الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حقبة «العداء» في العلاقات الأمريكية - الصينية.. بدأها ترامب لتبقى طويلاً

حقبة «العداء» في العلاقات الأمريكية - الصينية.. بدأها ترامب لتبقى طويلاً

الرئيسان الصيني والأمريكي. (رويترز)

قضى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 4 أعوام في البيت الأبيض، حوَّلَ خلالها العلاقات بين بلاده والصين من المنافسة إلى العداء. ويرى محللون أن تداعيات هذا التحول ستمتد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر المقبل.

منذ تولى ترامب مهام منصبه في يناير 2017، سارت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على نحو مندفع ومتسارع وخطير. وفي مجموعة من الخطوات المذهلة على مدى الأعوام الأربعة، أعطى ترامب كامل اهتمامه للصين، لكن لم يكن ذلك على نحو طيب.

تضمنت تلك الخطوات شن حرب تجارية، واتخاذ خطوات لحظر شركات التكنولوجيا الصينية مثل «تيك توك»، والسماح بعمليات تبادل رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وتايوان، وتحميل بكين تبعات السياسات الصينية في هونغ كونغ، وإقليم شينغ يانغ وفي بحر الصين الجنوبي.

وفي إطار حملة ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية، اعتمد الرئيس الأمريكي بقوة على توجيه الانتقادات للصين التي اعتبرها مسؤولة عن وفاة أكثر من 200 ألف أمريكي بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.


ويقول المحلل السياسي المستقل وو شيانج في بكين إن «جميع جوانب العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة تظهر أعراض أزمة». ويرى وو أن الرئيسين الأمريكي ترامب والصيني شي جين بينغ استغلا العلاقات المتوترة بين بلديهما لتحقيق مكاسب سياسية شخصية.

فالرئيس الصيني، وظف الضغط الأمريكي لاستنهاض الشعور بالقومية في الصين، لتمهيد الطريق لنفسه لتولي مقاليد الحكم إلى أجل غير مسمى.

وأوضح وو: «شكل كل منهما اعتماداً على العداء».

وقال هاري كازيانيس، كبير مديري مركز «ناشيونال إنتريست»، مركز بحثي محافظ مقره العاصمة الأمريكية واشنطن، إن ترامب تمكن من توحيد صفي الحزبين الديمقراطي والجمهوري خلف قضية العداء مع الصين.



حتى إن جو بايدن، المرشح الديمقراطي ومنافس ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، تبنى بعضاً من لغة خطاب الرئيس بشأن الصين. ووصل بايدن إلى حد اتهام ترامب بأنه كان ليناً للغاية مع الرئيس الصيني شي، الذي وصفه بأنه «بلطجي».

ويرى الخبراء أنه من خلال تصوير الصين على أنها التهديد الأول الذي يواجه الولايات المتحدة، تمكن ترامب من إقامة علاقة عداء بين الدولتين النوويتين، سوف تستمر بغض النظر عن الفائز في الانتخابات.

وفيما يلي مجالات النزاع الرئيسية بين الولايات المتحدة والصين، وما هو متوقع مستقبلاً:

الحرب التجارية

بدأ ترامب حرباً تجارية مع الصين بعد أسابيع من تنصيبه رئيساً، مطالباً بتحميل بكين مسؤولية ممارساتها التجارية غير النزيهة. وشهد النزاع منذ ذلك الحين فرض رسوم تجارية انتقامية بمنطق «واحدة بواحدة» على بضائع تقدر بمئات المليارات من الدولارات.

وفي يناير الماضي، توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف هذه الحرب التجارية بعدما التزمت الصين بشراء بضائع وخدمات أمريكية إضافية بقيمة 200 مليار دولار على مدى عامين.

وعلى غرار سباق الفضاء بين الولايات المتحدة وروسيا، كان المكون التكنولوجي جزءاً من الصراع الحالي بين أمريكا والصين.

وأصدر ترامب أمراً بفرض حظر على الشركات الصينية الأكثر نجاحاً خارج الصين، وبينها هواوي وتيك توك وتينسينت، ومارس ضغوطاً على الدول الحليفة لبلاده حتى تتجنب استخدام تكنولوجيا هذه الشركات.

وقال كازيانيس: «حول ترامب الحديث برمته، والرواية برمتها، فيما يتعلق بالصين، إلى وضع ينظر من خلاله العالم إلى بكين في شك». وسيستمر هذا في فترة ما بعد الانتخابات.



بحر الصين الجنوبي وتايوان

تعد تايوان وبحر الصين الجنوبي المنطقتين الأكثر عرضة لخطر اندلاع صراع فعلي مسلح على خلفية التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

وتدعي بكين سيادتها على كامل بحر الصين الجنوبي، وهو ممر مائي يتمتع بأهمية كبيرة ويعتقد أنه غني بالموارد الطبيعية. وتدعي العديد من الدول المجاورة للصين حقوقاً مماثلة فيه. وأقامت الصين مواقع عسكرية وعدداً من الجزر الاصطناعية في المياه المتنازع عليها. وفي نفس الوقت، تجري السفن الحربية الأمريكية مناورات تتعلق بـ«حرية الملاحة» في البحر، وهو ما أثار احتجاجات غاضبة من جانب بكين.

ويقول المحلل السياسي وو إنه ليس من المرجح أن تندلع مواجهة واسعة النطاق بين الصين والولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي، لكن من الممكن حدوث صراعات على نطاق ضيق.

ويرى الخبراء أنه من المرجح أن تدخل تايوان، الديمقراطية المستقلة التي تعدها بكين إقليماً منشقاً عنها- في صراع عسكري مع الصين، حيث إن اللغة التي تستخدمها بكين في الحديث عن تايوان صارت أكثر تهديداً، كما أن الدعاية الحكومية في الصين تعمل على إعداد السكان لـ«إعادة توحيد» مع تايوان.

ويقول المحلل سيما نان من بكين: «تعتبر تايوان محل الاهتمام الرئيسي للصين».

وقامت إدارة ترامب بتأجيج النيران من خلال الدفع باتجاه مزيد من مبيعات الأسلحة لتايوان، من ناحية، ومن ناحية أخرى عبر بعض الزيارات الرسمية الأرفع مستوى لتايوان منذ عقود.



حقوق الإنسان

كما تحركت واشنطن باتجاه فرض عقوبات على الصين بسبب القيود التي تفرضها بكين على الحريات في هونغ كونغ، وبسبب قمع الأقليات العرقية في إقليم شينغ يانغ الصيني.

وهنا أيضاً، اختلطت الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأمريكي، فقد قال ترامب لموقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي في شهر يونيو الماضي إنه امتنع عن فرض مزيد من العقوبات على مسؤولين صينيين على خلفية الأحداث في إقليم شينغ يانغ، لأنه كانت هناك «صفقة تجارية»، مضيفاً أنّ تحقيق صفقة «عظيمة» يعني أنه لا يستطيع فرض «عقوبات إضافية».

وقال كازيانيس: «اتخذت إدارة ترامب حقوق الإنسان سلاحاً ضد بكين في إطار استراتيجية احتواء أوسع نطاقاً»، مضيفاً أنه في المستقبل، حال انتخاب ترامب لولاية رئاسية جديدة، ستكون حقوق الإنسان جزءاً من «أدواته» ضد الصين.