الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أردوغان يلعب بـ«ورقة الدين» في خلافه مع ماكرون

اتسعت شقة الخلاف بين باريس وأنقرة بصورة متزايدة على مدى الشهور الماضية بسبب استفزازات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق المتوسط وتدخله في ليبيا. تزامن تصاعد الخلاف مؤخرا مع انطلاق حملة شعبية في دول عربية لمقاطعة المنتجات التركية بسبب سياسات أردوغان. وسرعان ما انتهز الرئيس التركي الفرصة حين ظهرت اعتراضات في دول إسلامية على سياسات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للتصدي لممارسات المتطرفين الإسلاميين في فرنسا. وجد أردوغان ومؤيديه من جماعة الإخوان ضالتهم في تلك الأجواء لصرف الانتباه عن حملة مقاطعة المنتجات التركية وعن الاستنكار لسياسات أنقرة التي تخسر اصدقاءها في المنطقة واحدا تلو الآخر، وعملوا على استغلال الوضع لتبييض وجه أردوغان وسياساته، بحسب محللين تحدثوا ل "الرؤية".

يقول الخبير في العلاقات الدولية والتركية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيحية، بشير عبد الفتاح، إن الرئيس التركي استغل هذا الأمر لتصفية حسابات فرنسية تركية تسبق تصريحات الرئيس الفرنسي، فهناك منافسة بين تركيا وفرنسا في إفريقيا، في سوريا، في العراق، في شرق المتوسط، وهذا كان واضحا للغاية.



وأضاف أن فرنسا تحرك حلف الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي ضد تركيا بشكل لافت، أردوغان استغل تصريحات الرئيس الفرنسي عن الإسلام والمسلمين، وبدأ يهيج الرأي العام الإسلامي، ووظف الدين في الداخل والخارج، وخاصة في السياسة الخارجية التركية، واستفاد من ذلك في كل الملفات الخلافية مع فرنسا، إضافة إلى محاولة التغطية على حملة مقاطعة المنتجات التركية التي كانت قد بدأت تتوسع بشكل كبير.


تصعيد وبذاءة

وقد استدعت باريس مساء السبت سفيرها لدى أنقرة للتشاور بشأن ما صدر من تصريحات "غير مقبولة" غير مقبولة من أردوغان والتي شكك فيها ب "الصحة العقلية لنظيره الفرنسي.

وقالت الرئاسة الفرنسية إن "تصريحات الرئيس أردوغان غير مقبولة. تصعيد اللهجة والبذاءة لا يمثلان نهجا للتعامل. نطلب من أردوغان أن يغير مسار سياسته لأنها خطيرة على كل الأصعدة. لن ندخل في سجالات عقيمة ولا نقبل الشتائم".

وقال عبد الفتاح إن ما يفعله أردوغان مع الأكراد ذوي الأغلبية السنية، من تهجير وقمع، ينتقص من أي ادعاءات يروج لها على أنه مدافع عن الإسلام والمسلمين، كذلك ينتقص منها دعمه للإرهاب في دول إسلامية كثيرة يسقط فيها جرحى وقتلى من المسلمين، ومنها ما يفعله في سوريا والعراق.

وقال إن ترتيب تركيا بين الدول الداعمة للقضية الفلسطينية والإسلامية خارج أهم 15 دولة إسلامية في قائمة الأكثر دعما، سواء في دعم القضية الفلسطينية أو باقي القضايا الإسلامية عموما، فيما جاءت الإمارات والسعودية ومصر في المقدمة.

وتابع، أن أردوغان لم ينجح في تبييض وجهه، لسبب بسيط هو أن الجميع يعرف أن هناك خلافات متعددة، متنوعة الأبعاد بين ماكرون وأردوغان في ملفات سياسية واقتصادية، فصدقية الدعوى الأردوغانية مشكوك فيها.

متاجرة بالقضية

ومن جانبها، قالت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتورة نهى أبو بكر، إن محاولة أردوغان استخدام الدين لعبة في الخلاف مع أردوغان محاولة مكشوفة. وأضافت أن قمع تركيا للأكراد يختلف كلية عن سياسات ماكرون بحق المتطرفين في عدة نقاط ومنها استخدام أردوغان للعنف والقتل والاعتداء على أراضي دول أخرى تحت زعم ملاحقة مقاتلين أكراد.

وحذرت بكر من خطورة الانجراف وراء مزاعم أردوغان الذي يواجه أدلة دامغة على انتهاكات نظامه، ويحاول تبييض وجه تركيا بعدما حولها إلى دولة مارقة تنتهك القانون الدولي، وتتدخل في الشئون الداخلية للدول في المنطقة.



وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، إن أردوغان يريد أن يظهر وكأنه زعيم العالم الإسلامي السني، ومحاولاته هذه لن تجدي فمعروف أنه أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 49، وإسرائيل تدخل تركيا بدون فيزا، إضافة لإرساله قوات إلى ليبيا وكان الأولى به إذا كان يناصر القضية الفلسطينية حقا أن يرسل القوات لغزة مثلا.

وأضاف أن الرئيس التركي يتاجر بالقضية الفلسطينية، والإسلامية، مشيرا إلى أن رأى أن هذه الورقة تحقق مردودا بالعزف على وتر الدين في المنطقة، وهو يجيد استخدام هذه الورقة.

وفي نفس الوقت، انتبه كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لموقف أردوغان ومؤيديه الإخوانيين صرف النظر على حملة مقاطعة المنتجات التركية.

وفي مقابل الحملات التركية، تصدر موقع تويتر في العديد من الدول العربية وسومات تذكر بضرورة الاستمرار في الموقف من نظام أردوغان، ومنها "لا للمنتجات التركية. لا للمنتجات الفرنسية"، وأيضا "مستمرون بمقاطعة تركيا".

وكتب المستخدم منذر أل الشيخ مبارك على تويتر قائلا "تاريخيا كان الأتراك سند للفرنسيين، ولقد اصطلح الخبيث سليم مع ملك فرنسا."

وأضاف أنه "عندما كانت جيوش مصر تتحرك لنصرة الأندلس من الهجمات الفرنسية حرك خبثاء بني عثمان جيشهم لمشاغلتها دعما للفرنسيين، ولذلك مستمرون في مقاطعة تركيا".