيف، يقول بولتون: «إن المكتب القانوني لوزارة العدل الأمريكية قام بتحديد التصنيفات، موضحاً أن منظمة أو جهاز حكومي قد يتلقى وسم إرهابي)، لكن ليس حكومة كاملة»، وهذا التصنيف دفع المؤلف إلى التعليق الآتي: «هذا ما أسهم في عدم تأثير قرار التصنيف، وهذا ما وجدته مضيعة للوقت، خاصة أن أي نقاشات حول هذه المشكلة بدت وكأنها دون طائل يرجى منها».

تغول طهران

ودائماً في سياق الحديث عن إيران، يرى جون بولتون بأنه: «على الولايات المتحدة ألا تغير سياستها بتجاهل الخطر الإيراني النووي، الذي يهدد المنطقة والعالم، مقارنة بحجم تهديدها لجنود الولايات المتحدة الأمريكية في العراق من قبل الميليشيات الشيعية»، ويؤكد أن هذا التحول في الإدارة الأمريكية هو ما منح فرصة «ذهبية» لطهران باكتساب مزيد من النفوذ والتغول.

وعلى ذكر العراق، فهو يرى: «أن النظام العراقي لم يستطع مراقبة الحدود الكردية ـ العراقية، كما أنه كان يتلقى الأوامر مباشرة من طهران في وقت ما».

ويُفصل بولتون في دراسة جدوى تطبيق العقوبات الاقتصادية على طهران، بأن الأخيرة وبالتوازي كانت تقود حملة ضد أمريكا في الشرق الأوسط، وتزود الحوثي في اليمن وميليشياتها في المنطقة بأحدث الصواريخ والمعدات، حتى أن روحاني أعلن بعد تطبيق العقوبات أن دولته مستعدة لخرق 4 بنود من الاتفاق النووي، ووصف بولتون ذلك بأنه كان: «بسبب أسلوب ترامب غير المنتظم والغريب»، مما جعل هذا الخطر واضحاً.

وحسب بولتون فإن تطبيق العقوبات على إيران في أبريل 2019، كان متأخراً جداً، لأنه لا توجد أي أدلة على أن العقوبات كانت فعالة وأنها طُبقت بشكل صحيح كما في عهد الرؤساء السابقين للولايات المتحدة الأمريكية، ويصفها بـ«الأداة الوطنية الأمريكية الحقيقة» لكن في وقت سابق، ويضيف أنه: «لا ترامب ولا وزير الخزانة ستيفن منوتشين كانا متحمسين وراغبين في متابعة سياسة العقوبات بجدية».

العقوبات.. فاعلية التهديد

وبمواصلة حديثه عن جدوى العقوبات والنقاش الدائر حولها داخل الإدارة الأمريكية، يقول بولتون: «إن ستيفن منوتشين، وزير الخزانة الأمريكي جادل بأن العقوبات المستمرة على إيران ستضغط على النظام المالي العالمي بمرور الوقت، وأن استخدام أدوات النظام المالي كأداة سيدفع دولاً أخرى، مثل: الصين وروسيا للجوء إلى اليورو بدل الدولار، وهذا ما من شأنه أن يقوض العملة الأمريكية على المدى المقبل، علاوة على ذلك تحجج منوتشين بقوله إن البعض يقولون: إن التهديد بالعقوبات كان أكثر فعالية من تطبيقها».

ويرى بولتون أن توقع منوتشين كان خاطئاً لأنه لم يكن هناك لأي دولة من بديل عن الدولار في تعاملاتها، حيث إن الطريقة الصحيحة لفرض العقوبات حسب ما يرى هي تطبيقها بسرعة وبشكل غير متوقع، وبجعلها عقوبات شاملة غير مُجزأة، بالإضافة إلى استخدام الأصول العسكرية لاعتراض التجارة غير الشرعية إذا لزم وتحتم الأمر.

ضجيج منوتشين

إن موضوع تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران حسب بولتون من المفترض أن يكون أكثر سهولة بمكان، ولكن العملية كانت أكثر إرهاقاً حسب ما يرى، فالقرار كان له عائق دائم وهاجس هو ارتفاع سعر النفط عالمياً في حال ما توقف النفط الإيراني، وكان معظم هذا الضجيج قادماً من مكتب منوتشين والخزانة، كـ: «مصدر غير خبير في أسواق النفط العالمية» بكلمات بولتون.

ويقول بولتون إن ترامب فكر في إنهاء العقوبات على إيران بسبب حدة التوتر، لكنه عاد وهاتف وزير خارجيته مايك بومبيو من البيت الأبيض قائلاً: «سنطبق العقوبات على إيران بحد أقصى، افعل ذلك على الفور، بما في ذلك العقوبات على النفط».

ويذهب بولتون إلى أن منح إيران فرصة 6 أشهر بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني كان هدية من السماء لطهران وكان كرماً مبالغاً فيه!، لذا يرى أنه على الإرادة المقبلة في البيت الأبيض إنهاء نهج وزير الخزانة ستيفن منوتشين، حتى يعرف الجميع أن العقوبات الاقتصادية هي سلاح لا يستهان به، و«سنستخدمه بفعالية أكثر ولن نشعر بالذنب في ذلك».



اقرأ أيضاً : مسبار الأمل .. من الألف إلى الياء