الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مركز حكومي نمساوي يحاول إنقاذ الإسلام من لعبة السياسة

يعتبر مركز الدراسات والتوثيق الجديد الذي أنشأته الحكومة النمساوية منتصف يوليو الماضي لدراسة مخاطر الإسلام السياسي الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين بمثابة وضع للإصبع على الجرح لوضع حد لظاهرة خطيرة تهدد المجتمع الأوروبي بكامله.

وقال الدكتور مهند خورشيد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية والذي يشترك في رئاسة المجلس الاستشاري العلمي للمركز الجديد، في تصريحات لموقع «دوم راديو» الألماني، إن عملهم سيتركز على دراسة وفحص هياكل المتطرفين باسم الإسلام وتأثيرهم في النمسا وأوروبا لمواجهتهم، وأن المركز يضع يده على الجرح الغائر الذي ينهش في جسد المجتمع.

وأضاف أن قرار النمسا بتدشين هذا المركز يرجع إلى أنه منذ فترة طويلة تكاد جهود أوروبا في مكافحة التطرف تنحصر بشكل علني على جماعات مثل السلفيين، مع التغاضي عن جماعات الإسلام السياسي لأنهم يظهرون وكأنهم أقل خطورة ولكن هذا بالضبط ما يجعلهم خطيرين للغاية.

وقال إن تنظيمات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان، تعد أكبر بكثير وأفضل تنظيماً من الجمعيات السلفية وبالتالي أكثر خطورة.

وأشار إلى أن النمسا تعد واحدة من أوائل الدول في أوروبا التي أدركت التهديد الذي يشكله أفكار هؤلاء على المجتمع الحر الديمقراطي، وأن المستشار النمساوي سيباستيان كورتس قرر وضع إصبعه على الجرح وأنشأ مركز التوثيق في اتفاق الائتلاف مع حزب الخضر.

وأكد التقرير أن الإسلام السياسي تكمن خطورته في أن ممثليه يظهرون على أنهم يحترمون الدستور والقوانين الأوروبية ويدينون العنف ويدعون إلى دمج المسلمين في الحياة الاجتماعية، ولكن في داخلهم يحملون أفكاراً تناقض ذلك تماماً، وأنهم يتبعون أجندة سياسية تصل لحد التسلل داخل المجتمع من خلال اكتساب النفوذ في الأحزاب واللجان والمؤسسات مع الارتباط الوثيق بالهياكل المتطرفة في بلدانهم الأصلية.

وقال خورشيد في التقرير إن جماعة الإخوان تتحرك تحت ستار الحرية الدينية في أوروبا وتطالب بالمزيد من الحقوق الخاصة من الدولة وتحاول بشكل منهجي منع المسلمين من التكيف مع الثقافة الغربية، لأنهم يهدفون في النهاية لتحويل أوروبا إلى نظام يعبر عن رؤيتهم للإسلام.

وأكد أن أحد مهامه بالمجلس الاستشاري العلمي لمركز التوثيق أن يرسي قواعد التمييز بين الإسلاميين والمسلمين الذين يتبنى بعضهم عقيدة محافظة، لكن حياتهم أمر شخصي خاص، وهؤلاء لا يمثلون تهديداً للمجتمع الديمقراطي الحر.

وأضاف أنه عبر هذا التمييز يمكننا أن ندحض نظرية إثارة الذعر التي يستغلها الشعبويون اليمينيون في أوروبا.

وقال إنه يجب أيضاً مواجهة استراتيجية الإسلاميين، الذين يريدون إسكات أي انتقاد لهم بعبارات مثل «الإسلاموفوبيا» و«العنصرية ضد المسلمين» والذين يريدون تقديمها على أنها انتقاد للإسلام نفسه.

وأكد أنه لا يمكن التقليل من شأن التهديد والخطر الحقيقي الذي يمثله الإسلام السياسي من منطلق التسامح الزائف، لأنه يشتد ويصبح أكثر قوة وطلباً في أوروبا، مشيراً إلى الانتخابات المحلية الأخيرة في الولاية الألمانية «نورد راين فستفاليا» حيث تبين أن عدداً من المرشحين الأجانب داخل الأحزاب ينتمون إلى جماعة الإخوان.

وقال إن أبطال الإسلام السياسي في أوروبا هم جماعات الإخوان والمنظمات القومية التركية التي تتبع نفس نهجهم، وأنهم أنشؤوا شبكة متشعبة من الجمعيات التي تعمل في الخفاء، وتتوغل الجماعات التركية، التي يطلق عليها «الذئاب الرمادية»، بقوة داخل منظمات وأحزاب ألمانية وأوروبية، وغالباً ما يرتبط هؤلاء ارتباطاً وثيقاً بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي تريد زيادة نفوذها على الأتراك في أوروبا.

وأكد أنهم يروجون لفهم رجعي للإسلام ويستخدمون الدين كعنصر استقطاب لتخريب اندماج الأتراك في أوروبا، ويعملون بالتنسيق مع جماعة الإخوان.

وأشار لضرورة التحقق من أين تنتهي الدعوة الدينية المشروعة ويبدأ الإسلام السياسي، وخاصة عندما نرى أمثلة مثل أن تدعو منظمة ديتيب التركية، التي تدير المساجد التركية في ألمانيا، وتسيطر عليها أنقرة، جماعة الإخوان إلى مؤتمر في كولونيا.

وأشار التقرير لضرورة أن تتبع ألمانيا خطوات تشبه النمسا في إنشاء مثل هذا المركز، وقال خورشيد إن القضية متروكة إلى حد ما للسلطات الأمنية في ألمانيا وهذا يعد خطأ لأن هناك تغلغلاً كبيراً للإسلام السياسي بالفعل في الطبقة الوسطى.

وأكد أنه يجب على المجتمع المدني التعامل مع ذلك وأن يتم بحث هذه الأمور بشكل كافٍ لأنه في ألمانيا حتى الآن لم يظهر سوى غيض من فيض في تقرير حماية الدستور عن خطر جماعة الإخوان، وأنه من مصلحة هؤلاء المسلمين الذين يناضلون من أجل إسلام مستنير أن ينكشف هذا الاتجاه المتطرف.