الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تركيا.. أحد عوامل تعقيد العلاقات الأمريكية - الروسية

تركيا.. أحد عوامل تعقيد العلاقات الأمريكية - الروسية

الرئيس التركي. (أ ف ب)

تعتبر تركيا أحد عوامل تعقيد العلاقات الأمريكية الروسية، ونقطة ضغط فيها. فالولايات المتحدة ترى بصورة متزايدة أن تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بلاده معادية للديمقراطية والقيم الغربية.

وأدت هذه التصرفات، بالإضافة إلى الوضع العسكري التركي الأكثر صرامة في المنطقة، إلى أن تصبح تركيا على خلاف مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي (خاصة اليونان وفرنسا، والولايات المتحدة).

وتمثل أحد الاتجاهات الأخيرة في السياسة الأمريكية تجاه منطقة شرق البحر المتوسط التي تشهد توتراً بين تركيا واليونان وقبرص، في إقامة تحالفات جديدة تتعلق بالأمن والطاقة مع اليونان، وقبرص، ومصر، وإسرائيل، ولبنان، والأردن من أجل تجنب الاعتماد على تركيا.

وتؤجج علاقات روسيا مع تركيا والتفاعل المتكرر بصورة متزايدة معها هذا السعي لإيجاد بدائل بالنسبة للسياسة الأمريكية.

وبالنسبة لروسيا، تعد زيادة توثيق علاقاتها بحليف رئيسي داخل الناتو، ما يؤدي إلى حدوث خلاف داخل الحلف، تأكيداً لوضعها في المنطقة، وعاملاً مضاداً للجهود الغربية لعزل روسيا سياسياً.

ومن وجهة نظر أردوغان، فإن سعي تركيا لتعزيز إمكانياتها الدفاعية المحلية وشراءها منظومة صواريخ إس-400 من روسيا، على سبيل المثال، يتيح لها اتباع مسار أكثر استقلالية بالنسبة للسياسة الخارجية والأمنية، حتى مع استمرار استفادة تركيا من عضويتها في الناتو. ولا شك أن عدم الثقة التاريخي وعضوية تركيا في الناتو يضعان حدوداً طبيعية حول شراكة تركيا مع روسيا.

ومن المهم ملاحظة أن التصعيد الأخير في التوترات بين تركيا واليونان يمكن أن يلحق الضرر بمصالح روسيا فيما يتعلق بقبرص ومنطقة البلقان.

وذكر تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي أنه على الرغم من أن لموسكو وأنقرة وجهات نظر متعارضة بالنسبة للكثير من نزاعات المنطقة، فإن أي شراكة مصالح، حتى لو كانت محدودة، تساهم في ازدهار الطموحات الإقليمية لتركيا وروسيا على السواء، لملء الفراغ الذي تخلفه الولايات المتحدة في المنطقة.

ويعكس سعي روسيا لإقامة علاقات أكثر قرباً مع تركيا تحولاً أوسع نطاقاً في الاستراتيجية الإقليمية بعيداً عن اتجاه أكثر اعتماداً على مجرد مواجهة التهديدات وانتهاز الفرص. فروسيا تعطي الأولوية لنجاحاتها الدبلوماسية الإقليمية (التي كثيراً ما تعرقل الغرب) في التعاون مع كل اللاعبين الرئيسيين في طرفي أي نزاع.

ويوضح التقرير أنه من المحتمل أن يبدأ التعاون الثنائي في المنطقة بتوحيد ومواءمة المبادرات الدبلوماسية. واستمرار أي تواجد محدود للولايات المتحدة في جنوب غرب سوريا يعني أن روسيا لا تستطيع تحقيق كل أهدافها. وفي هذا السياق، يتعين على الولايات المتحدة وروسيا والأطراف المعنية الأخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وتركيا، العودة لإجراء مباحثات استكشافية.

وقيام تركيا بنقل مرتزقة سوريين إلى ليبيا، ومؤخراً إلى ناغورنو قره باغ، بدأ الآن يهدد مصالح روسيا الرئيسية في منطقة تمثل «نقطة ضعف» بالنسبة لها. والتعاون الدبلوماسي بين الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا تحت إشراف مجموعة منسك أمر مشجع على الرغم من تصعيد النزاع الذي تجد موسكو بصورة متزايدة أنه من الصعب التحكم فيه.

ويؤكد التقرير ضرورة مشاركة الولايات المتحدة وروسيا في حوار لتوضيح مواقفهما وسياساتهما باعتبارهما طرفين رئيسيين في منطقة شرق المتوسط. وينصح الخبراء بأن يتم مثل هذا الحوار بعيداً عن الأنظار وعلى مستوى حكومي كافٍ لضمان إجراء نقاش قوي ومفصل، ولكن ليس على مستوى كبار المسؤولين حتى لا يثير توقعات بأن هناك «اتفاقاً» يجري إبرامه. وفي الوقت نفسه، يعد التنسيق والاتصال العسكري القائم أمراً أساسياً للحد من احتمال وقوع حوادث أو أحداث عسكرية طارئة.

وأوضح التقرير أن العودة إلى إجراء حوار منتظم وغير سياسي بين الدولتين أمر سوف يستغرق وقتاً - خاصة إذا ما شهدت الولايات المتحدة تغييرا في الإدارة - ومن أجل حماية وتوفير الفضاء السياسي لحوار أمريكي - روسي مثمر، يتعين على الدولتين إعطاء الأولوية لتجنب النزاعات، ومنع الحوادث وممارسة ضبط النفس بالنسبة للتصريحات، مع بدء نقاش صريح بشأن حجم التواجد والنفوذ الكافي لكل منهما في المنطقة.