الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كتاب بولتون.. كره القانون وتمزيق الناتو

كتاب بولتون.. كره القانون وتمزيق الناتو

ميركل وترامب. (أ ف ب)

«الغرفة التي شهدت الأحداث».. كتاب يروي فيه جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ما دار بين أفراد غرفة الأحداث «المكتب البيضاوي» وبين الرئيس دونالد ترامب.. حيث يأخذنا المؤلف في رحلة سياسية مشوقة تمزج بين الجد والهزل، فمن روسيا إلى الحرب التجارية مع الصين، ومن الملف النووي وضفادع إيران وتفجيرات مضيق هرمز إلى القدس عاصمة لإسرائيل، ومن جدار المكسيك إلى فنزويلا ـ مادورو، ومن إيمانويل ماكرون إلى أنجيلا ميركل، ومن زيارة آبي لإيران إلى الحوثي، ومن أردوغان الصديق إلى العدو الأول.. وقضايا أخرى كثيرة تترجمها «الرؤية» وتعرضها في 6 حلقات، وفيما يلي نص الحلقة السادسة والأخيرة:

يتابع بولتون روايته فيقول: «بينما كان الجميع يترقب ضربات الولايات المتحدة الأمريكية للنظام السوري بسبب استخدامه للأسلحة الكيمياوية، كان الإعلام يتابع خلف الكواليس شيئاً آخر!».

يشير بولتون إلى أن الولايات المتحدة كانت قد فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا في 6 أبريل 2018 للتو، حسب «قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات»، وهنا يقول بولتون: «إن دونالد ترامب كان قد كره ذلك القانون، لأن روسيا كانت هدفاً له»، وهو يعني هنا القانون.

فما كان يتابعه الإعلام في وقت ترقب الضربات الأمريكية على النظام السوري هو الإجابة على السؤال: هل تواطأ الرئيس ترامب مع روسيا للظفر بالمكتب البيضاوي في انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016 أم لم يفعل؟

الزعيم الروسي اللغز

يضيف بولتون مفسراً ذلك الكره الذي كنّه ترامب لقانون العقوبات، بأنه إذا اعترف ترامب بتدخل الروس في السياسة الداخلية للولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في أوروبا، فإن ذلك سيعتبر حسبه اعترافاً بأنه تواطأ مع روسيا في حملته لانتخابات 2016.

ويقول بولتون: «لقد كان ترامب مقتنعاً بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، حيث إن وجود هذه الأخيرة في سوريا كان له دور محوري لنظام بشار الأسد، وربما أن الروس كانوا قد سهلوا عمليات القصف الكيماوي»، لكن عاد ترامب فيما بعد وقال لمستشاره: «لقد أوضحنا وجهة نظرنا، ويمكن أن نضربهم بقوة أكبر إذا تحتم الأمر، كما أننا قد فرضنا للتو عقوبات جديدة على روسيا كما ينص القانون»، ويُقر بولتون فيما بعد بأن تلك العقوبات الاقتصادية على روسيا كانت قوية من قبل إدارة ترامب.

ولكن يعود بولتون ليقول: «إنها وجهة نظر سياسية خاطئة»، وكان من المفترض أن تتعامل أمريكا بحزم أكبر مع روسيا نظراً لجهودها «لتخريب الانتخابات الرئاسية»، بدلاً من تجاهل هذا الدور خوفاً من الاتهام بالتواطؤ معها، خاصة أن العقوبات كانت قاسية على روسيا، فكأنما يقول بولتون هنا إن هذا دليل على البراءة.

أما فيما يتعلق بتقييم ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فلم يوجه بولتون السؤال لرئيسه خوفاً مما قد يسمع حسب المؤلف.. وهكذا يقول بولتون: «ظل رأي ترامب الشخصي في الزعيم الروسي لغزاً غامضاً».

أنابيب السيل الشمالي

في أحد الأيام يقول بولتون: ذهبت لإطلاع ترامب مسبقاً بالمستجدات في غرفة طعام صغيرة في الطابق الثاني للبيت الأبيض، وكان هناك مايك بومبيو وزير الخارجية، وجيمس ماتيس وزير الدفاع السابق، وكيلي كرافت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتّحدة.. عندما دخلت الغرفة قلت: «إنني أعرف أنه ليس لي تأييد كبير في هذه الغرفة».

بعدها دخل الغرفة ينس ستولتنبرغ أمين عام حلف شمال الأطلسي، فبدأ ترامب في تمزيق حلف الناتو على الطاولة، حيث قال: «إن العديد من حلفائنا في الناتو مدينون لنا بمبلغ هائل من المال منذ عقود»، وهنا أوضح ينس أن إنفاق حلف شمال الأطلسي زاد بـ40 مليار دولار منذ انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة.

ويضيف بولتون أن ترامب حينها تابع: «إنه لمن المحزن أن توقع ألمانيا صفقة ضخمة للنفط والغاز مع روسيا، في حين نحن نحمي ألمانيا وغيرها من الدول ومع ذلك فهم يدفعون لروسيا.. إن ألمانيا بالكامل تحت السيطرة الروسية، لقد استولت روسيا على ألمانيا»، وهنا يقصد ترامب خط أنابيب السيل الشمالي 2 المشترك بين الروس والألمان.

الحرب العالمية الثالثة

ويشير بولتون إلى اعتقاد ترامب بأن حلف الناتو لا يخدم أمريكا حيث تساءل: «لماذا على الأمريكيين الدخول في حرب عالمية ثالثة وأن يقاتلوا نيابة عن دول لا تدفع مساهمة كافية في حلف شمال الأطلسي»، وهنا كان ترامب يقصد ألمانيا والتي وصفها بالدولة الغنية بالدرجة الأولى، ثم مقدونيا العضو الأحدث في الحلف.

ويتابع بولتون: «إن ترامب اعتقد أن أعضاء الناتو سيدفعون أكثر إذا علموا أن الولايات المتحدة لديها نية المغادرة»، ويتجاوز بولتون ذلك الحوار إلى كلامه مع ماتيس، حيث كان حوار ترامب مع أمين عام حلف شمال الأطلسي قد امتد، وهنا يقول بولتون إن ماتيس استدار نحوه وقال: «لقد أصبح هذا الحوار سخيفا جداً»، إلى أن عاد ترامب نحو ماتيس وأخبره بألّا ينفق المزيد على حلف الناتو.

ويروي بولتون أن ترامب في أول لقاء ثنائي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قال لها: «نحن لم تتم السيطرة علينا كلياً من قبل روسيا» في إشارة لصفقة خط أنابيب السيل الشمالي 2 الألماني ـ الروسي، لكن ميركل سألته عن الرئيس الروسي بوتين، إلا أن ترامب تملَّص وتهرّب من الإجابة المباشرة، حيث أصر على الكلام عن التعريفات العالية التي سيطبقها مستقبلاً على الواردات الألمانية إلى الولايات المتحدة، وعلى رأسها السيارات والشاحنات، إذ اشتكى أن التعريفات الألمانية على السيارات الأمريكية تعادل 4 إلى 1 تعريفات السيارات الألمانية التي تفرضها الولايات المتحدة.

الطالبة الجاسوسة

وفي إطار محادثات الكبار، يقول بولتون إن ترامب اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتسريب ما يدور بينهما من محادثات، وهو ما استنكره الأخير، كما أن ترامب على الجانب الأمريكي اتهم جيمس ماتيس بالتسريبات.

ويواصل بولتون بأن ماكرون في تلك الجلسة أراد أن يعرف مصير ونهاية لعبة الحرب التجارية بين أمريكا والصين، لكن ترامب قال: «لا يهم ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي».

ويروي بولتون في فترة عمله كسفير للأمم المتحدة من 2005 حتى 2006، أن التقارير الإعلامية كانت قد وصفته بأبشع النعوت على شاكلة «كسول، متحيز، غير كفء..»، لكن ما نشرته عنه ماريا بوتينا بشأن محاولة تجنيدها له كجاسوس روسي كان شيئاً آخر.

وفي سياق متصل اتهمت الولايات المتحدة ماريا بوتينا (29 عاماً) بالعمل كجاسوسة روسية بالتسلل إلى مجموعات سياسية نافذة في أمريكا، وبحسب تقارير وسائل إعلام أمريكية، فقد طورت بوتينا علاقات مع الحزب الجمهوري وأصبحت محامية مدافعة عن حق امتلاك السلاح.