الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

«غاز الأعصاب الروسي» يُسمم علاقة ميركل ببوتين

«غاز الأعصاب الروسي» يُسمم علاقة ميركل ببوتين

بوتين وميركل. (رويترز)

لا يبدو أن تداعيات تعرض المحامي الروسي المعارض أليكسي نافالني للتسميم بغاز الأعصاب «نوفيتشوك»، ستقتصر فقط على الداخل الروسي، حيث تثير الحادثة الكثير من غيوم الريبة والتوجس في ألمانيا منذرة بتوتر جديد في علاقات برلين وموسكو.

وتناولت وسائل إعلام ألمانية الملف مسلطة الضوء على الضغوط التي يضعها على كاهل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وموضحة أن التطورات الأخيرة تضع مصداقية الخارجية الألمانية على المحك.

ووصف موقع «تاغس شاو» الموقف الحالي بالمدمر للعلاقة بين البلدين، مؤكداً أن القضية تثير أسئلة غير مريحة للحكومة الألمانية، نظراً لأن عدم تجاوب موسكو لتوضيح حقيقة الأمر يجعل إعادة تنظيم سياسة ألمانيا تجاه روسيا أمراً لا مفر منه.

وأشار الموقع إلى أن برلين كانت حريصة دائماً على استراتيجية مزدوجة مع موسكو عبر الحوار والضغط، إلا أن قضية «نافالني» تقلب الأوضاع ولا تترك مجالاً لضبط النفس الدبلوماسي، خصوصاً أنها باتت قضية سياسية للحكومة الألمانية بعد نقل نافالني للعلاج بمستشفي «شاريتيه» في برلين.

وفي تقرير لموقع «أيه أر دي» بعنوان «ميركل تخاطر بشكل كبير»، وصف الموقع موقف المستشارة الألمانية بالمحرج، لأن التعامل بطرق قديمة على غرار طرد دبلوماسيين روس، لن يكون مجدياً هذه المرة، حيث إن العالم ينتظر من كل من موسكو وبرلين تقديم إجابات حول الملف.



دائرة ميركل الانتخابية

وأكد التقرير أنه مع قرار إنقاذ حياة نافالني في برلين أصبحت ألمانيا الخصم الرئيسي للحكومة الروسية وهو الخطر الكبير الذي تخوضه المستشارة في الوقت الحالي، وخاصة أن هناك دولاً داخل الاتحاد الأوروبي لا تريد تعريض علاقتها بروسيا للخطر مثل المجر أو سلوفينيا على سبيل المثال، كما أن ضرب مشروع «نورد ستريم 2» لن يكون موجعاً فقط لموسكو بل سيكون أيضاً مريراً لميركل، لأن المشروع على وشك الانتهاء وستستفيد منه دائرتها الانتخابية في مكلنبورغ - فوربومرن بشكل خاص.



بدورها، تطرقت مجلة «دير شبيغل» في تقرير تحت عنوان «ألمانيا وروسيا.. الألم والعزلة» إلى السنوات الماضية التي طورت فيها ميركل مع بوتين علاقة ميزتها البراغماتية السياسية الواقعية، مشيرة إلى أنه من المرجح في ظل التطورات الأخيرة أن تتغير العلاقة بشكل درامي كبير

.

ورصد التقرير أبعاد العلاقة بين ميركل وبوتين وإدراك كل منهما لكيفية تقييم قوة الآخر والتأثير عليه، مشيراً إلى حادثة إحضار بوتين كلبه أمام ميركل أثناء زيارتها لموسكو عام 2007، في حركة حاول الرئيس الروسي عبرها استغلال خوف ميركل من الكلاب منذ تعرضها عام 1995 لهجوم من كلب صيد قرب من منزلها.



المحامي الروسي المعارض أليكسي نافالني.



صياغة رد حازم

وفي السياق ذاته، أكد لـ «الرؤية» لؤي المدهون الخبير في الشؤون الأوروبية والباحث بجامعة كولونيا، أن مراجعة سياسة ألمانيا تجاه روسيا ترتبط بقدرة الحكومة الألمانية والأحزاب السياسية الفاعلة على صياغة رد فعل واضح تجاه ما يعدّ سياسة عدوانية ضد المعارضة الديمقراطية في روسيا، وعلى قدرة برلين على تشكيل موقف أوروبي موحد في هذا الإطار.

ولفت إلى أن العلاقات الألمانية الروسية كانت في وضع صعب جداً سابقاً، حيث تم اغتيال معارضين لبوتين وسط برلين قبل عام تقريباً، ولم ترد الحكومة الألمانية وقتها بشكل حاسم على أنشطة المخابرات الروسية على الأراضي الألمانية، موضحاً أنه يبدو هذه المرة، أن موسكو قد تجاوزت الخط الأحمر وفق القراءة الألمانية، خاصة أن نافالني قد تم تسميمه بغاز الأعصاب «نوفيتشوك»، الذي استخدمته أجهزة المخابرات الروسية في الهجوم على العميل السابق سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري الإنجليزية عام 2018.

وعبر المدهون عن اعتقاده بأن برلين غير مستعدة مبدئياً للاستغناء عن خط أنابيب «نورد ستريم 2» لأهميته الاستراتيجية كونه يقلل من اعتمادها على استيراد الغاز والبترول من مناطق بعيدة، إلا أن هناك أصواتاً في ألمانيا تطالب بضرورة تجميد العمل في هذا المشروع لعدة سنوات، على الأقل، حتى يتضح الموقف الروسي من هذه القضية.

ويرى المدهون أن ألمانيا حاولت خلق نوع من التوازن في العلاقات مع روسيا عبر سياسة العصا والجزرة، إلا أن بوتين يستغل تشرذم البيت الأوروبي في مهاجمة الديمقراطيات الغربية وتمويل الأحزاب الشعوبية الأوروبية، موضحاً أن الحادث الأخير يجعل من اللازم اتخاذ موقف ألماني ـ أوروبي حاسم تجاه بوتين، إذا أرادت أوروبا الحفاظ على مصداقيتها وتعزيز قدرتها الردعية أمام النظام الروسي.