السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

كتاب بولتون: ترامب وجين بينغ .. محور الكبار والشرق الأوسط البعيد

كتاب بولتون: ترامب وجين بينغ .. محور الكبار والشرق الأوسط البعيد

الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني.(أرشيفية)

الغرفة التي شهدت الأحداث».. كُتّاب يروي فيه جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ما دار بين أفراد غرفة الأحداث «المكتب البيضاوي»، وبين الرئيس دونالد ترامب.. حيث يأخذنا المؤلف في رحلة سياسية مشوقة تمزج بين الجد والهزل، فمن روسيا إلى الحرب التجارية مع الصين، ومن الملف النووي وضفادع إيران وتفجيرات مضيق هرمز إلى القدس عاصمة لإسرائيل، ومن جدار المكسيك إلى فنزويلا ـ مادورو، ومن إيمانويل ماكرون إلى أنجيلا ميركل، ومن زيارة آبي لإيران إلى الحوثي، ومن أردوغان الصديق إلى العدو الأول.. وقضايا أخرى كثيرة تترجمها «الرؤية» وتعرضها في 6 حلقات، وفيما يلي نص الحلقة الثالثة:

يتابع جون بولتون سرد حكايته من الغرفة التي شهدت الأحداث، عبر مرافقته ونقاشاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سواء وجهاً لوجه أو في المكتب البيضاوي أو عبر الهاتف، إذ يقول بولتون: «لم أتمكن من بلورة أي نظرية شاملة لإدارة دونالد ترامب، ولا توجد أي طريقة لفهم ما يحاول ترامب فعله من خلال إدارته للأمن القومي الأمريكي».

ويضيف المستشار السابق: «إن الحكمة المألوفة عبر تعاقب الرؤساء الأمريكيين على واشنطن لم تظهر في مسار الرئيس ترامب»، ويضيف بأن ترامب كان طيلة الـ15 شهراً الأولى في كرسي الرئاسة متردداً وخائفاً، والأسوأ أنه كان محاطاً بطاقم من نوع «نعم سيدي»، حيث إنه لم يجرؤ أحد حسب بولتون على معارضة الرئيس.


ويعود بولتون ليوضح ما اعترى ترامب في مسيرته كرئيس قائلاً: «مع مرور الوقت اكتسب دونالد ترامب ثقة أكبر في نفسه، لكن وقتها كان محور الكبار قد رحل وتساقطت وتناثرت الأشياء»، ويقصد بولتون بمصطلح «محور الكبار» ركائز وموظفي المكتب الرئاسي، الذين أقالهم ترامب الواحد تلو الآخر.


خلف الصخور

ويضيف بولتون أن محور الكبار لم يخدم ترامب بالشكل اللائق، حيث إنه لم يطلعه حتى على كيفية إدارة البيت الأبيض والحكومة الفدرالية الأمريكية الضخمة في بداية فترته الرئاسية، كما أن ترامب أحس ببعض المؤامرات «خلف الصخور» على حد تعبير بولتون، ولكن يعود المستشار السابق للقول: إن ذلك لم يكن خطأ لمحور الكبار، بل لأن: «ترامب هو ترامب»، والذي اعتقد أن بإمكانه تسيير الجهاز التنفيذي ووضع سياسات الأمن القومي اعتماداً على «الغريزة»، وعلاقاته الشخصية مع القادة الأجانب، وكذا مهارة إدارة الحوارات التلفزيونية!

لذا يقول بولتون: «إنه من الناحية المؤسسية، فإن انتقال السلطة في عهد دونالد ترامب كان عملية فاشلة بكل المقاييس ودون رجعة في ذلك، إذ إن أغلب من اختارهم ترامب لم يكونوا جديرين حتى بمناصب متدنية في البيت الأبيض، لعدم امتلاكهم خبرة سابقة في الجهاز التنفيذي»، ويضيف بسخرية قائلاً: « بعضهم لم يقرأ حتى كُتيّب إرشادات إدارة الحكومة الفيدرالية الأمريكية».

ويروي بولتون أنه عندما التحق بإدارة دونالد ترامب عاين بنفسه مشكلات كان من الممكن حلها في الـ100 يوم الأولى لفترة ترامب «لكنها كانت فوضى».

وللتفصيل أكثر في فوضى البيت الأبيض في عهد ترامب، قارن بولتون ذلك بطبيعة العمل في البيت الأبيض بوصف الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز لعلاقات البشر فيما بينهم: «علاقات فقيرة، بغيضة، وحشية وقصيرة»، ذلك أن هوبز ذكر ذلك في سياق بيئته الإنجليزية بين أواخر القرن الـ16 ومنتصف القرن الـ17، والتي عرفت بحرب على الجميع، حيث إن كل فرد من المجتمع مسكون بهاجس البقاء، والخشية على وجوده من تربص الآخرين فيلجأ للقوة والعنف من أجل أن يردعهم، وحينها عمَّت الفوضى.

بيروقراطية كلاسيكية

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قرر ضرب قلب صناعة الأسلحة الكيميائية السورية في أبريل 2018، وكانت عملية صناعة هذا القرار غير معقولة على الإطلاق حسب بولتون: «لقد كانت تجربة بيروقراطية كلاسيكية بامتياز، حيث إن ترامب هيكل الخيارات المطروحة على المكتب لجعل خياراته فقط هي التي تبدو معقولة، حتى إنه لم يساعد محيطه في معرفة ماذا يريد بالضبط!».

ويضيف أنه ظل يقفز من سؤال لآخر، فبدل أن تناقش الغرفة عواقب كل الخيارات ظل الجميع يناقش خياراً واحداً دون الخيارات الأخرى، وهنا يصف بولتون ذلك النقاش بأنه: «جهود محبطة وغير متماسكة لعملية صناعة القرار».

ويسرد بولتون تفاصيل مهمة حول الإرهاب المتطرف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ويقول أنه بدأ قبل 11 سبتمبر 2001، وأنه سيستمر لا محالة، لكن ترامب لم يعجبه ذلك، وتصرف على أساس أنها حرب غير موجودة، حسب بولتون، حتى إنه عارض التواجد العسكري الأمريكي في «حروب لا تنتهي» على حد تعبير ترامب.

ويضيف بولتون أن ترامب أراد الانسحاب من أفغانستان وسوريا لكن لم تكن لديه خطة متماسكة لتطبيق عملية الانسحاب، فلم يجد أي مخرج، وعندما سُئل عن مصير حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد سحب القوات الأمريكية، قال ترامب: «الشرق الأوسط على بعد آلاف الأميال».

علاقة ثمينة

في الرابع من أكتوبر 2018، انتهز مايك بنس نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية خطاباً له في معهد هيوستن للأبحاث وصرح بأن الصين تستخدم نفوذها بطرق استباقية للتدخل في السياسات الداخلية للولايات المتحدة، وأنها تريد رئيساً أمريكيا مختلفاً، وكما نقل بولتون بأنها تستخدم معلومات سرية ومجموعة واسعة من البيانات العامة، لكن ترامب كما يروي بولتون: لم يكن يريد أن يصرح نائبه، مايك بنس، بأي شيء قد يضر بعلاقة ترامب «الثمينة» مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، بل حتى إنه قادر على تحمل سياسة بكين لأنه رأى أنها تستهدفه شخصياً.

وفي علاقة دونالد ترامب بالرئيس الصيني شي جينبينغ، يروي بولتون أنها كانت حركة فاضحة من إدارة ترامب بمحاولتها تزييف معلومات متعلقة بفيروس كورونا كانت الصين قد تورطت فيها، حتى إن تقريراً إخبارياً تطرق لذلك، وهذا ما شكل حرجاً لإدارة ترامب بسبب محاولة تقييد نشر المعلومات، وهنا يقول بولتون: «كل ذلك كان بسبب تردد ترامب خوفاً من التأثير سلباً على اتفاق التجارة الأمريكي ـ الصيني أو الإساءة لعلاقته الشخصية مع الرئيس الصيني».

ويضيف بولتون أنه في جلسة خاصة مع ترامب قال له: «الصين وروسيا تمثلان تهديداً للولايات المتحدة الأمريكية»، وهنا يقول بولتون: «تمنيت أن يسمع الإعلام ذلك لا أن يتم ذلك في جلسة خاصة».

لكن يعود بولتون من غرفة الأحداث إلى لقاء جمع بين ترامب وشي جينبينغ على هامش قمة الـ20 التي عقدت في أوساكا باليابان العام الماضي.

ويقول بولتون إن الرئيس الأمريكي «حوّل الحديث بشكل مذهل إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2020، مشيراً إلى قوة الصين الاقتصادية، وطالباً من الرئيس جينبينغ أن يضمن فوزه في تلك الانتخابات»، كما أن ترامب لمح في بعض المرات إلى نيته في الاحتفاظ بمفتاح البيت الأبيض أكثر من فترتين رئاسيتين.

اقرأ أيضاً : مسبار الأمل .. من الألف إلى الياء